-->

الاختلالات القانونية في مراسيم الرئيس... الجزء الثالث.


نستعرض في هذا الجزء تداعيات الأخطاء القانونية التي ما فتئت مراسيم الرئيس تحملها والتي أصبحت تشرع "المخالفة الصريحة" للقوانين الوطنية بدءا بالقانون الأساسي للجبهة مرورا بالدستور، مرورا بالقوانين التي صادق عليها المجلس الوطني وغيرها من المراسيم التنظيمية للبناء الهيكلي والبنيوي للمؤسسات الصحراوية في عملها وصلاحياتها المحددة قانونا.
وسنلقي الضوء في هذا الجزء الثالث من القراءة القانونية للمراسيم التي اصدرها رئيس الجمهورية في التعيينات الاخيرة والتي صدرت ايضا عن الوزير الاول ووزير داخليته والتي ظهرت فيها بصمة الرئيس وان كانت موسومة بمرسوم تنفيذي مؤقع من الوزير الأول شمل تعيينات وحركية على مستوى الأمناء العامين والمدراء المركزين بدون رقم صادر في 03 يوليو 2020، وقرار وزاري رقم 01\020 موقع من طرف وزير الداخلية يتضمن تعيينات على مستوى رؤساء الدوائر و المستشارين بالولايات .
وان كان المرسوم التنفيذي الصادر عن الوزير الاول أخذ فيه حصته من الاستشارة وانتقاء الأطر التنظيمية محل التعيين الا ان بصمات الرئيس بدت واضحة كذلك مايجعله مضافا من هذا الباب إلى مراسيم الرئيس. 
وبالعودة إلى المرسوم التنفيذي فإن القراءة الأولية المبسطة له تعدد الاختلالات القانونية التالية :
1ـ هو أن هذا المرسوم لا يحمل رقم مايجعله معدوم من الناحية التسلسلية ضمن حزمة المراسيم التنفيذية التي أعطاها الدستور بنص المادة 70 منه حصرا للوزير الأول، حتى يتمكن من تنظيم الجهاز التنفيذي بشكل يعين على تنفيذ البرامج السنوية للحكومة وفق خطتها التنظيمية التي تعرضها بشكل سنوي على المجلس الوطني، لأية رقابة قانونية ستكون على هذا المرسوم إذا لم نجد له رقم ولا أثر في الجريدة الرسمية.
2 ـ أن هذا المرسوم لم يراعي مثله مثل مراسيم مراسيم الرئيس الماضية، القواعد التنظيمية المحددة والمبادىء العامة لتنظيم أجهزة الإدارة المركزية ، وكذا المراسيم المحددة للصلاحيات المشتركة لأعضاء الحكومة كما هي موضحة في المرسوم الرئاسي رقم 02\05 و المرسوم الرئاسي رقم 03\05 المؤرخة في 12\06\2005، 
كما أن هذا المرسوم لم يراعي المرسوم الرئاسي المحدد لاختصاص ومهام مسيري الاجهزة المكونة للادارة المركزية ، و المرسوم الرئاسي المحدد للتعاملات الإدارية داخل مكونات الإدارة الوطنية، كما أنه لم يراعي الشروط المنصوص عليها في المرسوم الرئاسي المتعلق بضبط وتسيير الموارد البشرية، وما يمثله ذلك من إرهاق صريح للأعباء المالية المؤيدة لتسيير الطقاع العمومي لاسيما في الجوانب المتعلقة بالاستفادات المالية و الميزانيات الخاصة بالولايات الحكومية والملكية العامة، وكذلك التوقعات بمزيد من المصاريف في المحروقات بالنسبة للوظائف الجديدة والمحدثة بموجب هذا المرسوم.
3 ـ من الناحية الاجراىية و التنظيمية وكما هو معروف لدى الدول والحكومات الاخرى فأن أي تغيير على الهيكلة العامة للجهاز الحكومي أو احداث هيئات أو مصالح جديدة في الإدارة العامة للحكومة لابد أن يتم باعتبار القوانين والمراسيم المسيرة للجهاز التنفيذي في شكله العام، وخاصة في احداث مناصب وظيفية متعددة أو مشتركة لدى بعض أو كل الوزارات والمؤسسات الوطنية لابد ، بل ويجب أن يأتي في إطار مشروع مرسوم تنفيذي يعرض أمام مجلس الوزراء المصادقة عليه ؛ وعلى الوزير الأول أن يقدم أمام الحكومة الأسباب الموضوعية لاحداث مثل هذه المناصب التي ستعمل في مهام تقنية أو وظيفية لدى مصالح الوزير الأول والتي قد تشترك فيها أكثر من وزارة أو جهة وطنية، فكان من المفيد عرض مسودة المرسوم على مجلس الوزراء لمناقشته كمهام وصلاحيات ومراكز قانونية قبل أن يعين لها موظفين ضمن الطاقم الحكومي لدى الوزير الاول.
4ـ أن هذا المرسوم التنفيذي وعلاوة على عدم مراعاته المراسيم المنظمة لأجهزة الإدارة الوطنية في الحكومة الصحراوبة، فهو لم يستجيب لبرنامج العمل الوطني الصادر عن المؤتمر الخامس عشر للجبهة في السياسات المطلوبة من الجهاز التنفيذي العمل على تحقيقها ، خاصة في النقطة المتعلقة بمبدأ شمولية الرؤية التكاملية المطلوبة من الجهاز التنفيذي ، بل بالعكس فإن هذا المرسوم سيخلق نمطا جديدة من الانقسام داخل الجهاز التنفيذي بفعل تفرعات غير منتجة تنظيميا أو تسييريا في المرحلة الحالية للحكومة الصحراوية إذا ما وضعنا في الحسبان جملة الانشغالات والمشاكل التي يعاني منها الشعب ويفترض من الحكومة الاستجابة لها على مستوى مركزي في جانب الإشكاليات المزمنة التي تعاني منها الأداة الوطنية أو حتى على المستويين الجهوي والمجلي ، ماقد يسبب إشكاليات حقيقية ضمن الطاقم الحكومي تتعلق أساسا بالتنازع في المهام والصلاحيات التي لم تحدد إلى الآن لا في علاقة الوزارات بالمهام الوظيفية المحدثة، ولا حتى في المهام المشتركة لأعضاء الحكومة من جهة و دور الموظفين الجدد الوافدين على الجهاز التنفيذي ، وهذا ما يؤكد اسبقية تحديد المهام للمنصب المحدثة ورصد مراكز مالية وقانونية مسبقة على التعيينات المدرجة في هذا المرسوم.
5 ـ أن هذا المرسوم اخلط في جانبه التنظيمي بين تعيينات جديدة في وظائف محدثة لم يتم تنظيمها مسبقا، وبين حركية في وظائف كانت موجودة مسبقا، والاصل ان كلاهما يصدر بمرسوم تنفيذي مستقل، في حين تعرض هذا المرسوم بتعيين اشخاص كانوا موظفين بموجب مراسيم رئاسية، والقانون يؤكد بأن إنهاء المهام يتم بموجب نفس الآلية القانونية التي تم بها التعيين ، وهذا خطأ اجرائي يعرض هذا المرسوم للالغاء.
6ـ أن هذا المرسوم الصادر عن الوزير الأول لم يراعي شروط التوظيف سواء في مناصب عليا أو في مناصب محدثة أو جديدة، خاصة فيمايتعلق بحقوق الموظفين في الترقية والإجازاة وانتقاء المناصب بناء على الأقدمية والتسلسل في الرتبة أو الدرجة، وقد أصدر الوزير الأول الاسبق مرسوم بهذا الخصوص، ففي حين نجد موظفين يستحقون الترقية بفعل الأقدمية وسنوات العمل والتجربة، نلاحظ أن هذا المرسوم تكفل بترقية موظفين لا يملكون عشر سنوات على الأقل في الإدارة المركزية، في الوقت الذي تمت فيه ترقية موظفين لمنصب أمناء عامين بدون شهادات جامعية وفي سلكهم الوظيفي اشخاص اخرين ذوي شهادات جامعية وتجربة اطول في وزاراتهم و مؤسساتهم ويحملون وتجربة محترمة ولم يؤخذ في الاعتبار تلك الشروط الواضحة التي نص عليها قانون الأفراد والوظيفة العمومية المعدل سنة 2011، ففي مقياس تتم به ترقية وتعيين الأطر الوطنية إذا لم نحترم القوانين الوطنية من قبل قانون الأفراد والوظيفة العمومية للمدصادق عليه من المجلس الوطني في 2011، وهو ما يعكس الاستمرار بنفس المعايير الاخرى المتناقضة مع القانون والواضحة في مراسيم الرئيس.
7 ـ تجاوز الوزير الاول لصلاحياته في تعيين منتخبين في مؤتمرات المنظمات الجماهيرية التي تعتبر روافد للجبهة الشعبية دون اعتبار للثقة التي وضعتها هذه المؤتمرات في هؤلاء الاشخاص والمهام المحسوبة عليهم وفي تداخل للصلاحيات من جديد بين الحركة والدولة وتغول الاخيرة على الاولى.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *