-->

التأثيرات السياسية المحتملة للكورونا


لا يختلف اثنان على ان نظام الرأسمالية الذي يقود عالمنا اليوم هو نظام اعمى يعبد الربح، إن كان ربحه امامه كان تقدميا وإن جُعل خلفه كان رجعيا، وإن كان ربحه في مصلحة العالم خدمه، وإن وقفت هذه المصلحة في وجه ربحه استمات في تحقيقه حتى ولو تطلب ذلك تدمير العالم، لن يأتي اي خبير بجديد ضمن هذه المسلمات، لانها اكثر من مشهودة، ولكن لا بأس بتذكيرنا بطبيعة الرأسمالية، كما لا بأس ايضا في التذكير بعيوب الاشاراكية من جهة أخرى، تلك العيوب التي ادت الى تفكيك الاتحاد السفستي، واشك في خلو النظام الصيني منها، رغم الترويج له في هذه الايام. "مَعْلُومَ حَجْتَك إلَى سَلْكَتْ مَنْ حَجَّتْ صَاحْبَكْ" و"اللي احسب وحدو إشيطلو" مما يجعل التغيير الى حد الان غير متاح في اعتقادي او على الاقل سيستثني طبيعة الانظمة.
ما يعني انه لا بديل حتى الان على الاقل، لهذا النظام الرأسمالي المستهتر على الربح وبوحشية فائقة، لان البديل لا يكون الا بما يلهم البشرية ويلبي حاجاتها، ولو نظريا، الشيئ الذي لم يحدث بعد. فنستمر إذن ونستمر محكومين بمفاهيم السياسة الاقتصادية المحضة بقدر من الوقاحة وتغليب المفاهيم المادية على اي شعور انساني لو اخرقي، رغم مقتنا له، غير انه بعد هذه الجائحة التي تجتاح العالم وتلحق به دمارا مهولا في شتى الميادين، سيقلب الكثير من المفاهيم وقد تأخذ السياسة الاجتماعية الانسانية حيزا مهما في مجمل العلاقات، واظن ان تغيرات مؤثرة ستطرأ على العالم في هذا الصدد على مستوى العلاقات الدولية وسيكون لها دور في كل اوجه التعامل، وقد لا يؤثر على بنية الانظمة، ولو ان معالم ذلك لم تتجلا بوضوح بعد، ولكن رياح كورونا تحمل في شراعها امور جديدة لا تقاوم، من المفروض ان تتكيف معها كل الدول لا محالة.
وقد تلعب القوى الوطنية ومسائل اصلاح الشأن الوطني دورا اكبر من ذي قبل في الرفع من شأن البلدان، وسيتضاءل التأثير المتبادل للدول فيما بينها مقابل ذلك. وستتضاءل سيولة الدعم الدولي وتنتج عن ذلك ازمات وحتى مجاعات نتيجة لنقص الهيبات والتبرعات والمساعدات ونظرا لانشغال الدول بشؤونها الخاصة، مما يترتب عنه إعتماد الدول كثيرا على امكانياتها الذاتية لتخطي تلك الازمات. مع امكانية تغير في الهيئات الدولية والقلاقات الدولية عموما. فالنكن نحن ضمن هذا العالم المترامي الاطراف كالمحيط، واعين بما ينتظرنا لنحضر انفسنا لما هو آتي، وخاصة إن افترضنا ان هذا الوضع رغم سلبيتة يصب في صالحنا، باعتباره يجعل الكثير من الاعداء ينشغل بنسه، كما انه يوفر لنا فرص كثيرة وفجوات في العلاقات الدولية يمكننا استغلالها لفرض سيادة الدولة الصحراوية.
2020/04/03
محمد فاضل محمد اسماعيل obrero

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *