اسطوانة الابتزاز المغربي....
أظهر المخزن وأعوانه، إحباطا مزمنا...تجاه تعاطي الإدارة الأمريكية الجديدة و المنتظم الدولي.. مع زعمه بتغليب منطق حق القوة... في تكريس احتلاله للصحراء الغربية، انطلاقا من تغريدة المقايضة الترامبية...
يرى البعض أن "التغريدة"..لم تكن صرخة من ترامب بسبب آلام فقدان السلطة... بل إنها مركز اهتمام الرؤية الأمريكية لإدارة الصراع في المنطقة.. " فالتغريدة" تعبير عن العودة على بدء..
غير أن الجري المخزني بسرعات مفرطة تجاه اللوبي الصهيوني ، و وضع البيض كله في سلة إسرائيل.. يفسر الى حد ما الورطة المغربية..
انساقت الدعاية المخزنية في صورها المتعددة الى محاولة الاستعانة بالحلفاء لمسابقة الزمن في سبيل تنزيل خطوات عملية ( فتح قنصلية بالداخلة المحتلة، رعاية موقف داخل مجلس الأمن... ) تكون بمثابة التوريط المباشر للولايات المتحدة في تداعيات موقف تغريدة ترامب ...غير أن الفشل كان من مصير الدبلوماسية الصبيانية المخزنية، التي تلقت اكبر الصفعات بعد إجتماع مجلس الأمن الدولي. إذ ان خيار عدم إعاقة مسار التسوية الأممية الذي اظهرته إدارة بادين لم يكن ضمن توقعات "أمير المؤمنين" وغلمانه ، بعد تطمينات الحلفاء. ..
استعان بوريطة بصحفي إسرائيلي مبتدئ في موقع مغمور يدعي "اكسيوس" للترويج لنصر زائف... مفاده ان وزير الخارجية الأمريكي أكد لنظيره المغربي ان إدارة بايدن لن تتراجع عن تغريدة ترامب..
سباق الزمن الذي دخله النظام المغربي- صاحب المرتبة 121 عالميا في مؤشر التنمية البشرية لسنة 2020 - كان لغاية تبرير مغامرة الگرگرات، وتجنب الانهيار الذي يمثله إتخاذ خطوة وقف إطلاق النار، والاستمرار في الرهان على محاولة تصفية القضية الصحراوية من خلال الانخراط السلبي في مسلسل توفير شروط حسنة للعملية التفاوضية، وتعطيل تعيين مبعوث خاص، وانتظار تحولات مرحلية يعززها الانتظار والحسم الزمني... والأشتغال على تفريخ الكيانات الوهمية لمحاولة ضرب تمثيلية الجبهة ...
مأزق الحرب الذي دخله المغرب بتهوره المعهود ، والتخوف من انهيار شامل يعززه وضع اقتصادي واجتماعي متأزم، هو ما يفسر التحركات الأخيرة، إثر تجاوز الدين العام في 2021 ما يعرف بالخط الأحمر. حيث تُشير الأرقام الرسمية إلى أن الدين العمومي الإجمالي بالمغرب سيصل السنة الجارية إلى حوالي 95.6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، عوض 94.6 في المائة سنة 2020.
ومن المنتظر أن ترتفع حصة الدين الخارجي للخزينة إلى حوالي 24 في المائة من الدين الإجمالي للخزينة، و18.7 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي.
بالتعاطي مع يمثله حجم الانهيار الاجتماعي والاقتصادي والعزلة الدولية و التوتر الذي يطبع العلاقة مع الجيران، و ارتباطا بتطورات الحرب و الوضع في المنطقة ، جاء الاستثمار الإعلامي المخابراتي في مرض الرئيس الصحراوي.. . و أحيل الملف للأذرع الإعلامية المخزنية ، وأطلقت الصافرة للجميع ( جون أفريك، الإعلام الفرنسي ،القدس العربي ، صحراء ميديا ، تقدمي الموريتاني... ..)
بنيوية المخزن كنظام ممسوخ ( ملك يحكم و يملك ولا يحاسب).. و وضعه الاقتصادي الهش كان يفترض اختلاق أزمات، والاستثمار فيها بالتزامن ( إستهداف كينيا ومجلس السلم والأمن الإفريقي ، التعاون مع المانيا، اسبانيا، ملف لگويرة) ...فالارتباك الحاصل يفسر فشل الرهان المغربي على تشويه كفاح الشعب الصحراوي وممثله الشرعي ،تارة بالعلاقة مع الجماعات الإرهابية و تارة بالشيطنة الإيرانية...وفن الاختلاق والتسويق الدعائي الكاذب لم ينقطع يوما من أدبيات النظام المغربي...
حرب الحلفاء والمواجهة المفتوحة على عديد الجبهات ، لا تعدو كونها استمرار في الابتزاز، الذي يمثل أسلوب تعامل في العلاقات المغربية مع دول العالم ،و هو ماركة مسجلة حصريا للنظام المغربي في التعامل مع شركائه الدوليين. فالعناد المغربي حّول البلد إلى جار السوء، والشريك غير الموثوق وصاحب النيات السيئة، الذي لا يمكن بناء تصورات مشتركة معه، تفضي لعلاقات استراتيجية رغم حجم الشعارات المحمول إعلاميا.
تعليق التنسيق الأمني وملف الهجرة غير الشرعية هي أسلحة المخزن التقليدية للضغط على الأوروبيين. اذا يعتبر النظام المغربي الأستاذ الكبير للأتراك في مدرسة ابتزاز أوروبا.
في 2020 شكلت اسبانيا البوابة الأوروبية الأكبر للهجرة غير الشرعية. اذا وصل عدد المهاجرين اليها اكثر من 41 الف مهاجر، و بلغ رقم المهاجرين في شهر نوفمبر وحده اكثر من 8 آلاف مهاجر غير شرعي يحمل غالبيتهم الجنسية المغربية.
في يناير 2021 مثل المغرب الشريك الأول لإسبانيا في إفريقيا. إذ مثلت الصادرات الإسبانية إليه ما نسبته 50.1٪.
كانت ولاتزال اسبانيا بمثابة سمسار تحصيل مساعدات أوروبية للمغرب لمحاربة الهجرة. إذ تلقى المغرب منذ 2018 اكثر من 345 ميلون يورو من الاتحاد الأوروبي الذي يطالب كل مرة المغرب بالشفافية في تبرير صرفها؛ يجب أن يعاقب المغرب على استخدامه ملفات الهجرة والمخدرات كأسلحة ابتزاز ، لا أن يكافئ ماليا و سياسيا كما تنادي أصوات أوروبية.
فن افتعال الأزمات، و أساليب زوايا الحشر، التي يتقنها نظام المخزن، والتي تستهدف النيل من سمعه وعدالة كفاح الشعب الصحراوي، تتبع استراتيجية التشويه الإعلامي، بزيادة جرعات الضخ الكاذب، لتحقيق ضغط يمكن أن يحقق مكاسب سياسية..وتليين موقف اسبانيا من مسعى الاعتراف بمزاعم السيادة على الصحراء الغربية ، هو مدخل تحقيق اختراق في أوروبا. إذ يحاول النظام المغربي منذ بداية مسلسل الدكاكين الدبلوماسية إيجاد فاعل اوروبي منخرط، للاستثمار في ذلك دوليا، في سبيل شرعنة الاحتلال تحت يافطات الواقعية والانفتاح على مشاريع التعاون والتنمية..
الفشل كان من نصيب مخطط التأثير على القضية الصحراوية في اسبانيا. واستغلال النفوذ لخلق نقاش سياسي داخلي تزامنا مع انتخابات مدريد لم ينجح، رغم حجم الضغط الذي وصل حدودا غير لبقة ، مثلته تصريحات عدوانية غير مسبوقة للمسؤولين المغاربة تجاه اسبانيا.
إن التأثير المعنوي على الحاضنة المدنية التضامنية للقضية الصحراوية ، عبر إنتاج مضامين دعائية كاذبة لم يفلح.
ودوافع الحملة الهجومية، فيها ماهو سياسي، مر عبر مسارات تشويه الحقائق ،والتشويش على العلاقات و ابتزاز اسبانيا للضغط ، من أجل تحصيل مواقف في معارك بعدية.. و استراتيجية الهجوم المركز و السريع المخزنية قد تترك اثرا اذا ما جوبهت بفطنة، وخرجنا من مربع وخط الدفاع الذي نحن فيه.. والابداع في المواجهة، وفضح وكشف الأساليب المخزنية المعادية..
يدرك من يمسك بدواليب الحكم في المغرب و في الاليزي ، أن نهاية الاحتلال المغربي للصحراء الغربية مسألة وقت، وهو قادم لا محالة، ومصير المنطقة يحدده الشعب الصحراوي فقط... اما الرهان على تحولات مرتبطة بموازين القوى، و التحالفات الدولية ، لن يسهم سوى في تعميق أزمات المنطقة ،ورهن حاضرها، ومستقبل شعوبها ،ومطامح أجيالها..
محمد الفاروق