-->

البوريطية تفقد أعصابها


تُصاب البوريطية بحالة من النرفزة و فقدان السيطرة على الأعصاب بتخليها عن أبسط شروط اللباقة و الكياسة في ابجديات العرف الدبلوماسي، حيث خرج فيلسوفها ومهندسها "ناصر البوريطي" عن صوابه و هو يتهم الشعب الصحراوي و الدولة الصحراوية "بقطاع الطرق".

كبير الدبلوماسية المخزنية، نتلمس له العذر وهو الوحيد المُدرك لضخامة حجم حصيلة الخسارة التي تعرضت لها هذه الأيام ماكينة الدبلوماسية المغربية ، فأبعاد وإنعكاسات ذلك ليس على تطورات النزاع الصحراوي- المغربي فحسب، بل على نفسية الشعب المغربي الذي كثيرا ما حُجبت عنه الحقائق و سُوقت له الاكاذيب تلو الأكاذيب، فلا غرابة إن فقد أعصابه لما أصابه من إحباط وشعور بالتيه و الفشل.

فقد أعصابه أولا، لأن كِـذبة من طنجة الى لكويرة، تبخرت أمام أعين المواطن المغربي، إذ أظهر الفعل الميداني لبطلات و أبطال ملحمة الكركرات من خلال وقفة سلمية معززة بالإصرار على القيام بما عجزت عن القيام به الأمم المتحدة المتمثل في إعادة الوضع الى ماكان عليه قبل التوقيع على الإتفاق العسكري رقم1 بين الطرفين أي: غـــلق الثغرة نهائيا. أظهر أن السيادة في الكركرات الآن و غدا وبعد غد هي تحت السيطرة الصحراوية و ملكية حصرية للشعب الصحراوي كباقي التراب الوطني.

ثانيا، فقد أعصابه لأن كذبة إكتساح إفريقيا و التطبيل على فتح دكاكين لدويلات عاجزة حتى عن دفع مستحقاتها في الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة شأن دولة القمر و غنيا، اللتان مُنعتا من حقهما التصويت في الجمعية العامة ، يفندها الإعلان هذا الأسبوع، عن طي ملف طلب المغرب الإنضمام الى المجموعة الإقتصادية لغرب أفريقيا "إكواس" و رفض أي مسعى آخر يتقدم به لهذه المجموعة الإقتصادية. 

الخبر نزل كالساعقة على المخزن الذي كثيراما صَمَّت آذاننا، آلته الدعائية وعلى لسان ناصر البوريطي نفسه بأن دول إكواس فخورة بطلب المغرب الإنضمام اليها و أنها ترغب في الإستفادة من تجربته الرائدة و من قدراته الإقتصادية الضخمة!!

ثالثا، فقد أعصابه لأن كذبة المكانة المتميزة للمملكة المغربية في إفريقيا وقدرتها على ريادة الإتحاد الأفريقي وطرد الجمهورية الصحراوية من هذا الإتحاد، تُعريهاهذا السبوع أيضا ، فضيحة السقوط الحر لكل الأعضاء المرشحين من طرف المغرب لتولي مناصب قيادية لمنظمات الإتحاد، إلا واحدا من بين الخمسة . هنا أريد ان أهمس في أذن المغاربة بأن الذي نقل و قدم ملفات المرشحين المغاربة الى مكتب المجلس التشريعي و القانوني المخول لذلك هو دبلوماسي يسمى "لمن باأعلي" وهو سفير مفوض فوق العادة للجمهورية العربية الصحراوية لدى إثيوبيا والإتحاد الأفريقي كما أوردت صحيفة القدس العربي في عددها ليوم19 اكتوبر الجاري و موقع "افريكا إنتليجنس"الفرنسي في عدده الصادربنفس التاريخ.

فلاداعية للإستغراب، فالمملكة العلوية الشريفة تعترف رسميا بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية كما هو مُعلن ومنشور بظهيرملكي شريف في الجريدة الرسمية للمملكة المغربية و إذ قام السفيرالصحراوي بتقديم ملفات الدبلوماسيين المغاربة الذين من بينهم وزير سابق الى المجلس التشريعي فربما يكون رد للجميل...

رابعا، فقد اعصابه لأن كذبة الولايات المتحدة الأمريكية تساند "سيادة" المغرب على الصحراء الغربية و أن علاقة البلدين استراتجية وأنها ستزود المغرب بطائرات الشبح "إف 35" التي لم يحصل عليها حتى الحلف الأطلسي ، الى آخره من البروباغندا الرخيسة، يسفههه مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط السيد ديفيد شنكر يوم الخميس في إحاطة خاصة بالمركز الإعلامي الجهوي لوزارة الخارجية الأمريكية بدبي بقوله إن" إعتراف" الولايات المتحدة بسيادة المغرب المزعومة على الصحراء الغربية " ليس مطرحا على الطاولة". تلك صفعة أخرى زادت من ضغط الدم على المسكين ناصر البوريطي رغم ما بذله .

خامسا، فقد أعصابه لأن جميع رسائل الرئيس ابراهيم غالي و المذكرات التى ترفعها جبهة البوليساريو الى الأمين العام الأممي توزع بانتظام على كافة أعضاء مجلس الأمن الدولي مما حذى بعمار هلال المندوب المغربي الى الإكثار من الصراغ و العويل في دهاليز مقر الهيئة الأممية، رغم ان الصحراويين لا يعولون على هذا المجلس كثيرا.

سادسا و اخيرا وليس آخرا فقد الناصر البوريطي أعصابه و جن جنونه، وهو يرى ما كانت تسوقه دبلوماسيته للخارج حول التنمية و الإزدهار وحرية التعبير و نشاط المجتمع المدني و الدور البارز للمنتخبين في تمثيل الساكنة الصحراوية حسب التعبير المخزني تعصف به رياح " الهيئة الصحراوية لمناهضة الإحتلال" التي تترأسها المناضلة الحائزة على جائزة نوبل البديل منتو حيدرا، تلك الهيئة التي قلِبت الطاولة على المحتلة و أربكت حساباته تطبيقا منها لإستراتجية التصعيد التى سطرها المؤتمر الشعبي العام الخامس عشر.

إن التجاوب السريع والفعال لكافة الشعب الصحراوي حول الخطة المحكمة للجبهة الشعبية المنبثقة عن مؤتمر الشهيد البوخاري وإدراك و وعي المواطن الصحراوي بالإستراتجية الجديدة التى بدأت فصولها تُطبق ميدانيا، بدءا بالمناطق المحتلة حيث ارتبك المشهد و فقد العدو البوصلة بفضل ذكاء الطلائع هناك وتقيمهم الجيد للأوضاع بانتزاعهم للمبادرة، لتتوالى المبادرات بعد ذلك بالتظاهر عند كل ثغرات جدار العار من بئر لحلو الى مهيريز الى غوينيت الى الكَركَرات وفرض السيادة الشعبية بها، فضلا عن النفير الذي تم في اوساط المقاتليين و استعداد جيش التحرير الشعبي التام لكل الإحتمالات، كل ذلك فاجأ العدو وعززمن ثقة الصديق.

إنه ببساطة الشعب الصحراوي الذي أفقد أعصاب سي بوريطة وأبان عن خفته و جنونه و أن سياسة الأظرفة و التملق و الكذب و بيع الوهم للمغاربة لن تعمر طويلا و لن تجدي نفعا في المستقبل كما في الماضي.

لقد أظهرت الفلسفة البوريطية محدودية فعاليتها وأظهرت بالأساس أن الدولة المغربية تسير بلا ربان و تحكمها الردائة المُعتمِدة على الرشوة و البلطجية و الكذب لحمر.

بقلم: محمد فاضل محمد سالم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *