بين ذل المخزن المستأسٍّد وعزة تونس الخضراء: ينتعش أمل في العروبة
لم يكلف المخزن المغربي نفسه عناء الالتفات إلى الخلف ومراجعة سجل مواقفه في حالات مشابهة، بدله حمَّل تونس الشقيقة فشله الذريع وجعل من موقفها المطية التي يُنفس بها عن آلام الهزائم التي كبله اياها الشعب الصحراوي في حرب فرض الوجود لارادته التي لا رجعة فيها "الجمهورية الصحراوية". ولا يمكن الا ان نعذر المخزن فالصدمة قوية ووقعها على مركز التفكير وصنع القرار المخزني قد أغنته عن كؤوس الخمر الباريسي.
فيما مضى وفي حالة مشابهة، سٌئل السياسي الاسباني المخضرم "خوليو أنغيتا" عن تفسير موقف الحكومات الإسبانية المتعاقبة من الصحراء الغربية فرد أن "إسبانيا ضعيفة مع الأقوياء، قوية على الضعفاء" ويبدو ان المخزن ذاك هو دأبه والطيور على أشكالها تقع.
والحاصل هنا أنه من فرط تأثير الموقف الطبيعي لتونس السيّدة ارتبك المخزن ولم يجد من شيء سوى محاولة تأسُّد فاشلة على تونس التي ظنها في لحظة سكر باريسي ضعيفة وسترتجف من ردة فعله، ولكن على من يتأسّد المخزن فتونس لم تتوهم قوة ليست لديها وكان ردها رد الواثق من نفسه وبفخر من يشعر بشعبه واقف خلفه، رد من يؤمن بقوة الحق والقانون وليس رد من يستقوي بالوهم ويوهم شعبه به.
إن طائر الاستقواء المخزني قد ضل السبيل هذه المرة. فقد عَميَت بصيرته عن دول أخرى سبقت تونس لمثل هذا الموقف مثل الكوت ديفوار، بلجيكا، واليابان وغيرهم ولم يفق إلا على تونس الخضراء، تونس الربيع والثورات الشعبية المظفرة، تونس الديمقراطية والقانون والانفتاح على الآخر مهما كان مختلفا. وجاء رد الخارجية التونسية على الشطحة المخزنية دليل على أن القوة ليست توهم بل القوة كل القوة تكمن في الحق والقانون. والنتيجة ان ما كان يُرجى من ردة الفعل المغربية المتهورة جاء بنتائج عكسية لم ينتظرها المخزن من تونس.
بيان الخارجية التونسية جاء في مستوى الضربة التي لم تترك مجالا للشك في أن ميزان القوة والضعف لدى المخزن مهتز لأنه وُضع في الأساس على حالة وهم وتوهم لكذبة "الحدود الحقة " التي لا يصدقها الا المخزن ومن تمخزن معه..
إن موقف تونس الطبيعي والشجاع يُنعش فينا، نحن الصحراويين، روح المواصلة ويبعث فينا أمل بأن للعروبة قد لا يزال عرق ينبض لنصرة الحق وما علينا إلا تكثيف العمل لايقاظه "فشمس الحرية ستبزغ يوما ما لا محال، و ليل الاحتلال مرهون بما نقدمه من عمل وطني ينير دربنا الوعر"، كما قال ملهمنا الوطني الراسخ، مفجر ثورة 20 ماي المجيدة، الشهيد الولي مصطفى السيد.
ومما يجب أخذه في عين الاعتبار، هو أن الموقف الرسمي التونسي وعلى قدر شجاعته إلا أنه طبيعي ويعتبر الحد الأدنى الذي لا يجب أن تتنازل عنه دولة تحترم نفسها. ويبقى الأمل يحذونا أن تأخذ تونس موقفا أكثر حزما وشجاعة من خلال الاعتراف الرسمي بالجمهورية الصحراوية انسجاما مع مبادئ وطموحات الشعب التونسي. وإن الأنظار من جهة الساقية الحمراء ووادي لتتطلع إلى تحرك الشعب التونسي وقواه الحية باتجاه استثمار الموقف والدفع بحكومته إلى الاعتراف بالجمهورية الصحراوية في سبيل تحقيق وحدة مغرب الشعوب المبنية على أسس الديمقراطية والعدالة والمساواة والاحترام المتبادل.
وعلينا كصحراويين ألا نحول ما تحقق اليوم في تونس إلى مروحة ينش بها المتخاذلون او المزايدون، بل أن نجعل منه نصراً يولّد انتصارات أخرى، ولا يجب بأي حال من الأحوال أن يُستغل لغير ذلك الغرض.
وللعرب أقول، لا تجاملوا المخزن ولا تتحاملوا علينا ولكن أفيقوا رجاءا وانتفضوا وارفعوا أصواتكم بالحق ولا شيء غير الحق وحينذاك ستعرفون أيهما صاحبكم الذي تبغون المخزن المغربي أم الشعب الصحراوي.
بقلم : خليهنة محمد المصطفى