-->

بعد اعتقال محمود عزت.. جماعة الاخوان المسلمين إلى أين؟ ومن يعلو رأس الهرم؟


مع إعلان السلطات المصرية القبض على محمود عزت نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين والقائم بأعمال مرشدها تدخل الجماعة طورا جديدا يرى خبراء ومحللون أنه سيؤثر بالضرورة على نشاطها ومستقبلها داخل القطر المصري.
في صباح الجمعة 28 أغسطس/آب أعلنت وزارة الداخلية المصرية أن قوات الأمن اعتقلت محمود عزت (76 عاما) -الذي تولى منصب القائم بأعمال مرشد إخوان مصر منذ 7 سنوات- عقب القبض على مرشد الجماعة محمد بديع بعد أيام من مجزرتي "رابعة العدوية" و"النهضة".
ورغم عدم ظهوره خلال تلك الأعوام السبعة فإن الجماعة حرصت في مناسبات مختلفة على نفي أنباء تم تداولها عن خروجه من مصر، وكذلك التأكيد على تمتعه بصحة جيدة، وقيامه بمهامه المنوطة به في إدارة الجماعة التي تتعرض لضربات متتالية منذ الانقلاب العسكري الذي قاده الرئيس الحالي عبد الفتاح السسي عندما كان وزيرا للدفاع في 2013، وأطاح خلاله بالرئيس المنتخب محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين.
وفي رد فعل أولي، أكدت الجماعة على لسان المتحدث الإعلامي انقطاع اتصالها بالقائم بأعمال مرشدها، لكنها حرصت في الوقت ذاته على التأكيد على أن "أعمالها تسير بصورة طبيعية ومؤسسية دون أن تتأثر بغياب قائد من قادتها".
كذلك أصدر جناح المكتب العام للجماعة بيانا استنكر فيه اعتقال نائب مرشد الإخوان وحمّل "العسكر" مسؤولية حياته، مطالبا النيابة العامة بحضور التحقيقات معه، كما أكد على أن الجماعة "أقوى من ضربات الأمن".
تخوفات وتساؤلات
هذه المواقف الحريصة على التأكيد بأن الجماعة لن تتأثر بالقبض على عزت تقابلها تخوفات وتساؤلات عمن سيخلف القائم بأعمال المرشد في هذا المنصب، خاصة أن عددا كبيرا من أعضاء المكتب مغيبون إما بالاعتقال أو الوفاة، لكن يظل المرشحان الأبرز على الساحة هما إبراهيم منير نائب المرشد، وأمين الجماعة محمود حسين.

وكان اعتقال المرشد العام ونوابه خلال تاريخ الجماعة علامة تصادم كبيرة بين النظام والجماعة، كان أبرزها في عهد الرئيس السابق جمال عبد الناصر، والحالي عبد الفتاح السيسي، وغابت بشكل لافت في عهد محمد حسني مبارك.
وتنص لائحة الجماعة الداخلية على أنه في حالة غياب المرشد العام خارج الجمهورية أو تعذر قيامه بمهامه يقوم نائبه الأول مقامه، كذلك في حالة حدوث موانع قهرية تحول دون مباشرة المرشد لمهامه ينوب عنه نائبه الأول ثم الأقدم فالأقدم من النواب، ثم الأكبر فالأكبر من أعضاء مكتب الإرشاد.
وحسب متابعين ومتخصصين في شؤون الحركات الإسلامية، فإن ذلك يفيد ضمنا بأن مرشد الجماعة أو القائم مقامه من المفترض وجوده داخل مصر.
وبينما فضل عدد من قيادات الجماعة عدم الحديث عمن سيخلف عزت وتداعيات اعتقاله على مستقبل الجماعة أكد محمد سودان القيادي في الجماعة أمين العلاقات الخارجية في حزب الحرية والعدالة أنه "طبقا للائحة، فإن المفترض أن النائب التالي للمرشد هو من يتولى قيادة الجماعة إلا إذا أعلن المرشد بنفسه غير ذلك".
وتابع سودان في حديثه للجزيرة نت "من المفروض إذا تم التأكد من خبر اعتقال الدكتور محمود عزت فإن الأستاذ إبراهيم منير هو القائم بأعمال المرشد من بعده".
لا غضاضة
وذهب سودان في حديثه إلى أنه "لا غضاضة في أن يكون القائم بأعمال المرشد العام للجماعة خارج مصر في حال اضطرت الظروف إلى ذلك الوضع".
في مقابل ذلك، اعتبر عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة في تصريحات صحفية أن القبض على عزت يمثل "ضربة مؤثرة جدا لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين وبنيتها التنظيمية، وسيزيد حدة المشاكل والخلافات بين قياداتها"، ذاهبا إلى أنها "الضربة الأقوى ضد الجماعة منذ عام 2013".
فيما يرى أستاذ العلوم السياسية خيري عمر أن الإعلان عن اعتقال عزت في هذه الفترة "سياسي في المقام الأول"، لافتا إلى أن تأثيره على الجماعة سيكون في أغلبه "تأثيرا نفسيا".
وأضاف عمر في حديثه للجزيرة نت أن "القضية الأساسية هي أن الجماعة ومنذ 7 سنوات تتعرض لعملية تفكيك كبيرة وواسعة النطاق، وحقيقة الأمر أنها ومنذ فترة صارت غير قادرة على فعل أي شيء".
وفي ظل ما يراه عمر من وجود مرونة عالية لدى الجماعة في تطبيقها لائحتها الداخلية، فإنها -حسب تقديره- ربما لا تكون مجبرة على نقل صلاحيات القائم بأعمال مرشدها للخارج كون الكثير من مسؤوليها في الخارج يحتفظون بمواقعهم التنظيمية، فيمكن أن يكتفوا بهذا الوضع في المدى المنظور.
وفي هذا السياق، لفت إلى أن الإعلان عن نقل مسؤولية الرجل الأول في الجماعة إلى الخارج سيؤدي لتزايد الأعباء الأمنية والسياسية، لأن النظام المصري لن يقبل بأن يدار أي كيان له نشاط في الداخل من الخارج، مشددا على أن ذلك "يمثل نقطة حاسمة للسلطة بشكل عام".
تعقيد المعقد
لكن عمر يعتقد أن قيادة الجماعة بشكل فعلي هي في الخارج، حيث إن جميع البيانات الصادرة باسم التنظيم تصدر من مكتبها في لندن، وإن كان يعتبر ذلك بمثابة "أزمة أخرى لا يمكن التنبؤ بمآلاتها"، والتمادي فيها عبر الإعلان عن تسمية إبراهيم منير نائب المرشد قائما بأعمال المرشد سيزيد تعقيد الأمر.
الخبير في شؤون الحركات الإسلامية مصطفى زهران يرى أن اعتقال عزت سيشكل عاملا مؤثرا في طي صفحة تنظيم جماعة الإخوان داخل مصر، وأن عناصره الباقين داخل مصر سيزدادون تشرذما وسيصعب اجتماعهم تحت قيادة واحدة في الداخل.
ولم يستبعد زهران في حديثه للجزيرة نت أن تنتقل قيادة الجماعة من الداخل إلى الخارج، لافتا إلى أنها ربما كانت كذلك في حقيقة الأمر، حيث إن تسمية عزت قائما بأعمال المرشد وهو داخل مصر لا تعني قيامه بإدارة الجماعة بشكل حقيقي.
وذهب الخبير في الحركات الإسلامية إلى أن الصدمات المتلاحقة التي تعرضت لها الجماعة -وآخرها اعتقال عزت- ستدفعها إلى النظر في "مآلات استمرار الحالة الإخوانية المصرية وانعكاساتها على الخارج، وإعادة النظر في بقائها كجماعة، وربما عملت على إعادة قولبتها خارج إطار فكرة التنظيم والحركة قريبا".
وأعاد زهران التأكيد على أننا "أمام فصل أخير في تاريخ تنظيم جماعة الإخوان داخل القطر المصري"، ذاهبا إلى أنها باتت بلا جسد حقيقي يمكن البناء عليه في الداخل، أو حتى إعادة تشكلها من خلاله في يوم من الأيام.
المصدر : الجزيرة

Contact Form

Name

Email *

Message *