-->

رحل بشاري الصالح، رمز الفتوة والجرأة


اجتمع الأشقاء الأربعة، محمد، المحفوظ، براهيم وبشاري أبناء الصالح ولد حيمد لأمهم العظيمة مباركة منت بابا، وقرروا، بحماس منقطع النظير، الالتحاق بالحركة الطليعية لتحرير الصحراء الغربية، وأقسموا على المصحف الكريم على التضحية من أجل الوطن. شاركوا أربعتهم في مظاهرة الزملة يوم 17 جوان 1970م، وبعد تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب التحق ثلاثة منهم بنواحي جيش التحرير أما الرابع، المحفوظ، فبقى بأمر من التنظيم في مدينة العيون. فاما محمد، الأكبر، فقد استشهد في المعارك الأولى، وأما الثاني، المحفوظ، فقد اغتاله المخزن المغربي عن طريق الشاحنة الشهيرة في العيون، واما ابراهيم فقد وقع في الأسر وقضى فيه 13 سنة، وأما بشاري، الأصغر والأجرأ، فجُرح أكثر من سبع مرات وعاش باحشاء اصطناعية ورجل مدعمة بالحديد. انتهى الاخوة الأربعة الأبطال بين شهيد ومُغتال وأسير وجريح. دفعوا ثمنا باهضا جراء شجاعتهم التي لا حدود لها. عُرف بشاري، الأصغر، بجرأته وشجاعته التي تعدت حدود التهور. فحين كان ولد الناجي، الضابط الموريتاني الشهير، يغتصب الصحراويات في البادية انتقاما من مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي ونكاية بهم، تطوع بشاري على رأس كوماندوس والقى عليه القبض في الحادثة الشهيرة التي يعرفها الجميع. حين كانت البوليساريو تبحث عن شخص قوي الشخصية يقنع الناس بالعودة من البادية الى المخيمات، تطوع بشاري على رأس وحدة من المقاتلين وذهب الى البوادي يجمع الناس. حين ذهب الى الميكسيك كقائم بالأعمال فعل، بسبب بجرأته، ما لا يعمله سفير: التقى مع سفراء ممنوع عليه اللقاء ومعهم وتصادق مع السفير الفرنسي ينريكي باسكوال، وقبِلَ ان يذهب الى باريس ليأتي بمبادرة فرنسية لحل قضية الصحراء الغربية. كل هذه الحوادث الجريئة التي لا يقوم بها إلا هو، جلبت له إعجاب البعض وانتقادات البعض. ففي حين كان البعض يعيب عليه طريقة اعتقال ولد الناجي، كانت النساء والسكان في البوادي يستقبلونه بالمسك والبخور والذبائح اعجابا بما قام ضد ولد الناجي. وحين كان البعض ينتقده بسبب جلب الناس من الارياف، كان الكثيرون يشكرونه لأنه اخرجهم من واقعهم ذاك وجعل أبناءهم يدرسون ويتعلمون، ومنهم واحد وصل الى البرلمان الصحراوي. وحين شنوا عليه حملة بسبب اتصالاته الدبلوماسية في المكسيك، كان آخرون يقولون ان من استطاع ان يقيم علاقات مع فرنسا هو الدبلوماسي الحقيقي. ككل شخص عظيم انقسمت الناس بشأنه بين مؤيد ومعارض لكل ما قام. المهم، عاش، رغم الجرح، عزيزا كريما شجاعا لا يخاف ولا يرتعد ويقول كلمته في أي مكان ذهب إليه. وحتى حين كان الناس يترجّونه ان يترك التدخين وكوكاكولا والقهوة، كان، بسبب الأنفة والعظمة، يعتبر ذلك خوفا وجبنا من الموت. رحمه الله، عاش عزيزا شجاعا واستشهد عزيزا شجاعا.


السيد حمدي يحظيه

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *