-->

الهجوم فى الصحراء الغربية يعقد إستراتيجية الولايات الأمريكية الإقليمية

 


الباحث و المحلل السياسي مايكل والش اجتهد، من وجهة نظره طبعا، فى تقديم نظرة شاملة و تحليل متكامل للتحديات التى تواجهها سياسة الولايات المتحدة الامريكية فيما يتعلق بموقفها من قضية الصحراء الغربية و علاقة ذلك بمصالحها فى المنطقة خاصة و تأثيره على سياستها الدولية فى عالم يشهد تحولات كبيرة و مواجهات على أكثر من صعيد  .
مع ضرورة الأخذ بالحسبان الملاحظات التالية : 
1- الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلف وحده ولا تعكس بالضرورة موقف معهد أبحاث السياسة الخارجية، وهو منظمة غير حزبية تسعى إلى نشر مقالات ذات حجج جيدة وموجهة نحو السياسة حول السياسة الخارجية الأمريكية والأمن القومي.
 2- تحديث: ذكرت نسخة سابقة من هذا المقال أنه "لقد أثيرت مخاوف بشأن كيفية تقويض جبهة البوليساريو والدول الراعية لها (مثل الجزائر وجنوب أفريقيا) المصالح الأمريكية".  وتم تغيير مصطلح "الدولة الراعية" إلى " الدول الداعمة".
 الدراسة : 
مقدمات على شكل استنتاجات : 
1- استأنفت جبهة البوليساريو كفاحها المسلح من أجل استقلال الصحراء ضد المغرب.
2- وقد أثيرت مخاوف بشأن كيفية تقويض جبهة البوليساريو والدول الداعمة لها (مثل الجزائر وجنوب أفريقيا) المصالح الأمريكية.
3- وقد أدت التحولات السياقية إلى زيادة الضغط على الحكومة الأمريكية لدعم توطيد السيادة المغربية على الصحراء الغربية.  وقد سار آخرون في الاتجاه المعاكس.
 4-وسوف تضحي واشنطن بقدر كبير من المصداقية الأخلاقية إذا دعمت توطيد السيادة المغربية على الصحراء الغربية.
5- قبل اتخاذ مثل هذه الخطوة المحفوفة بالمخاطر، من المرجح أن ترمي إدارة بايدن النرد على نهج مختلف: تكثيف العملية السياسية للأمم المتحدة.
 6-خلال الأشهر القليلة الماضية، ظهر خطاب جديد حول الصحراء الغربية.  وفي أعقاب هجوم البوليساريو على السمارة، أثيرت مخاوف جديدة من أن جبهة البوليساريو والدول الداعمة لها (مثل الجزائر وجنوب أفريقيا) تعمل على تقويض المصالح الأمريكية.  ويرى بعض المحللين أن الأحداث الأخيرة تتطلب تصنيف جبهة البوليساريو منظمة إرهابية والجزائر دولة راعية للإرهاب.  وترفض جبهة البوليساريو وأنصارها بشدة هذه الادعاءات.
7- لفهم هذه التطورات، من المهم أن نفهم ما يحدث خلف الكواليس في العلاقات بين الولايات المتحدة والجزائر وبين الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا.  عند النظر إليها من خلال هذه العدسة، تبرز أسباب تنافسية جديدة تدفع حكومة الولايات المتحدة وحلفائها إلى دعم تعزيز السيادة المغربية على الصحراء الغربية.  هذه التحولات السياقية لا تهدد فقط وجود جبهة البوليساريو واستقلال الشعب الصحراوي: بل يمكن أن تخلق توترات في العلاقات بين الولايات المتحدة والجزائر وبين الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا، والتي يمكن أن تستغلها الجهات الفاعلة الحكومية الأخرى، مثل الصين أو إيران أو روسيا.  وفي الوقت نفسه، هناك أيضًا تحولات سياقية تدفع في الاتجاه المعاكس.  الأهم هو التحسن الأخير في العلاقات بين الولايات المتحدة والجزائر.  وتقود هذا الأمر سفارة الولايات المتحدة في الجزائر ومجلس الأمن القومي.

8- ويدرك البيت الأبيض أن هذا يمثل مشهداً استراتيجياً مليئاً بالتحديات.  وهي تتقبل أن هناك حاجة إلى تغيير الوضع الراهن وترى أن تكثيف العملية السياسية التي تقوم بها الأمم المتحدة في الصحراء الغربية هو أفضل خيار ممكن لمحاولة القيام بذلك.  هذا على الرغم من أنه سيخلق توترات في العلاقات بين الولايات المتحدة والمغرب.

 خلفيات البحث و التحديات

 لقد كانت هناك تحولات كبيرة في السياق الإقليمي للصراع الطويل الأمد بين المغرب وجبهة البوليساريو، وكلها زادت المخاوف في واشنطن.  أولاً، هناك تصور واسع النطاق بأن علاقات روسيا مع الجزائر وجنوب أفريقيا أصبحت أقوى منذ غزو أوكرانيا.  وإلى جانب توسيع إطار البريكس، أثار هذا تساؤلات حول التفضيل المشترك بين البلدين لنظام عالمي جديد.  وهناك مخاوف بشأن الدور الذي يُعتقد أن الحكومتين لعبتاه في تعليق وضع إسرائيل كمراقب في الاتحاد الأفريقي وعلاقاتها مع إيران والجماعات المسلحة الفلسطينية، وخاصة في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل.  وفي الصحراء الغربية، أدى هجوم البوليساريو على السمارة إلى زيادة المخاوف بشأن رعايتها لجبهة البوليساريو في صراع متصاعد مع حليف أمريكي أدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين على الجانبين.

 ونتيجة لذلك، هناك تصور بين بعض المحللين بأن الجزائر وجنوب أفريقيا تعملان على تقويض المصالح الأمريكية.  ويعمل البيت الأبيض جاهدا لتغيير تلك التصورات.  ترى السفارة الأمريكية بالجزائر تصدعات في العلاقة الاستراتيجية بين الجزائر وروسيا ترغب في استغلالها.  كما أنها تعترف بخطر دفع الجزائر إلى التقارب مع الصين وإيران وروسيا إذا دعمت علناً تعزيز السيادة المغربية على الصحراء الغربية.  ولذلك تبحث إدارة بايدن عن نهج يزيد من مصالح الولايات المتحدة.  وتخشى الحكومة المغربية أن يأتي ذلك على حساب مصالحها الخاصة.

 تقييم اللاعبين الرئيسيين

 بالنسبة لجبهة البوليساريو، يحمل هذا التحول في السياق الخلفي آثارًا مهمة على مستقبل كفاحهم المسلح من أجل إقامة دولة مستقلة في الصحراء الغربية.  وفي بعض الأحيان كانت هناك رغبة بين أعضاء الكونجرس في فرض تكاليف على الجزائر وجنوب أفريقيا بسبب تقويض المصالح الإقليمية للولايات المتحدة.  بالنسبة للجزائر وجنوب أفريقيا، توفر القومية الصحراوية منصة قيمة لإظهار القيادة العالمية في سياسات مناهضة الاستعمار والفصل العنصري.

 بالنسبة لحكومة الولايات المتحدة، فإن تعزيز السيادة المغربية من شأنه أن يحرم الجزائر وجنوب أفريقيا من أولوية السياسة الخارجية.  ومع ذلك، فإنه قد يخاطر أيضًا بدفع الجزائر العاصمة وبريتوريا نحو منافسي القوى الكبرى.  وبالتالي، تحاول إدارة بايدن مقاومة الضغوط لاستخدام الصحراء الغربية كمنصة لفرض عقوبات على الجزائر وجنوب إفريقيا.

 خيارات السياسة

 بالنسبة لواشنطن، هناك مجموعة غير حصرية من التدخلات السياسية التي قد تكون مفيدة في السعي لتعزيز السيادة المغربية على الصحراء الغربية.  ويمكنها تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية، ومن ثم النظر في تصنيف الجزائر وجنوب أفريقيا كدول راعية.  يمكن للولايات المتحدة وحلفائها زيادة تبادل المعلومات الاستخبارية المتعلقة بجبهة البوليساريو مع المغرب، ونقل المزيد من القدرات المتقدمة لمكافحة التمرد إليهم.  يمكن للحكومة الأمريكية الضغط على الدول الإفريقية الشريكة لسحب الاعتراف الدبلوماسي بالجمهورية الصحراوية الديمقراطية.  بل ويمكنها حتى إنهاء وضع المستفيد في جنوب أفريقيا بموجب قانون النمو والفرص في أفريقيا.

 وقد أعرب محللو بيلتواي بالفعل عن دعمهم لتصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية في أعقاب هجمات حماس والسمارة.  وهذا يتناقض بشكل حاد مع النهج المفضل لإدارة بايدن: تكثيف العملية السياسية للأمم المتحدة "للتوصل إلى حل دائم وكريم" في الصحراء الغربية.

 حسابات الأمريكيين 

 بالنسبة لإدارة بايدن، يتطلب اتخاذ القرار بشأن الصحراء الغربية دراسة متأنية للحقائق السياسية التي لها اتجاهات متعددة.  على سبيل المثال، من شأن توطيد السيادة المغربية على الصحراء الغربية أن يعزز المصالح الوطنية المتصورة للمغرب وإسرائيل، ويعتقد عدد كبير من الأميركيين أن حكومة الولايات المتحدة "يجب أن تأخذ مصالح الحلفاء في الاعتبار، حتى لو كان ذلك يعني تقديم تنازلات.  

 تعهد الرئيس جو بايدن بحماية النظام الدولي الليبرالي خلال حملته الانتخابية.  ويتطلب النظام الدولي الليبرالي أن "يقيد القانون الدولي تصرفات الدول".  موقف القانون الدولي هو أن الصحراء الغربية هي منطقة غير خاضعة للاحتلال العسكري للمغرب، وأن جبهة البوليساريو هي الممثل الشرعي للشعب الصحراوي.  ومع ذلك، تعهد بايدن أيضًا "بالوقوف جنبًا إلى جنب مع حلفائنا وشركائنا الرئيسيين مرة أخرى".  علاوة على ذلك، هناك تصور واسع النطاق مفاده أن الحفاظ على النظام الدولي الليبرالي يعتمد على "نظام التحالفات الأميركي".

 وفي حين أن بعض أعضاء الكونغرس قد يرغبون في فرض عواقب وخيمة على الجزائر وجنوب أفريقيا، يبدو أن البعض الآخر لديه الرغبة في "إعادة إلزام الولايات المتحدة بالسعي إلى إجراء استفتاء حول تقرير المصير للشعب الصحراوي في الصحراء الغربية". 

 وفي وقت سابق من هذا العام، أشار البيت الأبيض إلى تحول عملي نحو التعامل مع "المنطقة بطرق تتفق مع قوانيننا حتى نتمكن من الاستمرار في التأكد من أن المنطقة آمنة".  ونتيجة لذلك، فمن شبه المؤكد أن أي عملية صنع قرار في السياسة الخارجية بشأن الصحراء الغربية ستأخذ في الاعتبار التأثير على المهام ذات الأولوية للأمن القومي، بما في ذلك المنافسة بين القوى الكبرى، وحماية الموقف العسكري في الخارج للولايات المتحدة وحلفائها في الشمال.  أفريقيا ومنطقة الساحل.

 من الصعب القول ما إذا كانت إدارة بايدن ستتخذ خطوة جذرية لدعم تعزيز السيادة المغربية على الصحراء الغربية.  وهي تفضل التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض من خلال العملية السياسية التي تجريها الأمم المتحدة بدلا من ذلك.  وهذا الواقع سيثقل كاهل جبهة البوليساريو والدول الراعية لها والشعب الصحراوي.

 التصورات من الخارج

 ويستفيد عدد من الدول من التدخل السياسي الأمريكي لدعم توطيد السيادة المغربية على الصحراء الغربية، وخاصة المغرب.  وعلى صعيد متصل، ترى إسرائيل أن تطبيع العلاقات مع المغرب يصب في المصلحة الوطنية.  إن تعزيز السيادة المغربية على الصحراء الغربية من شأنه أن يزيل التوتر الكبير الموجود في العلاقات بين الولايات المتحدة والمغرب.  وهذا بدوره يخفف من خطر قيام الحكومة الأمريكية بسحب اعترافها بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، وهو ما كان شرطا مسبقا لتطبيع العلاقات المغربية الإسرائيلية.

 وتعتبر إسرائيل أن الحصول على صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي يصب في مصلحتها الوطنية.  ومن شأن إنهاء عضوية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في الاتحاد الأفريقي أن يقلل من عدد أعضاء الاتحاد الأفريقي المعارضين لاستعادة ذلك الوضع.  كما سيكون بمثابة انتقام من الإجراءات السابقة التي اتخذتها الجزائر وجنوب إفريقيا ضد مصالحها الوطنية.

 من المرجح أن تنظر الصين وإيران وروسيا إلى التدخل السياسي الأمريكي لدعم توطيد السيادة المغربية على الصحراء الغربية باعتباره فرصة ثمينة لمحاولة دق إسفين في العلاقات بين الولايات المتحدة والجزائر والولايات المتحدة وجنوب أفريقيا، من بين أمور أخرى.
 أما إذا كانوا سيكونون مستفيدين فهذه مسألة أخرى.  وفي عالم يتسم بالمنافسة بين القوى العظمى، والطوارئ المتداخلة، والمعايير العالمية المتغيرة، فإن بعض الجهات الفاعلة الحكومية التي تتوقع أن تكون مستفيدة ربما تصبح في الواقع ضحايا.  ويشمل ذلك حكومة الولايات المتحدة، التي قد تضحي بقدر كبير من القوة الأخلاقية في عملية تنفيذ مثل هذا التدخل السياسي.  وهذا سيثقل كاهل إدارة بايدن وأعضاء الكونجرس.
#UPES

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *