-->

أسطورة التدخل الإيراني في انتفاضة البحرين أصبحت حقيقة وجماعات راديكالية تدعو لتغيير النظام بالقوة


نشر موقع “ذي هيل” مقالا لجنيف عبده، الزميلة الزائرة في معهد دول الخليج العربية بواشنطن، عن المعارضة البحرينية بعد عقد على الانتفاضة.
وقالت فيه إن الأسطورة التي قالت إن إيران هي من غذت الانتفاضة الشعبية قبل عشرة أعوام أصبحت حقيقة. وهو ما يثير قلق البحرين والولايات المتحدة الأمريكية التي يرابط أسطولها الخامس في الجزيرة ومنذ أكثر من ستة عقود.
وكانت الانتفاضة في البحرين التي اندلعت في آذار/مارس 2011 وخلافا للثورات التي اندلعت في العالم العربي، سلمية وشاركت فيها جماعات شيعية معتدلة مثل جمعية الوفاق الوطني الإسلامية والتي شاركت في السياسة البحرينية وتعاونت مع الحكومة ولسنوات عدة. لكن المسؤولين في البحرين أكدوا في الإعلام سردا وهو أن الانتفاضة هي حركة مقاومة شيعية عنيفة استلهمت عملها من إيران، وهو ما دفع السنة الذين شاركوا فيها لتركها. وكان هذا مبررا لدخول القوات السعودية والقضاء على الانتفاضة مما زاد من حنق المحتجين.
وترى الكاتبة أن ما تم رفضه في الماضي باعتباره دعاية حكومية أصبح صحيحا، وهذا نابع من استمرار السياسات التمييزية تجاه الشيعة في البحرين وغياب الإصلاح السياسي، وفي مقابلة للكاتبة مع معارض معتدل يقيم في لندن قال: “قلنا منذ البداية إننا نريد انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان وحكومة ديمقراطية، وهو ما يريده معظم البحرينيين” و”نحن ضد العنف، لكن النظام سجن الناس وأعدم آخرين وجردنا من الجنسية”.
وتقول الكاتبة إن معظم سكان البحرين من الشيعة لكن عائلة آل خليفة تحكمهم منذ القرن الثامن عشر.
وفي تقرير المفوضية الدولية الأمريكية للحريات الدينية عام 2020 حول البحرين جاء: “بشكل عام، تسمح الحكومة بالحريات الدينية للأقليات لكنها تواصل التمييز المنظم ضد المسلمين الشيعة. وفي الوقت الذي يسمح لهم بحرية العبادة لكن شيعة البحرين يواجهون مصاعب في الحصول على العمل والتمثيل السياسي وحرية التعبير والترفيع في الجيش وبناء المساجد”.
وتقول عبده إن عددا من جماعات المعارضة الشيعية التي تتبنى العنف انتعشت في داخل البلاد وخارجها، وتحولت مظلوميتها التي مضى عليها عقد إلى حركة مقاومة إقليمية. وينقسم ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير إلى قسمين، أحدهما يتبنى العنف والآخر يدعو إلى التغير السلمي.
وما زاد من الغموض أن القيادة غير المركزية للمعارضة أكدت على الإضرابات والاحتجاجات والجهود الأخرى داخل البحرين مما أدى لمواجهات عنف مع قوات الأمن.
ويرى عدد من سكان البحرين أن ائتلاف 14 فبراير المحظور داخل البلاد كان قلب الانتفاضة. واحتفظ بجذور في القرى الشيعية والأحياء في البحرين. وهو معروف بنشر رسالته عبر منصات التواصل الاجتماعي، خاصة فيسبوك.
ونتيجة للحظر المفروض على حركة الوفاق، منذ 2016، والتي كانت قوة سياسية، ظهرت جماعات راديكالية وانتقلت إلى العراق ولبنان. وساهمت عدة عوامل لانتقالها منها الدعم الإيراني المباشر وغير المباشر لها والدعم الشعبي الشيعي لها.
وتقول إن عددا من الجماعات الشيعية الجديدة أصبحت أكثر راديكالية وحملت حركة الوفاق مسؤولية فشل الانتفاضة. وبحسب تقارير الاستخبارات الأمريكية وقادة المعارضة تحصل بعض هذه الحركات المتشددة على تمويل من إيران.
ويقيم بعض قادتها في العراق وإيران ويحصلون على دعم من الجماعات التي تدعمها إيران وتدعو للإطاحة بالحكومة البحرينية.
وانضم بعض من شيعة البحرين الذين انتقلوا إلى العراق إلى فصائل الحشد الشعبي للمشاركة في قتال تنظيم “الدولة” ما بين 2014- 2015 وهو ما قالته مصادر عراقية. واستجابوا مثل بقية الشيعة في العراق إلى فتوى آية الله علي السيستاني في 2014 التي دعا فيها للحشد ضد تنظيم “الدولة”.




وقامت الجماعات الأكثر تطرفا بتشويه سمعة الجماعات السلمية التي حظرتها الحكومة في البحرين. وفي مقابلة مع الكاتبة قال معارض ثان: “تستخدم الحكومة جماعات العنف لتصوير كل المعارضة بمن فيها الوفاق كحركات عنف” و”تقوم الحكومة باستخدام العنف كمبرر حتى لا تقوم بأي إصلاح. وشاهدتهم يفعلون هذا في لقاءات مع الحكومات البريطانية والأوروبية”.
ويمثل انتشار جماعات المعارضة الراديكالية البحرينية تحديا للبحرين ولدول مجلس التعاون الخليجي التي تحاول الحد من التأثير الإيراني في المجتمعات العربية. وأدت المعارضة البحرينية لتوتر العلاقات بين البحرين وقطر حتى بعد تراجع الخلافات داخل دول مجلس التعاون الخليجي. وأصدرت محكمة بحرينية حكما على الأمين العام لحركة الوفاق علي سلمان بتهمة التجسس لصالح قطر التي تقيم علاقات جيدة مع إيران، وأصدرت عليه حكما بالسجن مدى الحياة.
ولعل من أهم الجماعات المتطرفة اليوم بين المعارضة البحرينية هي كتائب الأشتر والتي صنفتها الولايات المتحدة كحركة إرهابية في 2018، وتبعتها بعد عام كل من السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر. وكان تصنيف وزارة الخارجية الأمريكية لزعيم كتائب الأشتر، قاسم المؤمن، في قائمة الإرهاب جزءا من سياسة دونالد ترامب الكشف عن الدور التخريبي الذي تقوم به إيران ضد الحكومات العربية.
وبحسب موقع كتائب الأشتر فقد تم تشكيلها “كرد على الظلم الذي عاناه شعب البحرين وعلى مدى عقود بسبب العصابة البدوية (آل خليفة) التي دخلت البحرين بقوة السلاح وقتلت المئات من الشعب البحريني وانتهكت الحقوق وواصلت بانتهاك الأماكن المقدسة”. وجاء فيه أن مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، آية الله علي خامنئي، هو زعيم الإسلام وأن الكفاح في البحرين ينطبق على كل المجتمعات الشيعية في المنطقة التي تحكمها حكومات سنية.
وهناك مجموعة غير معروفة كثيرا وتدعو للإطاحة بالحكومة، هي سرايا المختار والتي أنشئت عام 2013 وتقدم نفسها بحركة المقاومة الإسلامية في البحرين. وصنفت الخارجية الأمريكية سرايا المختار التي يعتقد أنها ممولة من إيران، كمنظمة إرهابية قبل أيام من مغادرة ترامب الرئاسة.
وترى عبده أنه وبعد عقد، كان غياب الإصلاحات السياسية والاقتصادية، في جزء منه مسؤولا عن انتشار جماعات المعارضة الشيعية المتطرفة. وأدى الإحباط الواسع داخل البحرين إلى دعم الجماعات هذه وزيادة أعداد الجنود فيها، وتحديدا بين الشباب. وأصبح المبرر المضلل حول التدخل الإيراني في الانتفاضة نبوءة تحققت. وتساءلت إن كانت هناك طريقة لمنع هذا. ربما، ولكن هناك دور لإيران ستلعبه في مستقبل البحرين، ومن المحتمل استخدامه لتعزيز أجندتها الإقليمية والتي تضم التدخل في السياسة والاقتصاد للمجتمعات العربية.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *