-->

الاختلالات القانونية في مراسيم الرئيس ... الجزء الثاني

بعد أن أشرنا في الجزء الأول من هذه القراءة القانونية في التأسيس القانوني الإجرائي بما سبقها من قراءات قانونية حول ما أصدره رئيس الجمهورية، منذ انتهاء أشغال المؤتمر الأخير، بما فيها المراسيم الاخيرة التي كانت امتحانا اوليا صريحا لقدرة وكفاءة المستشار القانوني المعين مؤخرا والعائد إلى ممارسة العمل بالقانون الصحراوي بعد غياب دام لقرابة عقدين من الزمن، نلاحظ أن دار لقمان مازالت على حالها، في عملية التحضير لاصدار المراسيم الرئاسية والالمام الكامل بالقوانين والأنظمة الإجرائية والموضوعية ذات الصلة بالتشريع العام في الدولة الصحراوية، وسنضع القارىء الكريم على إطلاع متواصل بجملة الأخطاء والتجاوزات القانونية التي تصدر عن الرئاسة حتى بعد تعيين مستشار قانوني يفترض أن ينحصر عمله وفقط بكل ماهو قانوني يصاغ أو يحضر أو يصدر أو ينشر باسم رئاسة الجمهورية، والحفاظ على سمعة وهيبة هذه المؤسسة من هذه التجاوزات المخلة والمتناقضة مع روح القانون. 
وهنا نبرز بعضا منها على الاقل:

1- إن التنظيم يشرع تشكيلات في الجبهة كحركة تحرير وطنية تؤسس مرجعيتها القانونية على القانون الاساسي للجبهة الذي يختلف تماما عن التنظيم المعمول به بالنسبة للدولة الصحراوية والذي يستند فيه الرئيس إلى قواعد وأحكام الدستور، ولكن مانقرأه في مراسيم الرئيس هو خلط فظيع بين هذا وذاك، الامر الذي يعاب على من يستشير الرئيس حين إصداره المراسيم أو القرارات التنظيمية أو حتى الأوامر بمثابة قانون، والتعديل المسيىء لترتيب التشريع وقوته الالزامية في سن القوانين الذي تتم بموجب أمر قانون صادر عن الرئيس على القانون العضوي المتضمن العلاقة الوظيفية بين المجلس الوطني والحكومة والمحدد لعملها والصادر بداية مارس الماضي، كسابقة في التشريع، هو تصرف غير بعيد عما نحن بصدد توضيحه هنا.
والشكل الذي تصدر به المراسيم دون وضع مثل هذه الاعتبارات الشكلية الإجرائية يجعلها باطلة من الناحية القانونية قبل التنظيمية.
2- اما المرسوم المتضمن تعيينات على مستوى رئاسة الجمهورية وخاصة المناصب المحدثة على مستوى الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية، لم يستند فيها الرئيس على نصوص واضحة ذات صلة بالهيكلة في مؤسسة الرئاسة، ما يعرض أعلى هيئة دستورية صحراوية لوجه جديد من الشعبوية والعامية لعدم احترامها الهيكلة العامة للمؤسسات الدستورية المنظمة بموجب الدستور أو بموجب مراسيم رئاسية واضحة واساسية ولا تقبل التعديل والاضافة الا بذات الصيغ القانونية قبل أن ترصد لها مراكز قانونية أو مناصب وظيفية التي ربما تفوق الميزانية المخصصة لرئاسة الجمهورية نفسها.
وهذا الأمر ينسحب على التعيينات بالمؤسسة العسكرية التي أحدث فيها رئيس الجمهورية مناصب مركزية بوزارة الدفاع الوطني ،هاته الوزارة التي لم يعد لها أثر في الحكومة الصحراوية المشكلة في مطلع فبراير الماضي في تناقض صريح وواضح للقانون الاساسي للجبهة الذي ينص صراحة على منصب وزير الدفاع ويحدد مهامه.
3- بالنسبة للمرسوم الرئاسي الصادر في الفاتح من يوليوز 2020 والخاص بإجراء تعيينات على مستوى رئاسة الجمهورية، فهذا المرسوم معيب في صياغته مايجعله غير منتج ولا أثر قانوني له، فالمرسوم تحدث عن إجراء تعيينات في مناصب لم تكن موجودة مسبقا، والأصل أن يصدر بعنوان احداث مهام جديدة على مستوى رئاسة الجمهورية بموجب مرسوم تنظيمي يحدد طبيعة ونوع كل مهمة والصلاحيات الوظيفية أو المهنية المرجوة منها، يكون الاساس لتعيينات لاحقة وليس العكس، لأنه من الناحية الإجرائية والتنظيمية قد يتساءل أي مواطن مثلا عن محتوى تعيين فلان مكلف بمهمة في الرئاسة، أو بملف الوطن العربي مثلا دون أن نعرف ماذا نقصد بالوطن العربي، هل هناك سياسية جديدة تجاهه ام هناك متطلبات ميدانية تقتضي احداث هذا الملف ام هناك استراتيجية عمل سياسية أو وطنية تتطلب ذلك، علما ان المؤتمر الخامس عشر لم يخرج بقرار حول الاهتمام بالوطن العربي ، أو ملف مكلف بالارض المحتلة والجاليات وخاصة أن هناك وزارة مستقلة في الحكومة لاهم لها سوى الأرض المحتلة والجاليات، فيا ترى هل كان الرئيس يعي ذلك ام ان احداث المناصب مزاج حصري للرئيس يوظفه كيفما شاء، في تجاهل لمخرجات المؤتمر التي اوصت بقضايا اخرى من ابرزها مراجعة التعاطي مع بعثة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء والعناية بعائلات الشهداء والجرحى وموضوع الجاليات انطلاقات من الانشغالات المسجلة في الفترة الاخيرة وغيرها من القضايا التي لم تعرها مراسيم الرئيس اي اهتمام.
4- أما الخطأ الأكثر جسامة أن الرئاسة تصدر مراسم رئاسية لا أثر لها في الجريدة الرسمية، وهذا عامل آخر يمكن القول ببطلان وعدم صلاحية مثل هاته المراسيم للتنفيذ طالما لم تنشر في الجريدة الرسمية للدولة الصحراوية.
واذا كان النشر في وسائل الإعلام غايته الإعلام وسريان القوانين ونفاذها، فماهي فائدة الجريدة الرسمية التي يرى اهل الاختصاص، بأن القوانين والتشريع بصفة عامة لا يسري تطبيقه في الواقع وهو غير ملزم مالم ينشر في الجريدة الرسمية، فعلى المستشار القانوني أن يبدأ بمهامه بشكل سريع لإصلاح وترميم مثل هاته الاختلالات التي تضع مؤسسة الرئاسة عندنا محل شبهة التواطؤ وخرق القوانين التي تمت المصادقة عليها بما فيها جملة المراسيم الرئاسية التي أصبحت تستحدث في كل مرة مناصب دون مراكز قانونية ودون صلاحيات ولا مهام تنظيمية واضحة، وفي بعض الأحيان حتى بدون نصوص أو مواد قانونية حتى يتمكن الجميع من فهم الأساس القانوني الذي استند عليه رئيس الجمهورية في القيام بصلاحيات دون إفراط أو تفريط.... يتبع

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *