-->

السيناريوهات المحتملة للوجود الفرنسي في الساحل الأفريقي بعد سنوات الفشل في هزيمة الجماعات المسلحة؟


رغم وجودها العسكري منذ أكثر من 7 سنوات بدول الساحل الأفريقي فإن فرنسا لم تستطع تحقيق الهدف الذي زعمت أنها جاءت من أجله، وهو هزيمة الجماعات الإرهابية على حد وصفها.

وقد أثار العجز الفرنسي عن حسم مصير الجماعات المسلحة، رغم الدعم الغربي الذي تحظى به خاصة في السنوات الأخيرة، الكثير من الأسئلة حول سبب "فشلها" بتحقيق أهدافها، وكذلك السيناريوهات المحتملة لمصير تواجدها العسكري في الساحل الأفريقي.

بالنسبة للسفير الفرنسي السابق لدى مالي نيكولاس نورمان فإن بلاده لم تفشل بتحقيق أهداف تواجدها في الساحل الأفريقي، كما أنها لم تنجح أيضا.

فبحسب تصريحات نورمان لبرنامج "سيناريوهات" بتاريخ (2021/2/25) فإن فرنسا نجحت إلى حد بعيد بلجم الجماعات "الإرهابية" على حد وصفه ومنعت تمددها، وحالت دون سيطرتها على دولة مالي، ولولا فرنسا لكانت مالي الآن قد سقطت في قبضة هذه الجماعات.


لذلك فإن فرنسا -وفقا لنورمان- نجحت بإنقاذ مؤسسات الدولة في مالي لكنها لم تتمكن من اجتثاث الحركات "الإرهابية" من جذورها، وذلك بسبب غياب هيبة الدولة وغياب التنمية في الكثير من أنحاء دول الساحل الخمس، الأمر الذي مكن "الجماعات الإرهابية" من سد الفراغ الذي خلفته الدولة، واستطاعت هذه الجماعات السيطرة على عقول الناس والشباب هناك، مستغلة انعدام التنمية والفقر وتردي مستوى الحياة المعيشية.


وقد أيد الدبلوماسي الموريتاني السابق المختار ولد هادي ما ذهب إليه نظيره الفرنسي، وأكد أن فرنسا لم تحقق أهدافها بالقضاء على الجماعات التي وصفها بالإرهابية، لكنها لم تفشل تماما بما جاءت من أجله.


وشدد ولد هادي على نجاح فرنسا بإنقاذ الدولة في مالي من هذه الجماعات، لكنه أكد أن القضاء على هذه الجماعات واجتثاثها من جذورها لا يتوقف فقط على الجانب العسكري، فهناك أمور تنموية لا بد من تعزيزها أو إيجادها في كل دول الساحل، حتى يقوم الأهالي هناك بمقاومة هذه الجماعات ومحاربة أفكارها بدلا من الانسياق وراءها ومنحها الحاضنة الاجتماعية.


واعتبر أيضا أن اتساع مساحة دول الساحل الأفريقي الخمس التي تزيد عن مساحة الاتحاد الأوروبي أحد العوامل التي ساهمت بعدم النجاح التام لمهمة القوات الفرنسية، إضافة للتداخل والتعاطف بين بعض الحركات الانفصالية والوطنية والجماعات "الإرهابية".


لكن أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر إدريس عطية رأى أن فرنسا فشلت بما جاءت إليه في دول الساحل الأفريقي، لأنها لم تأت للقضاء على الجماعات التي تصفها بالإرهابية، وإنما عملت على دعم هذه الجماعات ولم تقض عليها، لأنها تريد الإبقاء عليها كذريعة للبقاء بدول الساحل التي تعمد على سرقة ثرواتها من ذهب ويورانيوم وفوسفات.


ودلل عطية على كلامه بدعم فرنسا لهذه الجماعات، من خلال قيامها بدفع نحو 300 مليون دولار لها من أجل الإفراج عن رهينة فرنسي، وهي تدرك أن الجماعات سوف تستغل هذه الأموال لتعزيز قوتها ومكانتها.


لذلك رأى عطية أن فرنسا لا تريد القضاء على الجماعات "الإرهابية" وإنما عادت بعقلية المستعمر، الذي يريد أن يبقى حتى يستنزف ثروات مستعمراته السابقة.


لكن الدبلوماسي الفرنسي رفض هذه الاتهامات، وأكد أن بلاده لم تستثمر في مالي، وأن شركة التنقيب الفرنسية التي كانت تعمل في دول الساحل، خرجت تماما بعد الخسائر الكبيرة التي لحقت بها، بل أنه أكد أن الوجود العسكري الفرنسي في دول الساحل يكلف باريس مليار دولار سنويا، لذلك باريس تفضل الانسحاب ومغادرة هذه الدول، لكنها لا تستطيع فعل ذلك قبل التأكد من قدرة جيوش هذه الدول على مواجهة الجماعات "الإرهابية".

بدوره، توقع ولد هادي 4 سيناريوهات للوجود العسكري الفرنسي، أكثرها ترجيحا هو الانسحاب التناسبي، أي أن تسحب فرنسا من قواتها بنسب تتعادل مع نسب قدرة قوات دول الساحل الخمس على مواجهة الجماعات "الإرهابية"، ثانيا انسحاب جزئي، وهو يقوم على سحب فرنسا لقوات لها من بعض الأماكن وترك أمر مواجهة الجماعات المسلحة فيها للقوات الأفريقية.

أما السيناريو الثالث فهو الانسحاب الكامل، يقابل السيناريو الأخير وهو البقاء الدائم، وهما سيناريوهان مستبعدان وفقا لولد هادي، الذي رأى أن الحل الأمثل هو وضع القوة المشتركة للدول الأفريقية الخمس تحت البند السابع، وبذلك تحصل على تمويل ودعم أممي يمكنها من مواجهة الجماعات المسلحة، وأيضا تحقيق التنمية في هذه الدول.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *