-->

مينوركا ..الشعب الصحراوي و زروگ


قبل 30 عامًا فقط ، و في بداية سبتمبر 1990 ، قامت مجموعة من ممثلي الجمهورية الصحراوية الديمقراطية بزيارة "مينوركا" ، بدعوة من برلمان "جزر البليار" ومن قبل مجلس الجزر. ردا على الزيارة التي قام بها سنة 1987 مجموعة من مواطني جزر البليار ، برفقة مجموعة صغيرة من النواب والمستشارين ، إلى المخيمات التي يقيمها الصحراويون بالقرب من تندوف جنوب شرق الجزائر.
كانت بداية علاقة ودية بين شعبي "مينوركا" والصحراء الغربية ، والتي استمرت طوال الثلاثين سنة الماضية. مع فترات متميزة من تعاون المواطنين والدعم المؤسساتي ،مما جعل "مينوركا" معيارًا بين اللاجئين الصحراويين، وجعل مشكلة الصحراء محل اهتمام بارز ، و بشكل خاص في عالم التعاون والتضامن في "مينوركا".
علاقة ربما بلغت ذروتها في الزيارتين الرسميتين إلى جزيرتنا التي قام بهما الرئيس الصحراوي آنذاك ، محمد عبد العزيز ، في عامي 1991 و 1998 ؛ وفي الاحتفالات التضامنية بمناسبة استقبال العشرات من الأطفال الصحراويين ، ضمن برنامج عطل في سلام" ، الذي تنظمه جمعية نشطة وحيوية ، خاصة في التسعينيات والألفينات.
لا يزال من المثير للإعجاب أن نكون قادرين على ملاحظة كيفية عودة بعض هؤلاء الأطفال ابناء الصحراء ، الذين تم استضافتهم بصورة مؤقتة، في أشهر الصيف من تلك السنوات - بشكل رئيسي من قبل مدينة فيريراس - في السنوات الأخيرة إلى مينوركا ، بهدف وحيد هو احتضان الأطفال بحماسة من قبل الأباء والإخوة من العائلات المستضيفة ، وبالتالي تذكر أسابيع من العيش معًا ، والتي بصمت على قلوبهم ، قلوب الطرفين، الأطفال والعائلات المستضيفة .
أحد أولئك الذين زاروا الجزيرة ، في سبتمبر 1990 ،ضمن الممثلين الرسميين ، هو شيخ ، يحظى بمكانة مرموقة وصاحب هيبة ، و يدعى ، زروگ لعروسي الجماني ،وتنسب إليه عبارة لا تنسى: "لقد اخترت أن أقاتل وأعيش وأموت مع شعبي" ، عندما عرض عليه ملك المغرب الحسن الثاني العودة من اللجوء ليتبوأ مكانة عالية في منطقة الصحراء التي يحتلها المغرب. هكذا كان ، لقد مات وهو في شوق إلى أرضه و بحرها ، في قسوة اللجوء الطويل في صحراء لحمادة ، حيث يستريح ويكبر أين امكنه العيش .
زروگ اضطر إلى إجراء عملية جراحية في "مينوركا" ، بفضل تضامن وجهود تنسيق طاقم الصحة في الجزيرة ، وقد أمضى بضعة أسابيع في فترة نقاهة ، حيث أتيحت لنا خلالها فرصة نسج علاقة صداقة كبيرة ، والتي استمرت حتى وفاته. واستمرت تلك العلاقة بصورة جيدة في ذاكرة أطفاله ، وهو الأمر الذي جعل من الممكن ، من بين أمور أخرى ، أن تعيش إحدى حفيداته في منزلنا لمدة 11 عامًا ، و أن تصبح ابنة حقيقية ملأتنا بالسعادة وكانت أروع هدية في حياتنا ، ومؤخرا جعلتنا أجدادًا .
قدم لنا زروگ جواز سفره الإسباني ذات يوم أثناء زيارة خيمته ، جواز سفر قال أنه فخور به ، لكنه اعترف ، امام دهشتنا القاتمة ، بأنه لا فائدة له ، وأنه في الواقع أجبرعلى السفر بجواز سفر جزائري، البلد الذي استقبل أكثر من مائتي ألف صحراوي فروا عام 1975 من بطش الجيش المغربي الذي اضطهدهم وقصفهم بالنابالم أثناء فرارهم بحثًا عن ملجأ.
كل الوعود التي قطعتها حكومة فرانكو للصحراويين ، في محاولة لإقناعهم بالتخلي عن الاستقلال ، والتي وصلت الى حد إنشاء وهم الولاية 53 ، الصحراء الإسبانية ، تكشفت عن محض أكاذيب في خداع لشعب بأسره.
لا يزال لدي جواز السفر الخاص بزروگ ، والذي يحدده كمواطن إسباني ، وهو جواز سفر البلد الذي استمر في خداعه وخداع شعبه حتى اليوم ، فيما يمكن أن نصفه بتاريخ الخيانة الدائمة. واستمر في خداعهم ، عندما وعدهم أمير إسبانيا آنذاك "خوان كارلوس دي بوربون" بالحماية من الغزو المغربي المعلن عام 1975 ، لتسليمهم لاحقًا ، بعد غزوه مباشرة ، مقيدي الأيدي والقدمين.
كما خدعهم " فيليبي غونزاليس " عندما وعد في عام 1977 "بمرافقة الشعب الصحراوي في نضاله من أجل تقرير المصير" وخانهم بصورة مستعجلة عند وصوله إلى السلطة. وقد ضللهم "رودريغيز ثاباتيرو" عندما قال إن وزير خارجيته "موراتينوس" "سيحل مشكلة الصحراء في غضون ستة أشهر". بعد ذلك مباشرة ، لم تكن لديه أي عقدة في تقديم البيعة لملك المغرب الديكتاتور .
واستمروا في خداعهم ، عندما تؤكد الحكومة الآن أن إسبانيا لم يعد لديها أي التزام تجاه الصحراء ، و وفقًا للقانون الدولي فقد اعترف سن 2014 في حكم تاريخي ، قاضي محكمة "غراند مارلاسكا " الوطنية ، ان إسبانيا لا تزال هي القوة المديرة و المسؤول عن الاقليم الذي ينتظر تصفية الاستعمار ، على النحو المحدد من قبل الأمم المتحدة. 
لم يكن للحكم أي عواقب على السياسات الإسبانية فيما يتعلق بالمغرب ، لاحتلاله غير القانوني للإقليم الإسباني السابق.
واستمروا في خداعهم وخيانتهم ، عند التشريع بالطريقة التي أقرت بها المحكمة العليا ، في حكم صدر قبل أسابيع قليلة ، أنه من أجل الحصول على الجنسية الإسبانية ، لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار أن ولادتهم في الصحراء الإسبانية تعني حصولهم على الجنسية.
وقد تعرضوا للخيانة ، عند تطبيقهم للائحة يجب أن تشكل عار ، هذ اللائحة تؤكد ، أن المسؤولين الإسبان الذين يعالجون أي طلب من الصحراويين ؛ ابن أو حفيد صحراوي و لا يزال يحمل جواز سفر أو بطاقة هوية إسبانية ، يحتاج إلى شهادة ميلاد ، والتي يمكن أن تحمل فقط تصديق السلطات الصحراوية في مخيمات اللاجئين ، حيث ولدوا ، ولكنهم يتلقون على الفور الإجابة بأن إسبانيا لا تعترف بالسلطة التي تصدر الوثيقة المذكورة ، مستحيل ، وبالتالي حكم عليهم بالوضع الرهيب " بلا وطن ". 
كان زروگ ، الذي كان فخورًا بجواز سفره ، غاضبًا بالفعل ، نظرًا للخيانات المتعددة التي لا يزال شعبه وخاصة أحفاده يتعرضون لها من قبل حكومة إسبانيا ، التي تفضل إبقاء رأسها مدفونا في الرمال ، بدلاً من مواجهة و بطريقة شجاعة تاريخ الكثير من الخيانة ، و تعويض شعب الولاية الإسبانية 53 للصحراء ، الذي يراهن على الدفاع عن حقوقه بنشاط بين الامم ، وعلى وجه التحديد ، في الأمم المتحدة.
بقلم : Ramón Orfila
رابط النص الأصلي : https://larealidadsaharaui.blogspot.com/2020/09/zrug-uld-larosi-uld-yumani-menorca-y-el.html?m=1

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *