شجب دولي للسعودية ودعوة لتحسين ظروف المهاجرين المحتجزين في أوضاع غير إنسانية
نشرت صحيفة “ديلي تلغراف” تقريرا قالت فيه إن شجبا دوليا انهال على السعودية بعد التحقيق الذي كشفت فيه شقيقتها صحيفة “صاندي تلغراف” عن معاملتها للمهاجرين الأفارقة، خاصة القادمين من القرن الأفريقي.
وقالت الصحيفة إن الرياض وافقت على إجراء تحقيق بعدما نشر تقرير يوم الأحد كشف عن احتجاز آلاف المهاجرين القادمين من إثيوبيا في ظروف جهنمية وبدون توفير أدنى العناية الصحية أو المرافق الصحية، فيما تم حشد المئات في غرف مكتظة. وهي ظروف دفعت ببعضهم للانتحار. الصور التي نشرتها الصحيفة قارنها البعض بمعسكرات العبودية.
ونشرت “ديلي تلغراف” في تقرير لقطات فيديو من داخل واحد من مراكز الاحتجاز وكشفت فيها عن تسرب المياه العادمة من الحمامات على أرضية منطقة ينام فيها المحتجزون ويأكلون. وقال واحد من الذين ظهروا في الفيديو: “نرجوكم، ساعدونا” و”شاهدوا هذا واعملوا شيئا”.
وتعلق الصحيفة أن التحقيق الذي نشرته يوم الأحد قاد لحملة شجب وانتقاد من منظمات حقوق إنسان وساسة وناشطين في حركة “حياة السود مهمة”. وقالت الحكومة البريطانية إنها “قلقة جدا” فيما طالبت المعارضة بتحرك ضد السعودية. وقال ستيفن داوتي، مسؤول الشؤون الخارجية في حكومة الظل: “الصور التي ظهرت عن الأوضاع الصادمة في المراكز التي احتجز فيها المهاجرون الأفارقة صادمة وتدعو للتحرك” و”على السعودية أن تنهي فورا هذه الممارسة الرهيبة وتسمح لخبراء صحيين وحقوقيين مستقلين للكشف عنها. ومن المهم احتجاز الأشخاص في ظروف متساوقة مع قانون الهجرة الدولي ويعاملون بالكرامة والعطف الذي يستحقونه”.
وأضاف داوتي: “يجب على وزراء الحكومة طرح الوضع المثير للقلق مع نظرائهم في السعودية، وفي ظل السجل الفقير تاريخيا في حماية والالتزام بحقوق الإنسان”.
وذكرت الصحيفة أن التحقيق أثار عاصفة من النقد على طريقة معاملة المهاجرين في مراكز الاحتجاز في السعودية وتناولته وسائل الإعلام في أفريقيا والدول العربية خاصة قناة الجزيرة.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش في تعليق لصحيفة “ديلي تلغراف” إن المنظمة الدولية تقوم بالتحقيق. فيما علق المتحدث باسم منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة ومقرها جنيف بالقول إن المسؤولين فيها “يشعرون بقلق عميق على الصور الصادمة للمهاجرين الإثيوبيين الذين تم احتجازهم في مراكز اعتقال بالسعودية وفي ظروف غير إنسانية على ما يبدو”.
وأضاف المتحدث باسم المنظمة أن مراكز الاحتجاز المكتظة وعدم توفر النظام تثير قلقا على حقوق الإنسان وربما تحولت إلى بؤر لانتشار الأمراض القاتلة.
وقامت الصحيفة بتحديد الموقع الجغرافي للمراكز المهينة التي احتجز فيها المهاجرون الإثيوبيون في مجمع الشميسي على الطريق بين جدة ومكة وفي جازان. وأظهرت الصور التي أرسلها المهاجرون إلى الصحيفة أشخاصا أصابهم الهزال بسبب قلة الطعام والشراب ومستلقين نصف عراة في غرفة صغيرة بدون تهوية كافية غير قادرين على الحركة بسبب الحر الشديد. ولم يسمح للكثير من المحتجزين الخروج من هذه المراكز الخانقة منذ خمسة أشهر، وذلك بعد اعتقال السلطات السعودية لهم في نيسان/ إبريل.
ومن الصور الصادمة التي لم تنشرها الصحيفة أظهرت شابا شنق نفسه من حلقة النافذة. وقرر الشاب قتل نفسه بعد يأسه من الحياة. وفي صور أخرى ظهرت الكدمات والبشرة المشوهة بسبب انتشار الأمراض الجلدية التي انتشرت على أجسادهم ووجوههم. وقالوا إنهم يتعرضون للضرب والانتهاك المنتظم على يد حراس السجن. وفي بيان للصحيفة، قالت السعودية وهي عضو في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: “الصور بالطبع صادمة وغير مقبولة لنا كبلد”. وأضافت أنها “ستنظر في وضع المنشآت الحكومية في ضوء الاتهامات”.
وأرسلت السفارة السعودية في لندن البيان للصحيفة وجاء فيه أيضا: “لو ظهر أن المنشآت تفتقد ما تحتاجه فسيتم معالجة الوضع”. وحاولت السعودية حرف جزء من اللوم على إثيوبيا، التي جاء منها معظم المهاجرين: “نعتقد أن هناك حوالي 20.000 مهاجر إثيوبي عبروا الحدود إلى السعودية من اليمن ويتم التفاوض على ترحيلهم مع حكومة إثيوبيا. وللأسف، رفضت السلطات الإثيوبية دخولهم بزعم أنه لا تتوفر مراكز الحجز الصحي عند وصولهم”.
ونفت وزيرة بارزة في الحكومة الإثيوبية أي علم للحكومة بالظروف الرهيبة التي اعتقل فيها المهاجرون.
وقالت تسيون تيكلو، وزيرة الدبلوماسية الاقتصادية وشؤون المهاجرين، إنهم لم يتلقوا أي تقارير عن الانتهاكات في المراكز وإنهم علموا بالوضع من خلال تقرير “ديلي تلغراف”. وتجنبت الوزيرة إصدار بيان رسمي حول الوضع ولكنها قالت إن الحكومة الإثيوبية ستطرح الموضوع مع السلطات السعودية. ولم يرد الاتحاد الأفريقي على طلب للتعليق على ما ورد في التحقيق.