صناعة القهر في مغرب الاستثناء ...
كان الله في عون الإصلاحيين المغاربة ، فتمظهرات التحكم المسيطرة على الواقع المغربي صعبة، و أفق تحصيل اختراق بشروط احداث نقلة ( وفق أدوات الاشتغال التقليدية) ، بعيدة المنال.
لقد قفزت نحو النتائج دون المرور بالمقدمات...فاستحضار الذكريات يصيغ التداعيات؛ ففي شرق المنطقة المغاربية، مات البوعزيزي حرقا، فثارت تونس ، وطحن محسن فكري غربا، محروم من كرامة الحياة، و من كرامة الموت ، دون أن يحدث ذلك أي انفعال!!
لقد فشل اكثر من انقلاب في تغيير نظام الحكم، و قمعت أكبر المظاهرات، وتم التلاعب بالاحزاب والجمعيات.فالمخزن يمتلك حزبا دينيا، وآخر يساري، وحزب ليبرالي.. وآخر جامع للأصالة والمعاصرة ( ليبرالي محافظ )....واكتشفنا اخيرا امتلاكه لحزب صهيوني ممثل ب ١١ وزير، و ما يقارب من مليون مناضل خارج الحدود ( إسرائيل).
يقودنا هذا إلى ادراك حجم التحكم في "النخب" والتي أصبحت مؤطرة ضمن علاقة وظيفية خادمة لبنية الحكم. وبالتالي لا عجب في ان ترى حكومة يتجمع فيها الجميع.
لقد بقي الجيش الملكي وفيا للعقد الذي امضاه قادته مع الملك ، عقد مفاده؛ اهتموا بجمع المال واتركوا السياسة.وتحول المثقفون والاعلاميون الى كتبة في ديوان السلطان، فبالأمس القريب كانوا يلعنون اغتصاب الحقوق، واليوم يمدحون صلاة الأمير في محراب حائط المبكى.
كل هذا يحيل إلى المعامل الأساس في المعادلة؛ أين الشعب ؟
يكفي للمتتبع أن يلقي نظرة فاحصة على مستوى الطرح الإعلامي في مختلف وسائل الإعلام بمختلف مشاربها الصورية، حول قضايا مجتمعية وسياسية راهنة، كي يفهم حجم التعويم الحاصل، ومدى السيطرة المبسوطة.
هناك خوف لا شعوري يستوطن النفوس ويحاصرها، ويمدها بمسلمات يقينية، تجعل من بلد فقير، و شعب مجوع مقهور، استثناءا.
ففي عصر الفضاء المفتوح ، ينكر المخزن ، حربا توسعية في الصحراء الغربية ، يموت فيها جنوده، ويمارس على شعبه المسكين ، أقسى انواع التهديد، و أذكى أساليب التضليل، عبر اليات التخويف والترغيب المتنوعة.
قسرا، تمارس دكاكين، ومجاري الصرف الصحي الإعلامية، في مملكة الرعايا، التدليس دون حياء ، وتنخرط في مسار بيع الوهم، و اقبار الحقائق ، من أصغر القضايا إلى أعظمها.. وإذ ما وجد الاستثناء.. فعمره الافتراضي غير طويل.. و لا يدوم.. وسلاح السجن كفيل بالتدجين، وإعادة الرسكلة، في انتظار محطة إعادة الاستخدام الوظيفي لصالح المخزن ..
ففي المغرب "المحسود" يخضع الرعايا تسليما .... وتعيث نخبة فاسدة تزويرا.. لخدمة "الاخر".. المعروف بفساده اجماعا واقرارا، المجهول حين تحين فرصة محاسبته. إنها سيئات الإنغلاق والاستسلام...ومخلفات التسليم، والتي جعلت من المواطن المغربي، رعية مسحور.. مغلوب على أمره...يصدق فقر ملكه.. و يؤمن بإمارته.. . ويحسن صنعا.. عند كل طحن في أي مزبلة يتعرض لها رقم من رعايا السيد الذي لا ينال...
عن أي ديمقراطية يتحدث هولاء... وأي نموذج يراد تصديره و اقناع الآخرين به؟
تبقى الحقيقة الثابتة هي أن؛ القهر صناعة في المغرب، و "المخزن" آلية تحكم عجيبة، تحتاج لأكثر من دراسة!!
بقلم : محمد الفاروق