-->

الملك المغربي يتودد للعاهل الإسباني رغم العلاقات المتدهورة جدا بين البلدين!

  


بعث ملك المغرب محمد السادس برقية تهنئة إلى الملك فيليبي السادس، عاهل المملكة الإسبانية، بمناسبة الاحتفال بعيد ميلاده.

ومما جاء في برقية الملك المغربي “يسرني بمناسبة الاحتفال بعيد ميلاد جلالتكم أن أتقدم إليكم بتهانئي الحارة، مشفوعة بأخلص المتمنيات لكم ولأسرتكم الملكية بموفور الصحة والسعادة وطول العمر، وللشعب الإسباني الصديق بموصول التقدم والازدهار”.

وأضاف ملك المغرب “وإذ أجدد اعتزازي بأواصر الصداقة الوطيدة التي تربطنا شخصيا وعائلتينا الملكيتين، أرجو أن تتفضلوا، صاحب الجلالة، بقبول أسمى عبارات مودتي وتقديري”.

وشهدت السنوات الأخيرة تدهورا مستمرا في علاقة البلدين حيث صادقت إسبانيا على “الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي”، والتي تضمنت إشارات رئيسية إلى نوعية العلاقة مع المغرب والتي من شأنها التسبب في مزيد من توتر العلاقات الثنائية بحكم أنها تطالب الرباط “بالولاء في التعاون” و”احترام الحدود الوطنية”، أي سبتة ومليلية.

وتعالج الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي التي هي تحسين لاستراتيجية 2017 المخاطر والتحديات التي تواجهها إسبانيا في السياق الجيوسياسي الحالي، وكان من المنتظر دراسة المجلس الوزاري لهذه الاستراتيجية خلال السنة المقبلة، لكن حكومة الائتلاف اليساري بزعامة بيدرو سانتيش أعطتها أولوية بسبب تأثيرات جائحة كوفيد-19 علاوة على التغيرات الحاصلة في العلاقات الدولية على المستوى الإقليمي والأوروبي والعالمي. 


وتقدم الوثيقة عدد من التوصيات الهامة للغاية في كيفية التعاطي مع التغيرات، وهذا يقدم صورة مسبقة عن نوعية القرارات التي ستتخذها الإدارة الإسبانية في الملفات الشائكة التي ستواجهها.


وشارك في إعداد هذه الوثيقة خبراء من مختلف الإدارات مثل الخارجية والاستخبارات والدفاع والداخلية والصحة م بشكل غير رسمي مراكز التفكير الاستراتيجي وعدد من الباحثين في علم الاجتماع ومؤرخين ضمن آخرين.


وكالعادة، تعطي هذه الاستراتيجية حيزا هاما لمنطقة المغرب العربي بحكم التحديات وفرص التعاون التي تشكلها لمصالح إسبانيا. فهذه المنطقة هي في آن واحد مصدر القلق بسبب نزاعات ترابية مع المغرب والهجرة السرية والإرهاب ومصدر التعاون بحكم الفرص الاستثمارية والتبادل التجاري ثم كمصدر رئيسي للغاز من الجزائر التي أصبحت إسبانيا رهينة له بحكم استيرادها أكثر من نصف حاجياتها.


وتضمنت الوثيقة الاستراتيجية فقرة هامة تبرز رؤية ما يسمى الدولة العميقة الإسبانية تجاه المغرب العربي وأساسا المغرب والجزائر، تقول حرفيا بشأن العلاقة معهما “علاقة إسبانيا بالمغرب والجزائر هي علاقة صداقة من منطلق التعاون المخلص واحترام الحدود الثنائية”.


والجديد وللمرة الأولى ان تختزل مدريد المغرب العربي في المغرب والجزائر وتضع البلدين في كفة واحدة بعدما كانت تعطي أولوية رئيسية للمغرب في وثائقها السابقة وتوحي بنوع من الامتياز لصالح العلاقات مع الرباط. في هذا الصدد، ولم تعد مدريد تجد حرجا في تطوير العلاقات مع الجزائر ولم تعد تأخذ بعين الاعتبار حساسية المغرب من هذا التقارب لا سيما بعدما قررت الجزائر إنهاء العمل بأنبوب الغاز “المغرب العربي-أوروبا” وتعويضه بأنبوب “ميد-غاز” الذي يمر مباشرة من الجزائر نحو الجنوب الإسباني.


وهذا يشكل منعطفا في العلاقات الثنائية بين الرباط ومدريد بعد الأزمة الأخيرة الناتجة عن معارضة إسبانيا لموقف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في اعترافه بسيادة المغرب على الصحراء الغربية المحتلة ثم تساهل المغرب مع دخول أكثر من 10 آلاف مغربي إلى سبتة المحتلة.


ويبدو من خلال ما تسرب من وثيقة “الاستراتيجية الجديدة للدفاع الوطني”، وضع إسبانيا شروطا غير مباشرة على المغرب لإرساء علاقات جيدة وتتجلى فيما أسمته “التعاون المخلص” بين البلدين ثم احترام الحدود. وهذا يترجم مباشرة على ضوء الأحداث الأخيرة بعدم تكرار تساهل الدولة المغربية مع اقتحام المغاربة لسبتة كما حدث في مايو الماضي، ثم تجميد المغرب لمطالبه في استعادة سبتة ومليلية وباقي الجزر.

وعلاقة بالمدينتين، وكما أكدت خلال مايو الماضي عند وقوع الأزمة مع المغرب، تتشتمل الوثيقة التي صادقت عليها حكومة مدريد على مخطط خاص وشامل بمدينتي سبتة ومليلية يشير إلى “نظرا لطبيعة المدينتين لموقعهما الجغرافي في القارة الإفريقية وخصوصية حدودهما الإسبانية والأوروبية يستوجب الأمر اهتماما خاصا لضمان أمنهما ورفاهية ساكنتيهما”. وكانت 


وتأتي وثيقة “الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي” الإسباني في وقت تمر به العلاقات بين الرباط ومدريد بتوتر حقيقي يتجلى في سحب المغرب لسفيرته من مدريد منذ مايو الماضي ثم جمود الزيارات الثنائية بل ولم تعد هناك تصريحات ودية تثني على هذا البلد أو ذاك مثلما كان يحدث حتى الأمس القريب. وتضع حكومة مدريد بطريقة غير مباشرة شروطا لتأطير مستقبل العلاقات بين البلدين، وهذا يتماشى والتلميحات السابقة للمسؤولين الإسبان وعلى رأسهم وزير الخارجية الحالي مانويل ألباريس مفادها أنه يجب إرساء مفهوم جديد للعلاقات يقوم على الثقة والاحترام، في إشارة إلى احترام موقف إسبانيا من نزاع الصحراء الغربية التمثل في دعم مساعي الأمم المتحدة.


واعتمادا على أحداث سابقة، يبدو أن الحكومة الحالية قد استوحت الأطروحة الحالية من التصور الذي كان قد اعتمده وزير الخارجية الأسبق مانويل غارسيا مارغايو سنة 2013 عندما اشترط على المغرب أنه من أجل علاقات مستقرة يجب على الرباط وقف الرباط مطالبها باستعادة سبتة ومليلية”، وصرح بذلك في ندوة في مدريد بحضور وكيل الخارجية المغربية وقتها يوسف العمراني.

ومن شأن طريقة معالجة العلاقات الثنائية في هذه الاستراتيجية الخاصة بالأمن القومي وضع العلاقات على المحك، إذ يجهل طريقة تصرف المغرب ونوعية الإطار الذي سيضع فيه العلاقات مع مدريد مستقبلا.

Contact Form

Name

Email *

Message *