غوتيريس و ازمة التقارير
بقلم: خطري الزين
يمثل منصب الامين العام للأمم المتحدة، منصبا فخريا او شكليا اذا شئنا ان نسميه كذلك، فحسب ميثاق الامم المتحدة يمكن له ان يلفت الانتباه لمختلف القضايا و المسائل التي تهدد السلم و الامن الدوليين، لكنه لا يستطيع ان يبت فيها، بدون المرور على اعضاء مجلس الامن،هذا الاخير هو الوحيد المخول للحفاظ على الامن و السلم الدوليين، فيتلقى التقارير من الامين العام و المبعوثين الخاصين، ليصدر القرارات التي تخضع في العادة لمساومات بين الدول الاعضاء حسب المصالح و النفوذ، و أحيانا تصل الى حالة من الاستقطاب بين اللاعبين الدوليين تتخللها نقاشات ساخنة و مفاوضات شاقة، و معارك طاحنة، الى حين إصدار القرار ليتولى المبعوث الشخصي للامين العام و البعثات مسؤولية الاشراف و التنفيذ، بهذا يكون دور الامين العام شكلي غير مستقل عن ما يقرره المجلس( ما ايميل و لا ايعادل)، لهذا يلتزم دائما بما يمليه الميثاق، و إن كان التقرير يعتبر مسودة اولى،قد تعكس المعطيات على الارض،اذا اتسمت بالحيادية و عدم الانحياز.
ففي حالة الصحراء الغربية، و مع نهاية عهدة بان كي مون، و مجئ غوتيريس،زاد ضغط المغرب بمعية فرنسا على شخص الامين العام، ففي مارس 2016، خلال زيارة بان كي مون للمنطقة،- بدافع تحريك عملية السلام التي تعطلت، بسبب الجمود و العرقلة- صرح "...بأن الوضع محفوف بالمخاطر، و قد ينفجر في أي لحظة، بفعل الاحتلال المغربي للصحراء الغربية، و من اجل الوصول إلى مسألة الوضع النهائي،يجب الدخول في مفاوضات بنية صادقة و بدون شروط مسبقة…" التصريحات الواضحة لبان كي مون، و حديثه عن الاحتلال و مسألة الوضع النهائي، لم ترق للمحتل، و بدأ يحرك الآلة الدعائية ضده، حيث اتهمه بعدم الحيادية، و إستعمال الفاظ خطيرة،و مصطلحات غير معهودة.
ووصل الامر إلى حد رسم حدود للتعامل معه، و ماهي المصطلحات المسموح بها و المباحة تجاه الوجود المغربي بالصحراء الغربية.
هذا الابتزاز اللفظي ما فتئ ان تحول الى شروط للتعاطي مع الامم المتحدة، بل الى ابعد من ذلك اتخذها كذريعة للتخلص و التملص من البنية الرئيسية للمينورسو" المتمثلة في المكون المدني و السياسي،بما فيهم ممثلي الاتحاد الافريقي، هذا التصرف الذي يعتبر اجهازا حقيقيا بما لا يدع مجالا للشك على عملية السلام برمتها، و فك الارتباط مع الدور المحوري الذي تضطلع به البعثة و مبرر وجودها في المنطقة.
هذا التطاول الفج، لم يجد ردة فعل من قبل الامم المتحدة، تؤنب المغرب و تحمله خطورة افعاله، و ما سيترتب عليها،بل تم الرضوخ و كأن الامر كان مؤامرة متفق عليها مسبقا، و حيلة للتخلص من بقايا الاستفتاء في الصحراء الغربية، بدليل الانصياع "للتحفظات" المغربية.
و جاء تقرير 2018 و 2019، ليعكس الخطة/ المؤامرة بجلاء،و يتضمن شروط المحتل للشروع في أي مفاوضات مع البوليساريو، و من بينها ان تكون الجزائر طرفا في المحادثات، بدل ملاحظ، و تمييع مسألة تقرير المصير، و فكرة اعادة مراجعة الاتفاقية العسكرية رقم 1، هذه الشروط تم نقلها حرفيا الى وفد البوليساريو المفاوض، الذي كان ينتظر ردة فعل قوية تجاه التعنت المغربي، و اذا به يواجه باملاءات مغربية عن طريق الامم المتحدة، تنبهت البوليساريو و حملت حينها الامم المتحدة المسؤولية عما قد ينجر عن الاستهتار المغربي بمشروع السلام، و محاولاته المتكررة للدفع بالمنطقة الى مزيد من التوتر و عدم الاستقرار.
تكرر نفس السيناريو في التقرير الحالي و كان اكثر قساوة و تحيزا من ذي قبل، و تم الاجهاز على معطى الاستفتاء، الذي توارى خلف تكرار مصطلحات الواقعية السياسية، و روح التوافق..
تقرير أقل ما يقال عنه أنه يفتقد الى المصداقية او اعرج ان صح التعبير، لعدم تطرقه الى الوضع السياسي للنزاع، بسبب غياب المكون السياسي للمينورسو"،الذي يعتبر تغييبه مؤشرا على نسف كل ما له علاقة بالحل السلمي، و التماهي مع ادعاء المغرب بان المينورسو وجدت فقط للحفاظ على وقف اطلاق النار.