منتدى الصحراء الحرة حول الوحدة الوطنية
"الوحدة الوطنيّة هي أحد أبرز الركائز الوطنيّة وأحد أهم دعائمه ومقوّماته التي تجمع بين أبناء الوطن الواحد وتربط بينهم، إذ تقوم بشكل أساسي على حبّهم لهذا الوطن وانتمائهم له ودفاعهم عنه ضدّ أيّ قوّة خارجيّة تحاول إيذائه أو السيطرة عليه بأيّ شكل من الأشكال، كما وتوحّدهم على نفس المبادىء والعادات والتقاليد ضمن المساحة التي يعيشون فوقها من الأرض، وأينما تحلّ الوحدة الوطنيّة تختفي كافّة الشرور، والخلافات، والأحقاد، والعنف، والعنصرية، وتسود أجواء المحبة، والتسامح، والتكاتف، والتآخي، والتعايش".
و لمناقشة الموضوع من الناحية السياسية بشكل خاص، تتشرف جريدة الصحراء الحرة باستضافة مجموعة من الكتاب و المدونون الصحراويون الذين تركوا بصمات ناصعة في مجال القلم السياسي الثائر و الفكر المستنير الذي يرنو نحو التقدم بعجلة الفعل السياسي الرائد.
كتاب سخروا قلمهم الرضاضة لخدمة قضيتهم التي يؤمنون بها حتى النقاع، و ما زالوا يقدمون زبدة الرأي و التحليل السياسي المستبصر لكل قضايا وطننا الذي يزال يترنح تحت نير الاحتلال الغاشم.
ضيوف العدد أزعور إبراهيم، أسلامة الناجم و الديش محمد، فأهلا و سهلا بكم ضيوفا على منتدى الصحراء الحرة، ونتمنى ان تكون مشاركتكم اضافة نوعية لمحتوى جريدتنا المتواضعة.
الديش محمد: بالوحدة الوطنية، يكون الصحراويون قد رسموا طريق السير نحو المجتمع الحضاري في اطار الدولة الضامنة لمستقبلهم
أزعور ابراهيم:فالشعور بالوطنية يجعل الإنسان شديد الارتباط بوطنه إلى درجة الاستعداد للموت دفاعا عنه
أسلامة الناجم:إن هذه الكيانات المناوءةليست سوى بالونات إختبار يطلقها العدو من حين لآخر لجس نبض وحدتنا
أول الكلام ...
الديش محمد: بداية بودي ان اشيد بدور الاعلام الوطني في تغطيته المستمرة لمسيرة كفاحنا التحريري ، خاصة احداث هامة كالتي نحن الآن بصدد الحديث عنها، الا وهي ذكرى الوحدة الوطنية، واشكر القائمين على جريدة الصحراء الحرة، رسالة الشعب الصحراوي المكافح، رسالة الحرية والكرامة، رسالة المجاهدون الاحرار، وبالأخص اشكر القائمين على هذا المنتدى على دعوتهم لنا للحديث عن هذا الحدث الهام في تاريخ الشعب الصحراوي والمميز في مسيرته الكفاحية.
كيف كان وضع المجتمع الصحراوي قبل حدث الوحدة الوطنية ببنتيلي من الناحية التنظيمية و السياسية؟
الديش محمد:فيما يخص السؤال، فبعد فشل قوى الغزو الاستعمارية التي حاولت مرارا وتكرارا غزو الصحراء الغربية نتيجة قوة وشراسة المقاومة التي تصدت لها حينها بفضل وحدة وتلاحم سكان هذه الارض، جاء الاستعمار الاسباني بوجه جديد، الذي استطاع من خلاله السيطرة على ارض الساقية الحمراء ووادي الذهب، وهو اسلوب المهادنة والود، ادراكا منه بان الصحراويين هم دعاة سلم وتعايش سلمي.
وبعد السيطرة الكاملة لإسبانيا على التراب الصحراوي، بدأت في تطبيق الاسلوب المعهود للاستعمار "فرق تسد" لفك وحدة الصحراويين التي كانت سر قوتهم، وذلك من خلال تشجيع القبلية وتجهيل المجتمع وتفقيره.
