طيش ماكرون يخلط أوراق فرنسا في القارة السمراء!
أخلطت الأزمة التي افتعلها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مع الجزائر حسابات باريس في تعاطيها مع بلدان القارة الإفريقية، وبات نفوذ ومصالح المستعمرة السابقة في هذه القارة مهددا، بسبب التصرفات “المراهقة” للرئيس ماكرون.
ومن “غرائب الصدف” أن تستدعي مالي سفير فرنسا لديها، احتجاجا على تصريحات للرئيس الفرنسي، وصفت بـ”غير الودية والمهينة” ضد مؤسسات دولة مالي، في وقت كان وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة، في زيارة رسمية إلى باماكو.
ومن مالي، قال لعمامرة إنه يرغب في “تذكير من يريد أن يسمعنا، بأن إفريقيا مهد للإنسانية وقبر للاحتلال”، ودعا لعمامرة، في حديث له مع وسائل إعلام من مالي، السلطات الفرنسية إلى “احترام الدول الإفريقية احتراما غير مشروط، وأن تقبل بشراكة متساوية مع دول القارة”، وهي التصريحات التي جاءت في وقت تشهد العلاقات بين باريس من جهة، والجزائر ومالي من جهة أخرى، توترا خطيرا.
ومعلوم أن ماكرون كان قد شكك في وجود أمة جزائرية قبل الاحتلال الفرنسي للجزائر في عام 1830، واتهم السلطات الجزائرية بتوظيف الذاكرة من أجل الإساءة إلى بلاده، ما تسبب في استدعاء سفير الجزائر بباريس للتشاور، ومنع الأجواء الجزائرية على الطائرات الحربية الفرنسية، كما اعتبر “شرعية الحكومة الحالية في مالي باطلة ديموقراطيا”، الأمر الذي اعتبرته باماكو “مضرا بالعلاقات الودية بين البلدين”.
وإن كان من مستفيد من تهور الرئيس الفرنسي إزاء بعض مستعمراتها السابقة (الجزائر ومالي..)، فهي إيطاليا، التي طار إليها وزير الخارجية لعمامرة، أمس للمشاركة اليوم في الطبعة الثالثة للاجتماع الوزاري “إيطاليا – إفريقيا”.
وأفاد بيان للخارجية الجزائرية: “بدعوة من نظيره الإيطالي، لويجي دي مايو، يقوم وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة، بزيارة عمل إلى روما، أين سيشارك يومي 7 و8 أكتوبر الجاري، في أشغال الطبعة الثالثة للاجتماع الوزاري “إيطاليا – إفريقيا”، والذي خصص لطرح ومعالجة التحديات الطاقوية والمناخية التي تواجهها إفريقيا، وتداعياتها على المسار التنموي في دول القارة.
ويحضر الاجتماع وزراء خارجية الدول الإفريقية، إلى جانب مسؤولين سامين وخبراء من مؤسسات دولية وجهوية، حكومية وغير حكومية، فضلا عن أرباب عمل شركات عالمية ومستثمرين خواص، وسيناقش المجتمعون سبل وضع مقاربة طويلة المدى تهدف إلى تعزيز قدرات الدول، خاصة النامية منها، على مواجهة تحديات حماية البيئة والتنمية الاقتصادية في ظل الوضع المتأزم الذي أفرزته جائحة كوفيد 19.
والغريب في الأمر أن قمة “إيطاليا ـ إفريقيا” في روما، تتزامن وقمة أخرى هي “فرنسا ـ إفريقيا” تحتضنها مدينة مونبيليي، (الجمعة 8 أكتوبر) يغيب عنها لأول مرة، رؤساء دول إفريقية، وفق ما جاء في وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس براس)، وينوب عنهم رواد أعمال وفنانين ورياضيين شباب لمحاولة “إعادة التأسيس” لعلاقتها مع إفريقيا، في قرار أرجعه البعض، إلى الأزمة التي تمر بها الجزائر ومالي من جهة، وفرنسا من جهة أخرى، يقول المصدر ذاته.
وقالت الوكالة إنها المرة الأولى التي يتم فيها استبعاد رؤساء الدول الإفريقية من هذه القمة، منذ عام 1973 بسبب الأزمة بين باريس وعدد من مستعمراتها السابقة. وقال المفكر الكاميروني أشيل مبيمبي المكلف بتنظيم القمة، إن فرنسا منفصلة جدا عن واقع “الحركات الجديدة والتجارب السياسية والثقافية” في إفريقيا.
وبات أمام السلطات الفرنسية، وفق ما يراه مراقبون، مراجعة سياساتها ومواقفها من دول القارة السمراء، وإلا فقدت نفوذها وخسرت مصالحها الموروثة منذ العهد الاستعماري، ولاسيما في ظل سباق محموم من قبل قوى عالمية صاعدة، من أجل الظفر بوفد دول القارة الإفريقية.