-->

الدبلوماسية الجزائرية قطعت الطريق على دعاية المخزن التي وضعت الموقف الإسباني في المستوى ذاته الذي يوجد فيه الموقفان الفرنسي والألماني


قطعت التوضيحات التي قدمها المبعوث الخاص المكلف بقضية الصحراء الغربية ودول المغرب العربي بوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، عمار بلاني، الطريق على الأوساط الدبلوماسية والإعلامية التي وضعت الموقف الإسباني في المستوى ذاته الذي يوجد فيه الموقفان الفرنسي والألماني، من القضية الصحراوية.
ولأول مرة تخوض الدبلوماسية الجزائرية في مواقف كبرى الدول الأوروبية، وتتعمق في التفريق بين الموقفين الفرنسي والألماني من جهة، وبين الموقف الإسباني، في مسعى ساهم في تقويض المقاربة التي بنت عليها الدوائر الإعلامية المقربة من نظام المخزن المغربي في الداخل والخارج.
وفي أعقاب استدعاء الجزائر سفيرها سعيد موسي، من مدريد ردا على الانقلاب المفاجئ الذي حصل في الموقف الإسباني من القضية الصحراوية، عبرت دوائر دبلوماسية وإعلامية قريبة من المخزن المغربي، عن تفاجئها من الموقف الجزائري تجاه مدريد، زاعمة بأن موقف هذه الأخيرة لا يختلف عن موقفي باريس وبرلين، ومن ثم راحت تتساءل عن سبب عدم إقدام الجزائر على استدعاء سفيريها في كل من ألمانيا وفرنسا، في مسعى لإضعاف القرار الجزائري والتشكيك فيه.
غير أن تصريح المسؤول بوزارة الخارجية ساهم بقسط كبير في إزالة الالتباس الحاصل في مواقف الدول الأوروبية الثلاث من القضية الصحراوية، وكشف بما يدع مجالا للشك أن مدريد ذهبت بعيدا في موقفها هذا، إلى حد اعتبار الصحراء الغربية جزءا من السيادة المزعومة لمملكة المخزن المغربي، في حين أن الصحراء الغربية، مسجلة في الأمم المتحدة، على أن أنها إقليم “لا يتمتع بالحكم الذاتي” ولم يحدد بعد وضعه نهائيا، كما أنه “مؤهل لتقرير مصيره وفقا للشرعية الدولية”، كما قال بلاني.
الدبلوماسي والسفير السابق أحمد لقرع يرى أن ما صدر على لسان بلاني، أماط اللثام عن الكثير من الالتباسات في مواقف الدول الأوروبية الكبرى من القضية الصحراوية، وأكد أن هناك بونا كبيرا بين موقفي باريس وبرلين من جهة، وموقف مدريد من جهة أخرى، لأن موقف الأخيرة، التي لها مسؤوليات تاريخية تجاه الشعب الصحراوي بحكم أنها مستعمرة سابقة، أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق.
وفي السياق، تحدث الدبلوماسي عن وجود هوس كبير لدى نظام المخزن من أجل إقناع الدول الأوروبية بطرح الحكم الذاتي الذي يقترب عمره من العقدين ولم يحقق الآمال المعقودة عليه، وهنا أشار إلى أن الرباط، وجهت جهودها نحو إقناع رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، بالسير على خطى الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، وهو أمر يبقى مستبعدا في ظل تزايد الدعم للقضية الصحراوية في هذا البلد، والذي يعتبر آخر إنجاز على هذا الصعيد، هو حصول حملة الصحراء الغربية في المملكة المتحدة، على موافقة المحكمة العليا تقديم طلب مراجعة قضائية للاتفاقية التجارية المبرمة بين المملكة المتحدة والمغرب لما بعد البريكسيت، والتي تشمل منتجات وموارد الصحراء الغربية المحتلة.
وبرأي السفير السابق، فإن نظام المخزن لا ينظر بارتياح للموقف الفرنسي، الذي كانوا ينتظرون منه الكثير، ولذلك هم يراهنون اليوم على وصول زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان، إلى قصر الإيليزي، وحينها سيخرج الموقف الفرنسي من الضبابية ويصطف إلى جانب المخزن، غير أن هذا الرهان يبقى خاسرا مسبقا، لأن الدور الثاني من الرئاسيات الفرنسية سيتحول إلى استفتاء لقطع الطريق على اليمين المتطرف.
وبخصوص مواقف بقية الدول الأوروبية الأخرى وعلى رأسها إيطاليا ودول أوروبا الشمالية خاصة، فيرى دبلوماسي آخر فضل عدم الكشف عن هويته، أنها صارمة في تعاطيها مع القضية الصحراوية، إذ تصر وتدعو إلى تطبيق القانون الدولي ومقررات الأمم المتحدة، التي لا تعترف إلا بمخرج واحد، وهو حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.

Contact Form

Name

Email *

Message *