-->

من المسؤول؟


على مدار تاريخ ثورتنا المجيدة تحققت الكثير من الإنجازات الكبيرة في جميع المجالات ، لكنها ارتكبت أيضا الكثير من الأخطاء القاتلة ، دون حسيب ولارقيب ، نسأل عن من المسؤول عن هذه الأخطاء : 
- هل الشعب ؟
- ام القيادة ؟ 
- ام كليهما معا ؟
- بعيدا عن العاطفة ، ولحل هذه الجدلية نطرح العديد من الأسئلة ، نحاول أن نجيب عليها لتخفيف وطأة الحقيقة على الفارغة أفواههم من جمهور - العام زين - وحتى لا نبقى جميعا ندفع فاتورة أخطاء الآخرين، إلى ما لانهاية تحت سوط الظرفية والاستثنائية والقبلية وقلة الوعي ..ووو ، وحتى نكون صريحين مع أنفسنا ومع شعبنا، بغض النظر عن صعوبة الجزم بماهية الأسباب ومآلاتها، وبالتالي نربطها بكيفما تكون يولى عليكم ، لنشرح فرضية فساد الرعية من فساد حكامها.
- من المسؤول عن أخطائنا؟ 
- إلى متى نتحمل فشل الآخرين و نحاول إيجاد الأعذار لهم ؟
- لماذا نحاول إرضاء القبيلة على حساب الدولة والقانون ؟ 
- لماذا نكافئ المشاغب على حساب المنضبط ؟ 
- هل تبنى الأوطان بالتزلف والمحاباة والنفاق ؟ 
- ما السبب في ظهور الهيئات والتيارات والحركات في ثورتنا ؟ 
- ما المانع من مصالحة من لم نستطع الاستغناء عنهم ؟
- لماذا التعنت واللامبالاة في التعامل مع الشعب ؟
- لماذا تموت بنت الشهيد عند باب المستشفى جراء فقر الدم ؟ في حين تعالج بنت القائد والمسؤول في أكبر المستشفيات الأوروبية لمجرد زكام في الأنف. 
- لماذا يقتل ويسجن ويحرق أبناء المقاتلين لمجرد بحثهم عن لقمة العيش ؟ في حين يتصرف أبناء القيادة والمسؤولين في أموال الدولة في غير مصارفها الشرعية، كأنها ملك لهم دون غيرهم .
- من أعطى الحق لأبناء القيادة دون غيرهم في مواصلة دراستهم للحصول على الشواهد العليا ؟ في حين معظم أبناء الشهداء يحالون لعدة أسباب ليختصوا في صناعة الياجور. 
- لماذا لا نجد أبناء القيادة جنود في جيش التحرير الشعبي الصحراوي؟ 
- لماذا ينتظر المناضلون في المناطق المحتلة المكافأة من أجل القيام بوقفات لا يتعدى أفرادها أصابع اليد ؟
- لماذا ننتظر المقابل من أجل تحرير أرضنا؟ لماذا ولماذا ...؟ الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام تبقى مطروحة؟
- هل من احد يشرح لنا السبب ؟
أسئلة ربما لا تنتظر إجابة في الأجل القريب!!!.
لكن سنحاول الإجابة على بعضها في شبه مقال تحليلي، انطلاقا من مقولة : فمهما نطلب العز بغير ما أعز الله أذلنا الله.
أتى رجل من أهل مصر إلى (عمر ابن عبد العزيز ) فقال له يا أمير المؤمنين أن ( عبد العزيز ) - يقصد والد (عمر) - أخذ أرضي ظلما : فقال (عمر) وأين أرضك يا عبد الله؟ 
قال : حلوان 
قال (عمر ) اعرفها ولي شركاء - أي شركاء في حلوان - وهذا الحاكم بيننا ( اي القاضي ) فمشي (عمر) إلى الحاكم فقضى عليه ... فقال (عمر) قد انفقنا عليها .
قال (القاضي ) : ذلك بما نلتم غلتها، فقد نلتم منها مثل نفقتكم ، فقال (عمر) لو حكمت بغير هذا ما وليت لي أمرا ابدا ، وأمر بردها .
من هنا نطرح السؤال الاتي : هل الرعية هي المسؤولة عن أخطاء الحاكم ام الحاكم هو المسؤول عن أخطاء الرعية ؟ ام ان الناس على ما ألفت حكامها عليه ؟ .
المنطق لا يجافي العقل ابدا ، لابد لحل هذه المسألة أن نبحث عن منهج يبدأ بصياغة النفس دون اللجوء للقوة والعنف والإكراه، لتقويم أنفسنا و حكامنا، فالمسؤول ابن بيئته وفساد الحكام من فساد الرعية ، فالشعب يتحمل وزر فساد حكامه من حيث المبدأ لأن صلاح المسؤول من صلاح المجتمع والعكس صحيح، ولهذا لا يمكن أن نضع كل اللوم على ولاة الأمور ونبرأ أنفسنا، ولا يمكن أيضا تبرئة المسؤول من الفساد ، وإلقائه على عاتق الشعوب ، انسجاما مع ان سياسة الحاكم الفاسد اجبرت الشعوب على القبول بها ، لتصبح مسؤولة عن فساد حكامها ، لأن صمتها عن الفساد هو ما شجع المسؤول على الاستمرار في غيه وجعل الشعب شريك له .
هذه نقطة سوداء يجب الوقوف عندها، حتى لا تمر مرور الكرام، لأن هناك الكثير من القرائن والحجج التي توضح على أن المسؤولية بالدرجة الأولى تقع على المجتمع ، لأنه لا يقوم اعوجاج مسؤوليه، انسجاما مع ان سلوك الفرد تحكمه البنية المجتمعية المؤطرة، لذلك نرى المسؤول الفاسد يلجأ إلى تكوين مجتمع فاسد ، لأنه لا يستطيع الاستمرار في الحكم في بيئة صالحة ، لأنها ستقاومه وتتصدى لفساده .
من هذا الجانب أيضا لايمكن إلغاء المسؤولية على الجميع ، لأن لكل فعل فاعل ، لكن يمكن أن نقول انها انطبقت علينا مقولة : " الناس على دين ملوكهم " أو (أن كل شعب يستحق قيادته)
إذ لابد علينا هنا من تحديد المسؤوليات ، و استنباط الدروس من خطاب الأطر للشهيد البطل الولي مصطفى السيد ، دون أي فجور اوجشع اوظلم ، فنحن نعيش اليوم أسوأ مراحل قضيتنا الوطنية ، وضياعها بين تجاذبات الكبار وضعف الساسة ، مع محاولات من هنا وهناك لتجاوز هذا الواقع المرير.

في المقابل هناك من يحاول تبرير أخطائنا بالظرفية والاستثنائية، وهذا عذر اقبح من ذنب، فلا استثناء في الثورات ، من يخطئ عليه أن يؤدي ثمن خطئه ، فلا مجاملة على حساب المصلحة العامة، والحكم أساسه العدل والمساواة بين الناس ، لا تحايل على القانون ، من أخطأ عليه أن يتحمل عواقب خطئه ، حتى ننهي دفع ثمن أخطاء الآخرين التي لا تعد ولا تحصى ، والتي من اسبابها ارتجالية المسؤول أو الحاكم دون الرجوع للشعب والقانون ، ولكم في (اتفاقية غشث) 1979 في الجزائر مثال حي لا للحصر. 
يجب أن نضع النقاط على الحروف ونسمي الأشياء بمسمياتها، فكل ما نعانيه اليوم هو نقمة وعقوبة على صمتنا عن قول الحق والعمل به ، لأن فساد القائد لابد أن ينعكس على المقيود، فالفاسد متسلح بالفاسدين من المجتمع ، والنخب المزيفة التي صنعها الطغاة للدفاع عنهم واستخدامهم في التسويق وقلب الحقائق، وعليه نجد المسؤول عندنا لايعترف بعجزه ويحمل أخطائه للآخرين، متجاهلا تماما أن دوره هو الحفاظ على تماسك الشعب ، ومحاربة الظواهر المرضية في المجتمع وليس المراهنة على عفاف الناس ونواياهم، وأنطلاقا من هذا غالبا ما لا نرى مسؤولا يعترف بأخطائه ، ويعتذر لشعبه أو يقدم استقالته، فقط نراهم متمسكين بكلتا اليدين بالكرسي حتى الموت ، ليخرج علينا قبليون يشيدون بإنجازات "المسؤول " سويعات بعد وفاته كأنه هو وحده من قام بكل شيء حتى أصبح لكل قائد يوم يخلد فيه ذكرى وفاته .
هنا أيضا يجرنا الحديث إلى طرح سؤال كبير وعريض : هل التمسك بالفاسد القبلي يخدم القضية ؟ وهل هناك من سيعترف بفساده وقبليته؟ وهل من أوصل هذا الفاسد إلى سدة الحكم هو فاسد مثله ؟. 

الجواب بنعم : لانه بناءا على ما سبق من تعريف: الفاسد ابن بيئته، وبما أن الشيء بالشيء يذكر لابد من استحضار الكيفية التي تدار بها مؤتمراتنا الشعبية، ومدى نزاهتها وشفافيتها، وكيفية إفراز نفس الوجوه والأسماء المعروفة لازيد من 45 سنة ، بغض النظر عن شرعيتها من عدمها، وعليه نحمل الشعب المسؤولية لأنه لا أحد يسئل عما يفعل الفاعلون، وهذا للأسف يوضح بجلاء على أننا غير صادقين مع أنفسنا، لأننا لانعرف ماذا نريد بالضبط ، فهناك ازدواجية في المعايير، بالتستر على الفاسدين والفاشلين من جهة ، والمطالبة بالشفافية والإصلاح من جهة أخرى، لنكون بذلك شركاء جميعا في الجرم. 
علينا أن نتذكر دماء زكية أهرقت من أجل الإستقلال، و قوافل من الشهداء رحلت في صمت لا تريد المناصب ولا المسؤوليات تركت عائلاتها امانة في أعناقنا جميعا ، فهل نكافئهم بهذا التشرذم والفساد ام بمواصلة الدرب على خطاهم ؟ ، وقطع الطريق على سطو الاقطاعيين من الزعماء والقادة، والوقوف ضد التعنت والعجرفة والاستبداد وازدواجية الخطاب ، وان نشرك شعبنا في كل قراراته، فالوطن بحاجة لجهود جميع أبنائه. 
اختم مقالي هذا بجواب (عمر ابن الخطاب )رضي الله عنه : حين قال له رجل ممن يحضرون مجلسه : اتق الله يا (عمر) ! : فقال رجل آخر ممن حضر المجلس اتقول لأمير المؤمنين اتق الله؟ فأجابه سيدنا (عمر) دعه يقلها ، فلا خير فيكم إذا لم تقولوها لنا ، ولا خير فينا إذا لم نقبلها منكم .

بقلم الغيث امم امبيريك

Contact Form

Name

Email *

Message *