-->

مددت حتى 2030.. تعرف على مبادرة إسكات البنادق في أفريقيا وآليات تنفيذها


من أجل جعل أفريقيا خالية من النزاعات، انعقد الأحد في جوهانسبرغ أعمال الدورة 14 الاستثنائية للقمة الأفريقية، تحت عنوان "إسكات البنادق"، وذلك من أجل بلورة رؤية واضحة حول الخطوات المستقبلية التي من شأنها تسريع المبادرة، والتي كان يفترض تحقيقها بحلول هذا العام.
وشكلت قضية الصحراء الغربية، حجر وسط أشغال القمة الأفريقية لإسكات البنادق، والتي جرت عبر تقنيات التواصل عن بعد، لتنتهي على ضوء مخرحات هامة بخصوصها.
حيث أجمعت الدول الأفريقية المتحدثة، على إدانة الإنتهاك المغربي لإتفاق إيقاف إطلاق النار في الصحراء الغربية الموقّع منذ 1991، داعمين حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وفقا للقرارات الأممية.
كما أكد المشاركون في القمة على ضرورة تفعيل دور الإتحاد الأفريفي في إيجاد حل لهذه القضية، وهو ما دعى له وزير الشؤون الخارجية الجزائري صبري بوقدوم خلال اللقاء التحضيري للقمة.
وتضمن القرار الذي اعتمدته القمة فقرة هامة حول الملف الصحراوي، تم عبرها التعبير عن إنشغال الدول الأفريفية جراء خرق إتفاق إيقاف النار وتجدد النزاع بين جيش التحرير الصحراوي والجيش المغربي.
كما تضمنت الفقرة إعادة تفعيل مجلس السلم والأمن، وتكليفه بمتابعة ملف الصحراء الغربية عن كثب.
رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، إبراهيم غالي، طالب الاتحاد الإفريقي ومجلس السلم والأمن الإفريقي، بتحمل مسؤولياتهم في مواجهة العدوان المغربي الذي يتعرض له الشعب الصحراوي، والعمل على إسكات صوت البنادق في الصحراء الغربية بجهد إفريقي صارم وحازم.
وحذر الرئيس غالي، في مداخلة له - خلال الدورة الاستثنائية الرابعة عشر للاتحاد الأفريقي حول "إسكات البنادق" التي عقدت أمس الأحد، افتراضيا - من أن " الوضع حرج جدا ويتطلب من القمة ومن الاتحاد ومن مجلس السلم والأمن الإفريقي تحمل مسؤولياتهم جميعا في مواجهة العدوان الذي يتعرض له الشعب الصحراوي اليوم".
وشدد في هذا الصدد، على ضرورة "إسكات صوت البنادق الناطقة اليوم في الصحراء الغربية، بجهد إفريقي متميز، صارم وحازم ، من أجل استعادة الأمن في المنطقة، فالمسؤولية كبيرة تتطلب تجاوبا وموقفا حاسما من أجل مواجهة العدوان والتوسع المغربي الذي هدد ويهدد السلم والأمن ولاستقرار في إفريقيا".
الاتحاد الأفريقي كان أقر سنة 2013 المبادرة بهدف إنهاء جميع النزاعات في أفريقيا بحلول عام 2020، وتم تمديد الفترة حتى 2030 خلال القمة الأخيرة للاتحاد. 
ما هذه المبادرة؟
هي أحد أهداف الخطة العشرية لأجندة 2063 للاتحاد الأفريقي، وتهدف إلى جعل أفريقيا سالمة آمنة، وذلك عن طريق إنهاء جميع الحروب والنزاعات الأهلية، والقضاء على ممارسات العنف القائم بسبب العرق أو الجنس أو اللون، ومنع جرائم الإبادة الجماعية.
هذه الأهداف تتحقق من خلال تعزيز الحكم الرشيد والمساءلة والشفافية، وتعزيز آليات ضمان السلم والمصالحة على جميع المستويات، فضلا عن التصدي للتهديدات الناشئة والمحدقة بالسلم والأمن الأفريقيين، ووضع الإستراتيجيات اللازمة لتمكين القارة من تمويل شؤونها الأمنية.
وتأتي مبادرة "إسكات البنادق" جزءا من 15 مشروعا رئيسيا في أجندة 2063، التي تم تحديدها على أنها مفاتيح لتسريع النمو الاقتصادي والتنمية في أفريقيا، وكذلك تعزيز الهوية المشتركة من خلال الاحتفال بالتاريخ والثقافة. وتشمل المشاريع البنية التحتية والتعليم والعلوم والتكنولوجيا والفنون والثقافة، بالإضافة إلى مبادرات لتأمين السلام في القارة.

منع الصراعات
ولمنع أي صراعات بالقارة في المستقبل، يشير مدير مركز الدراسات الأفريقية الشرق أوسطية نعيم جينا إلى ضرورة معالجة التكامل الاقتصادي ومحاربة الفساد وتمكين المرأة.
وإذا كان الاتحاد الأفريقي يأمل إحراز تقدم ملموس في إنهاء الأعمال العدائية التي تشهدها بعض دول الاتحاد حاليا، فعليه -وفق جينا- اتخاذ مبادرات أمنية وحكومية أكثر صرامة لضمان مستقبل سلمي في أكثر المناطق التي تمزقها الصراعات بالقارة السمراء.
وبيّن جينا في حديثه للجزيرة نت أن الأمر استغرق وقتًا طويلاً للحصول على خريطة طريق وخطة واضحة لبلورة رؤية واضحة حول المبادرة، وهو أمر يستلزم إرادة سياسية أقوى، حسب تعبيره.
ويرجع مدير مركز الدراسات الأفريقية الشرق أوسطية تأخر العمل بالمبادرة إلى أن "انشغال الدول الأعضاء بأولويات وتحديات حدت من مساهمتها في الحملة؛ ويتمثل أحد هذه التحديات في آلية مراقبة الحملة، التي اتسمت بالضعف، إضافة إلى عدم وضوح كيف ومتى ينبغي للدول الأعضاء الإبلاغ عن أنشطتها".
كما مثلت مسألة التمويل عائقا آخر أمام انطلاق العمل بالمبادرة، موضحا أن جزءا كبيرا من ميزانية الاتحاد الأفريقي تأتي من المانحين، الذين لم يدعموا الحملة بشكل كبير، وتركزت مناقشاتهم حول إدارة الصراعات في المنطقة وطبيعة الحكومات.
تحديات ضخمة
ورغم التحديات التي تواجه المبادرة فإن الاتحاد الأفريقي استطاع إبقاء الحملة على قيد الحياة، حسب الباحثة في معهد الدراسات الأمنية جوجو دوبي، وذلك من خلال زيادة الوعي ودفع الدول الأعضاء لاتخاذ خطوات ملموسة لوضع المبادرة موضع التطبيق.
وأشارت دوبي -في حديثها مع الجزيرة نت- إلى أن التحديات التي تواجهها الحملة ضخمة؛ لذلك لم يستطع الاتحاد تحقيق هدف قارة خالية من النزاعات بحلول عام 2020. مبينة أن بعض الصراعات في أفريقيا قديمة ومعقدة ومستمرة لسنوات عديدة، كما أن مشكلة انتشار السلاح عالمية، ولا تقتصر على أفريقيا وحدها، ولا سبيل لحلها إلا بدعم المجتمع الدولي، خاصة البلدان المصنعة للأسلحة.
صراعات مستمرة
ومن وجهة نظر البروفيسور غارث لي بير، فإن النهج حتى الآن غير ملائم إلى حد بعيد في التعامل مع المشاريع والمبادرات الأفريقية، وعلى جميع أصحاب المصلحة من الحكومات التعلم من هذا التقصير ومضاعفة جهودهم.
وتابع أننا في عام 2020 وما تزال القارة تشهد صراعات مستمرة وتفجر صراعات جديدة، مشيرا إلى أن التحدي الآن أكبر مما كان عام 2013.
وأشار بير -أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بريتوريا وزميل أول في معهد مابونجوبوي للتفكير الإستراتيجي، في حديثه للجزيرة نت- إلى أنه تحت رئاسة الرئيس الرواندي بول كاغامي، قام الاتحاد الأفريقي بعدد من التحركات المهمة نحو تعزيز الأوضاع الأمنية في جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى على سبيل المثال، وهما من أطول الصراعات في القارة.
ورغم أن كلا البلدين أبرما اتفاقات سلام بوساطة الاتحاد الأفريقي، فإن هناك حاجة إلى مزيد من التدخل لتعزيز جهود التوافق بين الدول الأفريقية، ووضع حد للصراعات المسلحة في القارة، حسب غارث لي بير.

المصدر : الجزيرة ـ وكالة الانباء المستقلة

Contact Form

Name

Email *

Message *