-->

أهداف التدخل الإماراتي السافر في الصحراء الغربية


إن التدخل الإماراتي السافر في الصحراء الغربية، إضافة لسعيه لتحقيق الأهداف الكبرى والشاملة لأجندة الأمارات الإقليمية والدولية، ومن ورائها مصالح الغرب والكيان الإسرائيلي، وإظهارا للتضامن والتحالف التاريخي بين الدول الملكية العربية، فإن من بين أهدافه على المستوى المحلي والإقليمي، محاولة الإمارات زيادة تموضعها الأستخباراتي والعسكري في منطقة شمال إفريقيا، للحصول على تماس جغرافي حيوي مع مناطق تضعها الإمارات في صلب اهتماماتها، كالجنوب الجزائري، وإيجاد موطئ قدم على السواحل الشمالية والغربية (الموانئ) لبلدان منطقة شمال إفريقيا، وكذا التغلغل في منطقة الساحل والصحراء الغنية بالثروات المعدنية كالذهب واليورانيوم...، وكما الجنون بحب الاستحواذ على الموانئ، فإن للإمارات هوس لا يمكن تجاهله صوب المعادن النفيسة خاصة الذهب...، الذي يهرب بإشراف إماراتي من السودان وتشاد والنيجر وغيرها إلى دبي وأبو ظبي...، إضافة للرغبة في التماس مع الجماعات المتشددة، وهو ما يمكن من اختراقها مخابراتيا، وتوظيفها واستغلالها لأغراض تكتيكية وجيوسياسية، خاصة مع ظهور معلومات عن قرب إنشاء الإمارات لقاعدة عسكرية لها في الشمال الموريتاني على الحدود الحساسة مع الجزائر ومالي، وهي المنطقة التي تضم ممرات لتهريب المخدرات المغربية وتجول بها عصابات الجريمة المنظمة والجماعات المتطرفة، وتسعى الإمارات التي تمتد أذرعها السياسية والعسكرية والمالية والإعلامية ... في عدة مناطق ودول عبر العالم، تسعى إلى الاستحواذ على بعض المواني المغربية والصحراوية، مقابل الدعم العسكري، ويرجح أن تقايض الإمارات من خلال دعمها المجهود الحربي المغربي بالحصول على حصص وأسهم في موانئ، طنجة بالمغرب على البحر الأبيض المتوسط، وميناء الداخلة المحتلة بالصحراء الغربية على المحيط الأطلسي، وقد يدخل في ذلك الإطار، إعلان الاحتلال المغربي في تاريخ 11 ديسمبر 2020 عن طرح مناقصة لبناء ميناء بمنطقة العرقوب 40 كلم شمال مدينة الداخلة المحتلة بقيمة مليار دولار.
وعلى المستوى المحلي المغربي، ترمي الإمارات من خلال تفاهماتها مع القصر الملكي وبنية الدولة العميقة المغربية وأجهزتها الاستخباراتية، وفي إطار حربها التي تراها صفرية ووجودية مع تيار "الإخوان المسلمين"، ترمي إلى طرد "حزب العدالة والتنمية" المغربي من المشهد السياسي، بعد أن أستخدمه المخزن المغربي لتجاوز مرحلة الثورات وما يعرف ب"الربيع العربي"، وسلم له السلطة الإدارية والصورية، لتشكيل مختلف الحكومات منذ 03 يناير 2012، مع احتفاظ القصر بالخارجية والدفاع والأجهزة الأمنية وغيرها... من القطاعات الحساسة في المملكة المغربية، وقد جرى التمهيد جيدا لمهمة الإقصاء، خاصة مع استنفاذ الحزب لمخزونه الشعبي، بعدما أن تمكنت دولة المخزن العميقة من جر رئيس الحزب المدعو سعد الدين العثماني للتوقيع على اتفاقية التطبيع المغربي مع الكيان العبري، على خلاف البرتوكول المعمول به، حيث كان من المتوقع أن يوقع مستشار ملك الإحتلال، في مقابل نظيريه الأمريكي والإسرائيلي، وقد سجل التوقيع كتناقض صارخ مع المواقف والقناعات السابقة للمذكور، ويرجح أن تكون الإمارات هي التي اقترحت على القصر أن يوقع العثماني لا غيره على الاتفاق، بغرض الثأر منه بعد تصريحات سابقة له، أنتقد فيها وبشدة تطبيع الإمارات، كما ساهم إشراف حكومة العثماني على تشريع المخدرات (القنب الهندي) في بلد "أمير المؤمنين" المزعوم، ساهم في تأكل شعبية الحزب ذو الهوى الإخواني، وليس أدل على توجه القصر العلوي والأمارات لناحية طرد هذا الدكان الحزبي وعزله عن الساحة السياسية من قانون الانتخابات الجديد، الذي يعد بداية للتخلص من هذا الحزب الكرتوني، الذي لطالما تاجر بالدين والمبادئ، فسقط عند أول اختبار، وقد يجد قادته أنفسهم قريبا بين المنفى والسجون...، وهم الذين قدموا خدماتهم للنظام الملكي الديكتاتوري دون رادع مبدئي أو إيديولوجي، وحتى وإن تناقضت تلك الخدمات مع قناعاتهم الدينية والفكرية، مساهمين بذلك في تخطئ القصر لمراحل سياسية واجتماعية واقتصادية... صعبة، مكنته من وأد تطلعات الشعب المغربي.
إن مخالب الإمارات التي تتعمق تدريجيا في مستنقع الحرب بالصحراء الغربية، وتوسع انخراطها ودعمها السخي للمخزن التوسعي، وهو الدعم الذي فاق في الآونة الأخيرة حتى نظيره الفرنسي المقدم للمملكة المغربية العلوية، فهو متغير بارز وجب التفطن له وتحليل أساليبه وكشف أهدافه ومخططاته، وتاليا التمكن من مواجهته، مع الاستعداد لأرجحية مزيد من التورط الإماراتي المساند للاحتلال المغربي، ضمن تحالف أوسع ممتد من تل أبيب إلى الرباط مرورا بباريس وأبو ظبي، وهو الحلف التآمري الذي يقف إلى جانب المستدمر المغربي بكل ما يملك من قوة، وقد أضحى يتربص بالشعب الصحراوي أكثر من أي وقت مضى، محاولا تغيير قواعد اللعبة في المنطقة، والإخلال بالتوازنات، وفرض سياسة الأمر الواقع، وتصفية القضية الصحراوية وفق المصالح والأجندة التوسعية المغربية، وسط صمت من المجتمع الدولي يحمل بصمات القبول أو أقله العجز، وهو ما يفرض على الجانب الصحراوي استنهاض كل الإمكانيات الذاتية والطاقات البشرية والمادية، والتحكم في عنصر المبادرة في مختلف الصعد، وتوسيع الجبهات العسكرية و الدبلوماسية والإعلامية والقضائية والحقوقية...وفق خطط مدروسة تحظى بالتناغم والتكامل، مع ضرورة تنويع التحالفات، ومطالبة الحلفاء والأصدقاء بمزيد من الدعم الكمي والنوعي لمواجهة هذه التدخلات الإماراتية المتصاعدة ودحرها.
بقلم: عالي محمدلمين

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *