-->

موريتانيا والصحراء الغربية نحو علاقة يجب ان تظل الأقوى


في خضم التفاعل مع التصريحات الاخيرة التي ادلى بها الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني بخصوص اعتراف بلده بالجمهورية الصحراوية واعتبار ذلك ثابتا من ثوابت السياسة الخارجية التي لا تتأثر بتغير الرؤساء، وهو ما اسال الكثير من الحبر واخرج العديد من المقالات والتحليلات والتراشق الاعلامي بين الكتاب الموريتانيين ونظرائهم المغربيين، في معركة محتدمة، بلغت ذروتها في نسف الاعتراف اصلا بوجود موريتانيا كدولة قائمة وذات سيادة. 
هذه الحرب الاعلامية وجد فيها بعض الموريتانيين السانحة لاثبات الولاء للمغرب ورد الجميل الذي لا يعدو مصالح شخصية واطماع انية، على حساب المبادئ والقيم التي باتت تباع لدى البعض ـ للاسف الشديد ـ بفرص الدراسة واسابيع السياحة مدفوعة الثمن، وهو ما يفسر تنطع بعض الموريتانيين في الدفاع عن الاطروحة المغربية حتى وان اقتضى الامر منهم، التنكر لتاريخ امة وجغرافيا دولة تحظى باعتراف نصف دول العالم، في قصر نظر لما شكله نضال الشعب الصحراوي ومقاومته الباسلة على مر التاريخ من حصن منيع لموريتانيا من الابتلاع التوسعي المغربي وجلها لقمة سائغة لتلك الاطماع التي اخرت اعتراف المغرب بالدولة الموريتانية لعقد من الزمن من تاريخ اعلان استقلالها. 
الكاتب الموريتاني أحمد النحوي وفي مقاله بموقع "راي اليوم" تحت عنوان "العلاقات الموريتانية المغربية نحو نموذج جديد لشراكة استثتائية" حاول ان يقفز على الواقع باستعراض جملة من المتناقضات في العلاقة بين المغرب وموريتانيا والتي لا تخفى على احد لكن، اذا عرف السبب بطل العجب. 
و يكفي هذا الشخص ان يدرس في المغرب وان يمنح منصبا زئبقياً "رئيس المنتدى المغربي الموريتاني للصداقة والتعاون" حتى يتنكر لكل شي من حوله، حتى يعمى بصره وبصيرته عن دولة قائمة منذ اربعة عقود ونيف وتضحيات جسام لشعب يقاوم وحقيقة ماثلة عبر عنها الرئيس الموريتاني بكل وضوع بحر الاسبوع المنصرم حيث اكد "أن موريتانيا تعترف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ، وموقفها من الصراع معروف وهو الحياد". 
وأبرز الرئيس الموريتاني خلال لقاء مع الصحافة الموريتانية بالقصر الرئاسي، أنه فيما يتعلق بملف الصحراء الغربية فإن الموقف الموريتاني ثابت في هذا الشأن وهو الاعتراف بالجمهورية الصحراوية وتبني موقف الحياد الإيجابي والوقوف على نفس المسافة بين الإخوة وهو الموقف الثابت الذي لا تغيير فيه. 
وأكد السيد ولد الغزواني أن الصحراء الغربية ملف من الملفات والمواضيع التي لا يتغير تجاهها موقف موريتانيا والذي "لا يجب أن يبقى سلبيا ونحن نحاول على أن نكون بنفس المسافة بين الإخوة ويجب أن يكون الحياد إيجابيا ولا يكون راكدا". 
هذا الموقف لايتوقف فقط على النظام الموريتاني بل يستمد شرعيته من الشعب الذي اعلن عبر ممثليه في الجمعية الوطنية الموريتانية عن تأسيس "فريق برلماني للصداقة الموريتانية الصحراوية"، يتكون من مكتب يضم ستة نواب، وجمعية عامة تضم اكثر من عشرين نائبا برلمانيا، اخذت على عاتقها إحياء وتمتين عرى الصداقة بين الشعبين الموريتاني والصحراوي، وتفعيل مجال دعم ومناصرة القضية الصحراوية العادلة، واحترام حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره بكل حرية وعدالة. 
هذه المجموعة البرلمانية التي تمثل مختلف الأحزاب السياسية الموريتانية موالاة ومعارضة، وينحدر أعضاؤها من كافة مناطق موريتانيا ساهمت في الحفاظ على العلاقات المتجذرة بين الشعبين الموريتاني والصحراوي وعكست متسوى العلاقة الجيدة. 
وامام كل هذه المعطيات الرسمية والشعبية، عن اي جوار يتحدث أحمد النحوي وكيف استطاع ان يتجاوز جدران الحقد المغربية التي شتت العائلات الصحراوية وقسمت ارضها شطرين، باسلاك شائكة وحقول تضم اكثر من عشرة ملايين لغم مضادة للافراد والاليات، تتسبب سنويا في حصد ارواح الصحراويين، لتشكل جزء من جرح ينزف وجرائم حرب تتنافى واخلاق الجوار المهدد اصلا باطماع التوسع وشبح الموت المتربص وتدفق اطنان المخدرات. 
واي شراكة ومستقبل ينتظر المنطقة في ظل سعي المغرب الى تحويلها الى بوابة للمخدرات نحو إفريقيا بعد خرقه لوقف اطلاق النار في الصحراء الغربية وفتح ثغرة الكركرات التي حولها الى معبر يومي لاطنان الحشيش والقنب الهندي التي جعلت موريتانيا ساحة ترويج وعبور للمواد السامة والمدمرة، تحت شعارات التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري. 
بريك كم سيكون ثمن الخضروات القادمة من المغرب عبر الصحراء الغربية من البصل والبطاطا بعد الرحلة الشاقة والطويلة على مسافة اكثر من الفين كيلومتر دون احتساب تكاليف الشحن والنقل إن لم تكن تغطية على ما تحتها من شحنات سامة تضاعف ثمنها الاف المرات، وتدر المال الوفير على تجار واباطرة الحشيش المغاربة، وهو ما كشفته المعلومات الرسمية بعدما رفعت الحكومة الموريتانية شكوى رسمية إلى الأمم المتحدة بخصوص تدفق أطنان المخدرات القادمة من المغرب باتجاه موريتانيا. 
وقد أتت الشكوى خلال لقاءات رسمية، لموفد الأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية ، اعربت فيها موريتانيا عن استياءها لـ “انتشار المخدرات المغربية في الشارع الموريتاني”. 
التصريحات التي جاءت في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء الغربية، 2015، أماطت اللثام عما دار بين الرئيس الموريتاني، و المبعوث الأممي إلى الصحراء الغربية حول موضوع “المخدرات المغربية” وهو موثق وموجود في الموقع الرسمي للامم المتحدة. 
اما بخصوص المنح الدارسية التي يمن بها المغرب على الطلبة الموريتانيين ويرهنها بمصالحه الضيقة، فلا يمكن مقارنتها بما تقدمه الجزائر وسوريا وكوبا وغيرهم من الدول في التكفل بتدريس الطلبة الافارقة بيما فيهم طلبة موريتانيا والجمهورية الصحراوية، دون مَنٍّ ولا أذى، فضلا عما تقدمه من مساعدات مادية ومعنوية للشعوب وفتح المعاهد والكليات المدنية والعسكرية امام الالاف من ابناء القارة الافريقية للتكوين والتأهيل في مختلف الميادين. 
وفي الاخير على الكاتب ان يدرك ان التاريخ الحقيقي والمصير المشترك يبدأ من الواقع والتأسيس لبناء يحترم إرادة الشعوب ويضغط باتجاه تحقيق امالها وطموحاتها في السيادة على اراضيها واسترجاع قرارها، وتحريرها من التبعية والمتاجرين بها لدى الطغاة والانظمة الاستبدادية. 
وان لا نجعل من انفسنا سوطا على اشقائنا الذين يجمعنا بهم الدين والجوار واللهجة والمصير المشترك فنقع في الظلم الذي تحدث عنه الشاعر، طرفة بن العيد:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة .. على المرء من وقع الحسام المهند 
حمة المهدي ـ 13 مارس 2020 ـ مخيمات اللاجئين الصحراويين

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *