-->

مثله باقٍ، لا تغيب ذكراه


عاش بین أصناف الناس كما لو كان نسيما يتسلل إلى القلوب بحكاياته و دعاباته كل على قدره.
هو الذي أركس العدو في ساحات الفداء و أضحك الأطفال في مرابع الخيم ، يصرف القسوة واللين كل لما استُحق.
رواياته في البطش بالعدو كثيرة ومثلها كرمه الفياض وبشاشته التي انسكبت بغزارة أيام العز وتدلت من ثغره الباسم وارتسمت على وجهه الناضر حين شاب الرأس ولان العظم، ولم يتغير الرجل عن ذي قبل.
أدركته في آخر عمره وقد تأسفت لفوات الأوان حينها على كثير القصص الواقعية التي كان بإمكاني تسجيلها لغد، يحكيها رجل لا يداهن في الحق ولا يخشى في قوله أحد.
كان القدر قد رسم كل شيء وخطط له، ومن حسن المقادير - وكلها حسن إذ هي من تدبير الخلاق العليم - أن عدت من غيبة قصيرة فاهداني القدر رؤية بشاري وإن على فراش الموت، لأحظى بنظرة أخيرة سأذكرها ماحييت.
كان المرض الغادر يفتك به من الداخل، أما ملامح القوة فبقيت شامخة على جغرافيا وجهه، حتى مع انحصار الكلام في أنين خافت ظل يشير بأصبع أو يأومئ برأس أو يرفع حاجبا لقول؛ إنني على أحسن حال.
ما ذكر عن الرجل شيء، وما هو عليه من البساطة والكرم والشجاعة والصراحة والمكاشفة أكثر بكثير مما يمكن ذكره.
أللهم ارحم عبدك ؛ بشاري الصالح وحيمّد، اللهم اغفر له وتجاوز عنه واجعل قبره روضة من رياض الجنة يارب العالمين.
أللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنّا بعده.
أللهم آنسه في وحشة القبر ومتعه بنعيم جنانك وحرم جسده على النار.
أللهم ألهم أهله/نا جميل الصبر والسلوان، وأعظم لهم أجرا.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
الاعلامي: مصطفى محمد سيد البشير

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *