-->

أكاديمي مغربي..قمع السلطات المغربية للصحفيين ونشطاء حراك الريف نال من "الرأسمال السياسي" للمملكة في الداخل و الخارج


 قال أستاذ تسوية الصراعات الدولية الأكاديمي المغربي محمد الشرقاوي، اليوم الثلاثاء، إن واشنطن منزعجة من الرباط، بسبب التضييق على " حرية التعبير"، مشيرا إلى أن قمع السلطات المغربية للصحفيين ونشطاء حراك الريف نال من "الرأسمال السياسي" للمملكة في الداخل و الخارج.


وكتب العضو السابق في لجنة الخبراء للأمم المتحدة في مساهمة له على حسابه على "فايسبوك" تحت عنوان "من واشنطن إلى الرباط ..ثلاث رسائل دون مساحيق دبلوماسية"، تعقيبا على تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، التي عبر فيها عن خيبة أمل الولايات المتحدة بعد إدانة الصحفي سليمان الريسوني بـ 5 سنوات سجنا، أنه حسب مقومات اللغة الدبلوماسية المتداولة بين الحكومات، فان الرد الأمريكي يدل على "عدم الموافقة والانزعاج والانتقاد الضمني لما يمثل نقيضا لما كانت واشنطن تعوّل عليه بعد محادثات بلينكن وبوريطة في روما".

 

وأوضح الشرقاوي، أن عبارة "خيبة الأمل" التي جاءت على لسان نيد برايس لا تبتعد كثيرا في فحواها عن عبارة "غير مقبول"، وتشير كلتاهما في الخطاب السياسي الدولي إلى "وجود نقطة خلافية لا يهضمها طرف معين في سلوك الآخر، بقدر ما تضع الطرفين على طرفي نقيض".

 

ولفت محمد الشرقاوي إلى أن "خيبة أمل" الولايات المتحدة بلغة مباشرة "ليست بفعل العقوبة التي أصدرتها محكمة الدار البيضاء ضد الصحفي المغربي سليمان الريسوني فحسب، بل وأيضا بشأن تبدّد التوقعات في واشنطن مما قد يقوم به المغرب بشأن "حقوق الإنسان بما فيها حرية الصحافة""، كما جاء في تغريدة وزير الخارجية الأمريكي في وقت سابق.

 

وكان انطوني بلينكن قد كتب في تغريده له، نهاية الشهر الماضي، انه استعرض مع نظيره المغربي ناصر بوريطة "..حقوق الإنسان، بما في ذلك حرية الصحافة".

 

وبخصوص تصريحات نيد برايس، التي جاء فيها، أن الولايات المتحدة "تعتقد أن المسار القضائي الذي أدى إلى إصدار الحكم عليه (الريسوني) يتعارض مع الوعد الأساسي الذي أعلنه النظام المغربي بإجراء محاكمات عادلة للأفراد المتهمين بارتكاب جرائم، ويتعارض مع فحوى دستور 2011 وأجندة الإصلاح التي أعلنها جلالة الملك محمد السادس"، ابرز أستاذ تسوية الصراعات الدولية، أن حكومة بايدن لا تتردد في التعبير الصريح عن تحفظها بشأن الفارق بين "مغرب الوعود ومغرب الأمر الواقع بفعل تمدد النسق الأمني..".

 

أما الرسالة الثالثة، فتتعلق، يقول الأكاديمي المغربي، "بمخاوف واشنطن من التأثير السلبي لقضية الريسوني على حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات في المغرب، وأنها أثارت هذه المخاوف مع الحكومة المغربية، وستواصل القيام بذلك"، ما يعني، حسبه، "أن الخطاب الجديد الذي تعتمده الدبلوماسية الأمريكية يعتمد في الصورة الإيحائية أن الشجرة تخفي خلفها الغابة، كما أنه يرسم خطا فاصلا بين حق الصحفيين في العمل في أجواء آمنة وسياسة الترهيب أو المضايقات أو الاعتقال بمنطق أن تضييق الخناق على الصحفيين يعادي إيمان الأمريكيين وقوانينهم".

 

وأشار ذات الخبير إلى أنه لا يمكن حصر تدهور حقوق الإنسان في المغرب في قراءة عاصمة دون أخرى بين أمريكا الشمالية وأوروبا وغيرهما من القارات، بل تحولت محاكمة سليمان الريسوني واعتقال عمر الراضي ووضع توفيق بوعشرين وقبلهم نشطاء الريف إلى قضية دولية تنال من الرأسمال السياسي لدى الرباط في الخارج والداخل.

 

وذكّر في هذا السياق بتصريحات منظمـة "مراسـلون بـلا حـدود"، التي جاء فيها، إن السلطات المغربية حاكمت في السنوات الخمس الماضية خمسة صحفيين على الأقل عرف عنهـم انتقـاد الســلطات المغربيــة فــي كتاباتهـم وتصريحاتهـم، حيث أدينوا جميعهـم بتهـم أخلاقيـة." وقال ذات الخبير، إن "الساسة والمشرعين والنشطاء والرأي العام في أمريكا وأوروبا وغيرهما من القارات لا يقتنعون بـ"فداحة" الجرم المزعوم، بل يدركون أنهم أمام مشروع مركّب ضعيف الإقناع، وبالتالي يخلصون إلى أنها محاكمات سياسية بإخراج قضائي".

 

ونبه العضو السابق في لجنة الخبراء في الأمم المتحدة إلى تقاطع تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس مع فحوى ما أعلنته ماري لولور، المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان في الأمم المتحدة قبل عشرة أيام، بقولها "إنني أحث الحكومة المغربية على الكف عن استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين بسبب عملهم وإيجاد بيئة يمكنهم فيها القيام بمثل هذا العمل دون خوف من الانتقام".

 

ويجسد هذا التقاطع بين موقف الولايات المتحدة والأمم المتحدة ، يقول الشرقاوي، مثالا واحدا على توافقات مماثلة أخرى بين واشنطن ونيويورك وجنيف بشأن مقومات الحكامة والشرعية السياسية وحقوق الإنسان في أبعادها الكونية.

وختم الخبير المغربي، مساهمته، بالتذكير بتحليل استشرافي قدمه في مساهمات سابقة، أن " شرط احترام حقوق الإنسان ليس ترفا سياسيا بالنسبة لفريق بادين، بل هو ضرورة إستراتيجية لاستعادة المصداقية والاحترام للولايات المتحدة في أعين العالم"، وأنه سيحل يوم يصبح احترام حقوق الإنسان ضمن ضوابط الحوار والتعاون بين واشنطن والرباط.(وأج)

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *