-->

عزيزٍ إذ يخفى الموتُ جسده ، فتظل الرايات على روحه تخفقُ








يطفئُ الموتُ ما تضيءُ الحياةُ ، ووراءَ انطفائه ظُلماتُ .
بعميق إيمان لا ينل منه الوجع وإن عظم إيلاما حين أطل علينا الأربعاء الأول من أبريل بخبر ينعي من لا ينعى وهو الساعي ليمنح لشعبه حياة آمن بحقه في الوجود بكرامة في عالم تتقاذفه المصالح ووحوش التجاذبات وتقلبات المواقف. 
لم يحتج الشهيد أمحمد خداد ليعلن حضوره أو يغلظ على الآخرين من حوله وهم العارفون موضعه بينهم ومكانته فيهم معلم نضال ومعلم أجيال ، فيربط الأماكن ببعضها في هدوء وثقة والازمنة بأحايينها في دقة تفاصيل وانضباط قل نظيره .
كنت أعلم عن مسار الرجل قبلا عن بعد بحكم طبيعة مهامه النضالية الصعبة التي أوكلت إليه منذ التأسيس في واحدة من أكثر مراحل الشعوب تعقيدا ، كان على الرعيل الأول أن يواكبها بتجل وصبر وثبات ونموذجية أعجز من أن تتحقق في اي بقعة من العالم في حكاية ثورة صحراوية متفردة المقاومة والصمود .
لكني علمت أكثر وانا التي واكبت عن كثب بعض جوانب عمله المتشعب ، أي عظمة للرجل المتفان وأي قدرة على التحمل والتحامل ومقدرة على نقل الطاقة الإيجابية التي إمتلكها الفقيد بتميز ضليعا في المرافعة واختراق الصعاب وإن جسمت موجها ومواجها أعتى قوى الأرض في سبيل إعلاء صوت شعبه إذ تحاصره مرامي الكتمان والابتلاع والاجهار ومطامح التوسع الأعمى .
في جنيف حيث سعدت بتأدية مهمة رسالة شعبنا في الحرية والاستقلال ضمن فريق عمل عبر العالم فوضته تطلعات شعبه انتصارا للحق وتعزيزا لدعائمه ساقتني الأقدار طيلة السنوات الأخيرة القليلة الماضية إنما كانت كافية وتزيد لأن أكتشف أمحمد الإنسان والأخ والصديق قبل رفيق النضال وزميل المهمة النضالية وفوق ذلك كله الأستاذ الكفؤ في مجالات إثبات الحق والمنافحة لأجله بالقدر الذي أتقن فيه فنون الدبلوماسية وأدبياتها وسبقه في مجالات حقوق الإنسان بمختلف أبوابها والمدينة والاساسية والاقتصادية على التخصص والمعركة القانونية وما تقتضيه من مراكمة كل ذلك في ربط للأحداث وتسلسلا مرتبا لمحطات الفعل ومتابعتها بإتقان .
يطول الحديث ولا يفي رجلا من زمان آخر غير زماننا جعل كل مواقع الأرض موطن ايصال رسالة نبيلة عدد نقاط وصولها بأمانة وإخلاص متناهيان ، فكان أن حفل بشبكة علاقات دولية واسعة مكنته حنكته وإضطلاعه بناصية التأثير بكل من حوله أو من إلتقاهم إذ تلتفهم كاريزما الرجل وبلاغته أنى كانت لغة الحديث أو موضوعاته بتواضع وخفة ظل وذكاء لا تنقصه سرعة بديهة وتحليل استشرافي للأحداث .
حزن بليغ ذاك الذي وقعت تحت صدمته من هول الفاجعة ، ولا عزاء من مصابنا إلا بتكلمة المسار وفاء لعهده ورفاقه الذين أدوا الأمانة وما بدلوا تبديلا .
خالص العزاء للشعب الصحراوي قاطبة ولعائلة الفقيد أمحمد ولد خداد ولد موسى في مصابنا جميعا وألهمنا جميل الصبر والسلوان واللهم أرحمه واغفر له وتجاوز عنه وثبته عند السؤال وأجعل مثواه الجنه يارب العالمين وإنا لله وإنا اليه راجعون 
أميمة عبد السلام
ممثلة جبهة البوليساريو بسويسرا

Contact Form

Name

Email *

Message *