صحيفة بريطانية : عقارات دبي ملاذ للمحتالين والمجرمين والأوليغارش الروس والمتهربين من الضريبة
نشرت صحيفة “إندبندنت” تقريرا أعده بورزو درغاهي، تطرق فيه إلى المال الروسي القذر من روسيا وأوروبا والذي بات يغمر سوق العقارات في دبي.
وتحدث الكاتب في التقرير عن بيانات حصل عليها معهد استقصائي في واشنطن بمساعدة مصدر موثوق في دبي، ووجد أن سوق العقارات في الإمارة بات “ملجأ آمنا للمسؤولين الدوليين الفاسدين، والجريمة المنظمة وعدد كبير من اللاعبين في التجارة غير المشروعة، من الاتجار بالمخدرات إلى الأوليغارش الروس“.
فما يجمع مثلا في دبي بين رجل أعمال روسي مرتبط بزعيم الشيشان رمضان قديروف، الداعم لجهود الرئيس فلاديمير بوتين في أوكرانيا وزعيم مجموعة جريمة منظمة أيرلندي متورط في تهريب الكوكايين ومواطن من التشيك فرضت عليه وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات لتورطه في عملية صرف مالي إلكتروني مشفر أصبحت محلا للابتزار، ما يجمع بينهم هو شيء واحد: أنهم جميعا يملكون بيوتا في دبي التي برزت كمركز للمال القذر وغسيله.
فالإمارة البالغ عدد سكانها 3.5 مليون نسمة، وواحدة من سبع إمارات، إلا أنها تشكل نسبة 3% من سوق العقارات الخارجي في العالم. وجاء في الدراسة التي نشرها مركز الدراسات الدفاعية المتقدمة “سي فور إي دي أس” في العاصمة الأمريكية واشنطن، أن هذه “الشبكات تأتي إلى الإمارات للحصول على منافع السرية العالية والفجوة في عملية فرض القوانين واستخدام العقارات الراقية لتخزين وتبييض الأموال التي تم كسبها بطريقة غير مشروعة”.
ونشرت البيانات هذا الأسبوع إلى جانب مجموعة من المنظمات الإخبارية قادتها الصحيفة الإلكترونية النرويجية “إي24” ومشروع متابعة الجريمة المنظمة والفساد. وقامت البيانات الأخيرة على 800.000 عقار كلها في دبي، وتضيف للصورة المعروفة عنها كملعب للأثرياء والمحتالين الذين يخفون أموالهم، في الوقت الذي يمارسون هواياتهم بلعب الغولف وزيارة النوادي الليلية وارتياد المطاعم الراقية والمنتجعات على الشاطئ.
وتقول البرفسورة أنيت الستادستير في الجامعة النرويجية للعلوم الحية، وتقود فريقا من الأكاديميين الذين يقومون بتحليل مستقل للبيانات بطريقة مجهولة المصدر: “بعض الملاجئ الضريبية تستخدم كعنوان بريدي لشركات تستخدم لإخفاء الثروة المملوكة في أماكن آخرى. لكنك في دبي تستطيع بشكل أساسي استخدام مالك وإخفائه بعقارات واستخدامها”.
وقال درغاهي إن عددا من الأثرياء الروس نقلوا يخوتهم إلى هناك حيث رست على شواطئ دبي تجنبا للعقوبات الغربية. وذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” الأسبوع الماضي أن الأوليغارش الروس يبحثون عن طرق لمبادلة ممتلكاتهم في لندن بأخرى في دبي، والابتعاد عن الرقابة الغربية والتنظيمات التي تريد معاقبة روسيا على غزوها لأوكرانيا. وقبل عدة سنوات، حدد مركز “سي فور إي دي أس” 180 عقارا في دبي قال إنها مرتبطة بأشخاص فرضت عليهم عقوبات. ومن بين الشخصيات المعروفة والتي فرضت عليها عقوبات ولها وجود في دبي، رجل العصابات التركي المعروف سادات بكر الذي كشف في العام الماضي عن علاقته مع المسؤولين في أنقرة عبر سلسلة من الفيديوهات. وهناك الأوليغارش البلغاري، مالك الكازينو فاسيل بوخوف، الذي هدد المسؤولين في صوفيا بالكشف عن أسرار حكومة رئيس الوزراء السابق بويكو بوريسوف.
وفي الدراسة الأكاديمية التي تقع في 46 صفحة بعنوان “من يملك العقارات الخارجية؟ أدلة من دبي” فإن الأجانب يسيطرون على ربع سوق العقارات التي تصل قيمته إلى 146 مليار دولار أمريكي، وهو ضعف النسبة في لندن. ووجد الباحثون أن النرويجيين الذين وردت أسماؤهم على قائمة ملاك العقارات في دبي، خرقت نسبة 70% منهم القانون لعدم إبلاغهم مصلحة الضريبة، مما يشير إلى أن الكثير من المستثمرين يستخدمون دبي لإخفاء ثروتهم. ولا تسمح الإمارات للأجانب بامتلاك عقارات لكن المقيمين من غير الإماراتيين يستطيعون شراء عقار بعقد إيجار مدته 99 عاما.
ويعتبر المواطنون الهنود من أكبر الملاك الأجانب للعقارات في دبي، وعددهم 35 ألف شخص. ويأتي بعدهم البريطانيون وعددهم 23 ألف شخص، أما مواطنو الاتحاد الأوروبي فهم بالمرتبة الثالثة. وعمل 20 صحافيا من أوروبا الغربية والشرقية والدول الإسكندنافية ودول البطليق والبلقان على فرز البيانات بحثا عن أسماء محتالين مشاهير ومتلاعبين بالقانون. ووجد فريق الصحافيين أن هناك أكثر من 100 سياسي روسي وشخصيات إعلامية وأوليغاش قريبين من الكرملين. بالإضافة لعدة أسماء من الأوروبيين المتهمين بغسل الأموال والاختلاس والفساد بمن فيهم هاربون من العدالة. ومن بين الأسماء الروسية التي تملك عقارات في دبي رسلان بيساروف، رجل الأعمال من أصول شيشانية وعلى علاقة مع قديروف الذي أرسل قواته إلى أوكرانيا ووجهت لها اتهامات بجرائم حرب.
وهناك ألكسندر بوروداي، النائب السابق في البرلمان الروسي والذي كان له دور بارز في دعم القوات الانفصالية شرقي أوكرانيا. ومن بين أصحاب العقارات أيضا، دانيال كينهان، المتهم بالانتماء لعصابة، وعلى علاقة مع عالم الملاكمة، وفرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات، كما جمدت الإمارات أصوله المالية الشهر الماضي. ومن الأسماء الأخرى تيبور بوكور، المدير التنفيذي لشركة عملة إلكترونية مشفرة والتي تستخدم من قبل المبتزين والمجرمين ويواجه عقوبات من الولايات المتحدة.
ويملك ميروسلاف فيبو، المواطن السلوفاكي الذي يواجه اتهامات بفساد عقارات في دبي، مع أن ممثلا أخبر مشروع الجريمة المنظمة والفساد أنه لم يقم أبدا في دبي ويحاول بيع ما يملكه. ويقال إن تاجر اللحم الإيطالي فرانشيسكو جيوردانو الذي اعتقل بسبب التهرب الضريبي، يملك عددا من الشقق في دبي، وإن مع مالك آخر.
وتقول الصحيفة إن دبي لم تظهر استعداد لكي تكشف عن الملفات والتوقف عن السماح للأثرياء المحتالين لكي يخفوا أموالهم في شواطئها. ويرى الخبراء أن فرض عقوبات غربية على العقود القادمة من وإلى دبي قد تكون الطريقة الوحيدة لإقناع الإمارة بالتحرك. وتقول البرفسورة ألستادستير: “البحث الأخير هو دليل آخر يكشف عن ضرر السرية” و:السرية ليست جيدة وهي تساعد على التهرب الضريبي وكذا على الفساد وتبييض الأموال وحتى تمويل الإرهاب”.