تناقض الأمم المتحدة في قضية الصحراء الغربية "الاتفاق العسكري رقم واحد انتهت صلاحيته منذ زمن"
بهدف مواصلة التغطية على الاحتلال المغربي غير الشرعي للصحراء الغربية، تتشبث الأمم المتحدة بالاتفاق العسكري رقم 1 منتهي الصلاحية الذي وقعته المينورصو وطرفا النزاع، كل واحد على حدة: وقعته مع البوليساريو يوم 24 ديسمبر 1997م، وبعد ذلك مع المغرب يوم 22 جانفي 1998م.
فالاتفاق المذكور، كما هي الحال مع كل معاهدة أو اتفاق، كان له ظرف خاص ومؤقت.
لمعرفة ماهي المدة الزمنية المحددة للاتفاق المذكور اعلاه رقم 1، نتمعن في النقاط التالية:
السياق الذي جاء فيه الاتفاق العسكري رقم 1 هو الآتي:
في قراره لشهر اكتوبر 1997م )1133S/1997/) حدد مجلس الأمن الدولي ما يلي:
يؤكد ارتياحه لتقرير الأمين العام الصادر يوم 25 سبتمبر (S/1997/742) 1997، وللاتفاقيات الواردة في نفس التقرير التي تم التوصل إليها بين الأطراف لتطبيق مخطط التسوية؛
يعيد التأكيد على عزمه أن يتم، بدون تأخير، تنظيم استفتاء حر، عادل وغير منحاز لشعب الصحراء الغربية طبقا لمخطط التسوية، الذي وافق عليه الطرفان. وعليه:
1- يحث الأطراف على مواصلة التعاون بطريقة بناءة مع الأمم المتحدة للتجسيد الكامل لمقتضيات مخطط التسوية وللاتفاقيات التي تم التوصل إليها لتطبيقه.
2- يطلب من الأمين العام أن يقدم له، في أجل أقصاه 15 نوفمبر 1997م، تقريرا كاملا، يتضمن مخططا مفصلا ورزنامة، وكذا الاحتياجات المالية لإجراء استفتاء تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية طبقا لمخطط التسوية والاتفاقيات المُتوصل إليها بين الطرفين لإجرائه.
هذا يعني أن مجلس الأمن الدولي، بتكراره للتصميم، هو مستعد، وبدون تأخير، لإجراء استفتاء حر، عادل وغير منحاز لتقرير مصير الشعب الصحراوي. وبغية الوصول الى ذلك، يطلب مجلس الأمن من الأمين العام للأمم المتحدة أن يقدم له مخططا مفصلا بما في ذاك رزنامة لتنظيم الاستفتاء المذكور. تنفيذا لتوصية مجلس الأمن التي ذكرنا، قدّم الأمين العام، يوم 13 نوفمبر 1997م، التقرير (S/1997/882) المُطالب به من قبل منذ حوالي شهر. في هذا التقرير، تقول النقطة رقم 8 المهمة، حرفيا:
"في انتظار بداية الفترة الانتقالية، تبقى مهمة المينورصو محصورة على مراقبة والتأكد من وقف إطلاق النار".
هذا يعني، انه في سنة 1997م، وطبقا لمخطط التسوية كانت الأمم المتحدة تتوقع أن تُنظم الاستفتاء في غضون ستة أشهر. نتيجة لذاك، كانت تتوقع، أيضا، أنه إلى غاية بداية المرحلة الانتقالية، فإن المينورصو، منطقيا، ستكون مأموريتها محدودة على المراقبة وللتأكد من وقف إطلاق النار. في تقريره لشهر نوفمبر 1997م، قدّم الأمين العام رزنامة دقيقة على مراحل محددة، ولفترات مؤقتة لتنظيم استفتاء حر، عادل وغير منحاز لتقرير مصير شعب الصحراء الغربية. طبقا للملحق 2 من التقرير المذكور، الذي يتناول رزنامة مخطط التسوية، تم تحديد ما يسمى "بداية الفترة الانتقالية" كتاريخ لنشر اللائحة المؤقتة للصحراويين الذين يحق لهم التصويت في الاستفتاء. "بداية الفترة الانتقالية" هذه هي التي تسمى الساعة "صفر" وتكون مدتها هي سبعة أشهر بعد بدايتها، وبالضبط، يوم 7 جوان 1998م. في هذا السياق بالضبط، ناقش قائد قوة المينورصو، الجنرال بريغادا برند س لوبينيك من دولة النمسا، الاتفاق العسكري رقم واحد بين المينورصو والطرفين، كل على حدة، والموقع بين القوات العسكرية للبوليساريو والمينورصو يوم 24 ديسمبر 1997م، وبين المينورصو والجيش الملكي المغربي يوم 22 جانفي 1998م.
بالنسبة للفترة المؤقتة لصلاحية هذا الاتفاق نجدها محددة فيه كما يلي:
1.2. This agreement covers the period from now until the start of the tranistional period (D-Day, the day the provisional list of Sahrawi people eligible to vote is published)
2.1- هذا الاتفاق يغطي الفترة من الآن الى غاية بداية الفترة الانتقالية (الساعة صفر، اليوم الذي تنشر فيه اللائحة المؤقتة للصحراويين المؤهلين للتصويت).
بمعنى، الاتفاق العسكري ليس اتفاقا لأجل غير مسمى إنما هو محدد مؤقتا بطريقة مُعبر عنها بوضوح في نصوص الإتفاق نفسه؛ إذن، هذا يعني أن له تاريخ بداية وله تاريخ نهاية. ومثلما يُفهم من متن نفس الإتفاق، فإن صلاحيته تنتهي عند "بدء المرحلة الإنتقالية " في الساعة " صفر" المذكورة.
تبعا لذلك، فإن نهاية أو صلاحية الاتفاق العسكري رقم واحد تبقى مرتبطة بساعة الصفر المحددة " كبداية للمرحلة الانتقالية".
رغم ذلك، فإنه سنوات بعد ذلك، تخلت الأمم المتحدة عن مخطط التسوية، وتخلت عن الرزنامة التي كانت مرتبطة بنهاية الاتفاق العسكري رقم واحد.
في الفقرة رقم 57 من تقرير الأمين العام ليوم 20 جوان 2001م (S/2001/613)، يقول
"مادامت هناك نقاشات حول الاتفاق الإطار المقترح، فلن يتم التخلي عن مخطط التسوية، لكن يتم تجميده".
بعد وفاة الحسن الثاني، تنصل المغرب من كل التزاماته الدولية، وبدأ يعلن بوضوح عن رفضه لأي فكرة تخص استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية.
بالنسبة للأمم المتحدة، وبدل أن تلجأ الى البند السابع من الميثاق الأممي لإجبار المغرب على الالتزام بتعهداته، التي قبِلها إراديا وعلنا، فضلت ميزان المصالح المغربية، وبدأت تغير من منهجها في الصحراء الغربية مثلما لاحظنا في النقطة المذكورة أعلاه.
بكل تأكيد، أن الاتفاق الإطار، المقترح من طرف الأمين العام، لم يُقبل لا من الأطراف ولا من مجلس الأمن.
ومع ذلك، فإن مجلس الأمن، في قراره رقم 1429 ليوم 30 جويلية 2002م (S/RES/1429)، أعاد التأكيد على صلاحية مخطط التسوية الأصلي.
سنوات قليلة بعد ذلك، ضغطت الأمم المتحدة مرة أخرى لتغير من منهجها فيما يخص تعاملها مع قضية الصحراء الغربية، وبطريقة نهائية، اقبرت مخطط التسوية الأصلي. وهكذا، ففي الفقرة 47 من تقريره الصادر يوم 13 ابريل 2007م (S/2007/202) فإن الأمين العام للأمم المتحدة يوصي مجلس الأمن أن يحث الطرفين- البوليساريو والمغرب- أن يشرعا في مفاوضات مباشرة للتوصل إلى حل سياسي، عادل ودائم ومتفق ومقبول بشأنه أن يقود إلى تقرير مصير الشعب الصحراوي. كنتيجة لطلب الأمين العام للأمم المتحدة، تبنى مجلس الأمن القرار 1754 يوم 30 ابريل 2007م (S/RES/1754) والذي أيد فيه توصية الأمين العام. وكنتيجة نهائية، فإن مجلس الأمن قد وجه الضربة القاضية لمخطط التسوية بإقباره الى الآن.
كمحصلة، المهمة المستقبلية التي كان مرتبطا بها تاريخ نهاية الإتفاق العسكري رقم واحد لم تعد موجودة، وعليه فالاتفاق لم يعد ساري المفعول.
حدمين مولود سعيد.
6 أكتوبر 2020