وهكذا ظل الاستعمار الاسباني ينتهج هذه السياسة الى غاية رحيله، هذا الرحيل الذي فرضه التحول الجديد في المجتمع الصحراوي، بعدما استطاعت نخب مثقفة من ابناءه استنهاض همم الجماهير من اجل استرجاع الوضع الطبيعي لتلك الأراضي والحقوق المشروعة المسلوبة والقطيعة مع العدمية السياسية والعصبية.
أسلامةالناجم: بكلمة واحدة يمكن تلخيصه بما اسماه الشهيد الولي بالعدمية السياسية، فالمجتمع الصحراوي كان مجتمع قبلي بحت، والفعل، كان على هذا الاساس ومن هذا المنطلق، فالقبيلة كانت المبتدأ والختام في اي تفكير او فعل . وهذا وضع طبيعي في مجتمع بدوي ، وربما كان للجغرافيا دورا كبيرا في تأخر ظهور وعي سياسي او تكتل مجتمعي منظم، فالطبيعة الصحراوية القاسية فرضت على الجميع حلول فردية لمجابهتها، الشيء الذي ابقى رابطة الدم هي الرابطة الوحيدة المتاحة للتعاون او للتجمع.
هذا لايمنع ان المجتمع الصحراوي من الناحية التنظيمية كان يحاول قدر الامكان وبالقدر الذي تسمح به ظروفه، او مضطرا احيانا اخرى بفعل عوامل خارجية ان يتوحد من اجل مجابهة الخطر الذي يهدد الجميع، ولا يمنع من الاشادة بفترات من تاريخ مجتمعنا شهد فيها تنظيما وحسن اداء امام التحديات التي كان يواجهها من حين لاخر، غير ان غياب الوعي السياسي والتنظيم السياسي بمعنى المؤسسة او الدولة هو ما جعل وطننا قبلة لكل طامع رغم بسالة المقاومة.
أزعور إبراهيم:حتى بعد هذا التاريخ بحدود سنة،كانت الصحراء الغربية تدار من طرف إسبانيا الاستعمارية،وكان الشعب الصحراويحينئذ، طبيعي جداوقبلي جدا و محفوظ في خانات غير متساويةتجعله قبائل وعروش،إلى درجة أن الولاء القبلي يعلو على غيره من الولاءات الأخرىبحسب الأعراف القبلية التي هي أهم محفوظات الاستعمار،وكان لشيوخ القبائل نصيب مهم من القيمة العامة،وهو ما يتيح لهم ممارسة سحر الحلول الاجتماعية لكافة أنواع المشاكل، دون اللجوء إلى أي نوع من أنواع القوة.
وما أن جاءت الثورة حتى احتاجت إلى دعم هؤلاء للتحول نحو تنظيم سياسي بفكر وطني ينصهر فيه الكل في الكل،ولذلك إستعان قادة الثورة بالشيوخ لتخطي تلك العقبة، بالإضافة إلى حاجة الثورة إلى صناعة روح وطنيةتربط وتشد الفرد إلى وطنه وشعبهوتقوي عنده الشعور بالفخر والانتماء لهذا الوطنبدل القبيلةالتي تقف حائلا دون فرص التماسك الداخلي، فالشعور بالوطنية يجعل الإنسان شديد الارتباط بوطنه إلى درجة الاستعداد للموت دفاعا عنه.
12 أكتوبر كان حدث بارز في المسار التنظيمي و السياسي للشعب الصحراوي، كيف تقرأون رمزية الحدث؟
الديش محمد: في ظل مخاض الفكر الوطني وميلاد الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، كان الاستعمار الاسباني قد أدرك ان سياسته في تقسيم، تجهيل وتفقيرالمجتمع اصبحت ايامها معدودة، وهو الامر الذي دفعه حينها الى انشاء تنظيمات موازية لجبهة البوليساريو بالإضافة الى اخرى من صنع النظام المغربي، الذي هو الآخر كان قد استخدم كل ما في وسعه للتأثير على التأييد الكبير الذي كانت جبهة البوليساريو تحظى به في اوساط الصحراويين، تمهيدا لغزوه الغاشم لأرض الساقية الحمراء ووادي الذهب.
لقد راهنت جبهة البوليساريو على وحدة الصحراويين لاسترجاع قوتهم التي شتتها الاستعمار، وفعلا نجحت في جمع كل اطياف المجتمع الصحراوي في ملتقى بنتيلي يوم 12 اكتوبر 1975 ليتوج بالإعلان عن الوحدة الوطنية وهو ما شكل ضربة قوية لمحاولات تشتيت الصف الصحراوي، كما اظهر اصرار الشعب الصحراوي على فرض وجوده واستعداده للتصدي للأطماع التوسعية ومواصلة الكفاح من اجل الحرية والاستقلال الوطني.
وبهذا الاعلان، يكون الصحراويون قد رسموا طريق السير نحو المجتمع الحضاري في اطار الدولة الجامعة لهم كلهم والضامنة لمستقبلهم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.
أسلامة الناجم: هذا اليوم هو الاساس الذي وقفت عليه جميع مكاسب وانتصارات شعبنا لولاه لما استمرت البوليساريو في الوجود ولا كان إعلان الجمهورية ممكنا و لولاه لا وجود لكل المؤسسات التي نعرفها الان واهمها جيش التحرير الشعبي صانع مجدنا و الذي بالمقابل اصبح ضامن هذه الوحدة وحاميها.
أزعور إبراهيم:الجواب السابق يقودك إلى فهم الدوافع التي أدت إلى قيام وحدة وطنية بين المكونات القبلية المختلفة التي كانت تشكل عصب النسيج الاجتماعي لشعب الصحراء الغربيةمنذ ظهور البوليساريو كجسم جامعفي العاشر من ماي سنة 1973.
فالثورة لا يمكنها أن تولد في العراء، وإنما يلزمها هيكل سياسي لتحتمي به أثناء المخاض ،أي إطار الدولة. ويمكن القول بأن تاريخ 12 أكتوبر من العام 1975، مثل شرارة لميلاد نخبة سياسية وعسكرية كان لها أن تتصدر المشهد السياسي لإسماع صوت الشعب الصحراوي من خلال لغة تجمع بين الدبلوماسية والقوة العسكرية.
البوليساريو احتاجت قيام وحدة وطنيةلتفكيك بعض الأزمات الداخلية التي واكبت انطلاقتها،ففي العادة فانه في حركات التحرير العالمية كثيرة ما تحدث أمور مماثلة بسبب صعوبة الانتقال والتكيف .
يعتبر الشهيد الولي مصطفى السيد، المهندس البارز لوحدة المكون الصحراوي، كيف تستنطقون فلسفته في ضرورة هذه الوحدة؟، و ماهي الخطوات المهمة التي اتبعها الولي لتوحيد الصف الصحراوي؟
الديش محمد: لقد وهب الله للشهيد الولي رحمه الله واسكنه فسيح جناته صفات قليل من يمتلكها في هذه الدنيا، اولها شخصيته الكاريزمية ومثاليته في كل شيء، وكان نعم القائد، ونعم المفكر، ونعم الموجه، واستطاع في زمن قياسي احداث تحول جذري ونوعي ليس على مستوى بنية المجتمع الصحراوي ونمط تفكيره فحسب، بل ايضا اسس لرؤية إستراتيجية في البناء اساسها الاستثمار في الإنسان الصحراوي باعتباره رأس المال الاول الضامن لمعركة التحرير.
على نخبة الشعب الصحراوي، خاصة الجيل الشاب، ان تقتدي بالشهيد الولي فكرا وممارسة وجرأة، وان تستنبط المعاني من المعجزات التي تحققت في ذلك الزمن القصير من قيادته ومن المثال الذي اعطاه في الفداء.
كانت اولى خطوات الشهيد الولي في رص الصف الصحراوي تركيزه على الوعي الجماهيري انطلاقا من ايمانه بالشعب لإثارة الحس الوطني والاستعداد للتضحية واسترجاع روح الغيرة الوطنية واستنهاض الهمم، ليتبع ذلك بتنظيم هذه القاعدة ثم الانتقال لمرحلة المواجهة مع العدو.
أسلامة الناجم: الولي رحمه الله كان ذا بصيرة عميقة ورؤية سياسية استراتيجية ساعدته على التشخيص الجيد لعلل المجتمع الصحراوي تماما كما علم نقاط قوته، من هنا رأى ان الركيزة الاولى في البناء هي الوحدة الوطنية التي ستؤطر الكفاح الوطني وستحمي المكاسب وتضاعف الانتصارات وتفرض هيبتنا واحترامنا على الكل، العدو والصديق على السواء. خطوات الولي رحمه الله -وجميع شهدائنا الابرار- من اجل الوحدة الوطنية كانت تتمثل وترتكز على تحسيس المجتمع وتوعيته بخطر التشرذم على الوجود الصحراوي امام الهجمة الشرسة وحرب الابادة التي تقودها الرباط ونواقشوط انذاك، ولم يكتف بالتنظير بل عمد مباشرة الى تحويل الفكر الى فعل و واقع معاش كان في وقت سابق ضربا من المحال.
أزعور إبراهيم:من المهم جداالتذكير بعدم وجود حائل زمني كبير بين تجربة جنين الحركة عام 1970والذي انتهي باعتقال الفقيد محمد بصيريوميلاد البوليساريوالتي واصلت أهداف الحركة بالسعي إلى تأطير وتعبئة الحشود الثورية سعيا وراء هدف تحقيق الاستقلال.
بالنسبة للبوليساريو، في بداياتها الصعبة كان الولي الذي امتلك موهبة استثنائية على التأثير بسبب حضوره القوى إلى جانب فكره وثوريته وحماسته المفرطة، شابا طموحا مفعما بالأفكار التقدميّة والثورية الخصبة الإيرادات والمنابعوالتي امتلأت بها تلك الفترة،وبفضل هذا الوعي، نجح الولي بشكل لا فت في التوغل في فكر الجماهير الشعبيةمشكلا الوعي الثوري اللازم لإشعال نار الثورة و تأسيس هياكلالدولة فيما بعد.
وبالفعل،فإن الفضل يعود له في هندسة ذلك الصرح الوطني الشهير الذي أصبح الملاذ الآمنالذي يلتف حول الصحراويينكلما شعروا بالخوف على مصيرهم كشعب.
بعد 45 سنة من رص اللبنات الاولى لهذه الوحدة الفريدة، كيف تقرأون واقعها في ظرفنا الحالي؟
الديش محمد: لقد حقق الصحراويون الكثير من المكاسب والانجازات، وكل ذلك بفضل الوحدة الوطنية، ولا اظن انه يوجد صحراوي اليوم سواء كان كبيرا او صغيرا يشك في ذلك. كما ان كل الصحراويين يؤمنون بان تطلعاتهم في العيش الكريم لن يكون الا في ظل دولة مستقلة، ولكنهم ايضا يؤمنون ان الحرية والاستقلال لا تأتي على طبق من ذهب، فلا بد من التضحية ولا بد من الصبر ولابد من تحمل الآلام الكثيرة وطول الوقت، وكل ذلك يعتمد على سلامة العمود الفقري الذي هو الوحدة الوطنية التي على الجميع ان يحافظ عليها.
ورغم ان الواقع الذي نعيشه اليوم يطبعه الكثير من التجاذبات من جراء حالة اللاحرب واللاسلم والمتغيرات الدولية، لكن هناك حقيقة لا رجعة فيها ومسلم بها تتمثل في وجود الشعب الصحراوي والاعتراف بحقه المشروع في تقرير المصير والاستقلال وفي كونه قوة سياسية وعسكرية لا يمكن تجاهلها ويحظى بدعم شبكة من العلاقات الدولية الواسعة، واصبحت هذه الحقيقة حاضرة في اية مقاربة في شمال افريقيا، وهذا يعني انه لا مفر من الاعتراف بالدولة الصحراوية عاجلا ام آجلا.
ان الصحراويون اليوم في حاجة ماسة لوقفة مع ذواتهم ودراسة واقعهم لتحديد نقاط قوتهم من عدمها، لأنهم امام تحديات كبيرة وخطيرة، لا تقبل التهاون ولا الاستهزاء، والمسؤولية في هذه الحالة ملقاة على عواتق النخبة التي عليها ان ترشد الجماهير وتحمي افكارها وتتصدى للحرب النفسية والدعاية التي يقوم بها العدو.
ومثلما علمنا شيخ المجاهدين، الشهيد الرئيس محمد عبد العزيز رحمه الله، الرجل الذي جسد كل معاني الوحدة الوطنية، ان مفهومها لا ينحصر على رص الصفوف وزرع حب المصلحة العامة والدفاع عنها والتضحية من اجلها فحسب، ولكن الوحدة الوطنية ايضا هي من اجل المحافظة على قيم ومكاسب المجتمع وتطوير افكاره وبناءه على اسس سليمة وتحصينه أمام محاولات العدو الهادفة إلى تقسيمه، وبالتالي هي سر الانتصار والنجاح وبناء الدول والمجتمعات.
أسلامة الناجم:الصحراويون اليوم واعون اكثر من اي وقت مضى بضرورة وحدتهم واهميتها وبالتالي لا خوف عليها على الاطلاق،فكل الفعل النضالي والوطني في كل تواجدات العنصر الصحراويين يتم من منظور الوحدة الوطنية وسيلة وغاية،فلن يعد الشعب الصحراوي الى مقبل 12 اكتوبر 1975 على الاطلاق.
أزعور إبراهيم: بعد 45 سنة من رص اللبنات الأولى لهذه الوحدة الفريدة، كيف تقرءون واقعها في ظرفنا الحالي؟
بعد عقود من جهود نقل المجتمع نحو الحداثة،يستمر الاحتجاج على الاستخدام القبليالذي يعتقد اللجوء إليه بهدف الحفاظ على ما يراه البعض "توازن اجتماعي ضروري" حين يتم اللجوء إلى نظام توزيعي يعتمد المحاصصة،وهو الأمر الذي أدى إلى حضور القبيلة ككيان سياسي واجتماعي،ظل يعمل بموازاة مع الدولة ولو بشكل غير معلن.
والمصيبة، نجد أن أطر الجيل الجديد، جيل المستقبلالذي يتم الرهان عليه بشكل كبيرويعول عليه في مسألة التخلص من سطوة التأثير القبلي، قد ورث أفكار قبلية جاهزة للأسف،لكنهناك دائما مجال للفرصة لتعيد نفسها باستمراركي تجعل من الشباب العقل الذي يعمل بشكل إيجابي،يفكر ويتفق ويقرربدلا من الانقسام .
بظهور كيانات سياسية دخيلة تحمل أجندات معادءة و مناوءة في محاولة لشق الصف الصحراوي العنيد، ما هو العمل المناسب للرد على هذه الشرور و السموم التي ما فتأت تكشر عن أنيابها تحت مسميات مختلفة خدمةلأجندات العدو في السر و العلم؟
الديش محمد: بفضل الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، استرجع الشعب الصحراوي حقه في الوجود وفي الحرية والكرامة الذي سلب منه على مر ما يناهز القرن من الزمن، كما استطاعت انتشاله من ظلمات الجهل والتخلف والعدمية، فوحدت صفوفه وافشلت كل المؤامرات التي احيكت ضده، وها هي تسير به نحو مصاف الشعوب الحضارية، الامر الذي اثبت جدارتها في قيادة المعركة الكفاحية وشرعية ووحدة تمثيلها للشعب الصحراوي. واليوم لم يعد خافيا على اي فرد من الشعب الصحراوي الطريق الصحيح من الطريق الخطأ؛ فطريق الحق، هو الذي تسلكه جبهة البوليساريو، مرصعا بدماء الشهداء والوفي لعهدهم، طريق الذين قال فيهم الله عز وجل في كتابه الكريم " مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا" صدق الله العظيم، اما طريق الباطل، فهو طريق الذل والإهانة، طريق الذين قال فيهم الله عز وجل في محكم كتابه "إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ" صدق الله العظيم.
كل ما يمر على مسامعنا هذه الأيام ما هو الا مجرد فقاعات لا تستطيع مقاومة الحق الذي تمثله جبهة البوليساريو، والمستفيد الوحيد طبعا من هذه الفقاعات هو العدو الذي ظلت جبهة البوليساريو شوكة عالقة في حلقه من قوة الحق الذي تمثله.
أسلامة الناجم: الرد على هكذا مؤامرات او مناورات هو المزيد من الوحدة ورص الصف والتحسيس الدائم بخطر التشرذم على الوجود والمصير، هذه الكيانات لا توجد خارج الميديا، هي بالونات اختبار يطلقها العدو من حين لاخر يجس بها نبض وحدتنا وقدرتناعلى الفعل، فمن يمثل شعبنا ويصون كفاحه واضح جلي ومن يمثل العدو ايضا واضح وشعبنا قدم من التضحيات ما يكفي ليحصنه من خدعمؤامرات الاحتلال المغربي ومن يستعين بهم من الخونة.
أزعور إبراهيم: بظهور كيانات سياسية دخيلة تحمل أجندات معادية ومناوئة في محاولة لشق الصف الصحراوي العنيد، ما هو العمل المناسب للرد على هذه الشرور والسموم التي ما فتئت تكشر عن أنيابها تحت مسميات مختلفة تخدم أجندات العدو؟
أنت تتحدث عن كيانات أمنية خرجت كلها من عباءة المصالح السرية المعادية،والماضي يتسع لكثير من تلك النماذج التي أريد منها أن تكون بديلا عن البوليساريو،بمعنى تأهيل طرف موازي قادر على سحب لقب الممثل الشرعي والوحيد من جبهة البوليساريو.
وقد ركز المغرب كثيرا على موضوع حق التمثيل بهدف جعله بندا للمناقشة يمكن أثارته في هيئات أممية فيما يشبه استفتاء،ليس حول موضوع تقرير المصيروإنما حول موضوع من يحق له تمثيل الصحراويينوالحديث باسمهم؛وهي أقصر الطرق الممكنة نحو قرصنة طموحات الشعب الصحراوي من خلال تمييع مفهوم حق تقرير المصير.
ومن أجل هذا الهدف، وظف المغرب ملفات مثل: حقوق الإنسان،نتائج تعقب قيادات الجبهة وعثراتهم في الهجوم على القضية سياسياأمام هيئات دولية كثيرة،وتم شحن أصناف مختلفة من الخونة الذين كانوا على أتم الاستعداد لتمرير الخذلان عبر مصالح شخصية ضيقة مقابل المبادئ.
ولأن المزاج الوطني ظل رافضا للتعاطي مع هؤلاء،كاشفا لأهدافهم، اضطر المغرب إلى إجراء المراجعات، تلو الأخرىعلى عمل تلك الكياناتالتي طالما اشتكت من نقص التمويلالمادي أو تنازعت عليه.
كلمة اخيرة؟
الديش محمد:ان الحلم الذي لطالما راود الشعب الصحراوي ها هو اليوم يتحول الى حقيقة لا رجعة فيها؛ الدولة الصحراوية المستقلة على ارض الساقية الحمراء ووادي الذهب. كل المكاسب والانجازات التي نقف في ظلها اليوم لم تكن لتتحقق الا بالوحدة الوطنية والالتفاف حول الطليعة الصدامية للشعب وممثله الوحيد الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب؛ جيش من الابطال الصناديد لله الحمد، مؤسسات قائمة، مرافق اجتماعية واقتصادية، وعلاقات دبلوماسية دولية واسعة. وسيبقى النظام المغربي عدوا ولن يتحول لصديق ابدا مادام يتمادى في نكران الحق المشروع للشعب الصحراوي الذي تقره جميع المواثيق والقرارات الدولية، ولن تسقط عنه المسؤولية في ما الحقه بهذا الشعبي الابي من معاناة.
والمطلوب الآن من كل الصحراويين هو رص الصفوف اكثر من ذي قبل ورفع التحدي، لأنها المرحلة الاخيرة من الكفاح والعدو يرمي بكل ثقله لتجنب التعجيل بنصرنا عليه، وسننتصر بإذن الله، احب الاعداء ام كرهوا.
أزعور إبراهيم:تقودنا خلاصة التفكير إلى حقيقة واحدةوهي:أن الاحتياطات للمستقبل هي الأهم،ما دام أن الشعب الصحراويغير مستعد في أي لحظة للتفريط في المكاسب الكبيرة التي تحصل عليها في الماضي، بفضل التضحيات الجسام في ميادين النضال والكفاح المختلفة، ومنها ذلك الإنجاز التاريخي، المتمثل في قيام الوحدة الوطنية بين مكونات الشعب الواحد، والتي تم الإطلاق منها في رحلة البحث عن المصير.
هناك دائماهذا الارتباط العاطفي العجيب بين الصحراويين وقضيتهم،ويبقى الخيار الأمثل والأصعب هو الثبات حتى تستكمل المسيرةبغض النظر عن العقبات والصعاب، حتى تستكمل السيادة الوطنية على كامل تراب الوطن.
المصدر: اسبوعية الصحراء الحرة ـ عدد خاص بحدث الوحدة الوطنية