السعودية على الحافة: المستقبل الغامض لحليف أميركا (كتاب)
لندن- (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة) صدر للصحفي والباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط توماس ليبمان كتاب جديد عن المملكة العربية السعودية حمل عنوان "السعودية على الحافة: المستقبل الغامض لحليف أميركي". والكتاب هو الثاني للمؤلف عن السعودية، إذ سبق له في عام 2005 تأليف كتاب "داخل السراب: العلاقات الهشة بين أميركا والسعودية".
ويرى توماس ليبمان أن المملكة العربية السعودية هي أقل بلد فهمه الأميركيون من بين البلدان الكثيرة الحيوية للمصالح الأميركية الاستراتيجية والاقتصادية، فهي في أذهان الكثير من الأميركيين ملكية قروسطية ذات حكم نفطي على سكان قبليين وتتمسك بقراءة متصلبة وغير متسامحة للإسلام تحجّب النساء وتعزلهم كما أنها موطن الارهابيين المعارضين لأميركا وخاصة أسامة بن لادن.
ورغم ذلك يذكرنا ليبمان أن التحالف بين الولايات المتحدة والسعودية الذي بدأ خلال الحرب العالمية الثانية برهن على دوامه رغم غرابة تكونه.
وحتى أحداث الحادي عشر من سبتمبر لم تؤد إلى انقطاع العلاقة، فكلا الطرفين لا يستطيعان الاستغناء عن علاقة تحتاج فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى امدادات النفط، وتحتاج المملكة العربية السعودية إلى التكنولوجيا والأسلحة والدعم من أميركا لمجابهة التهديدات الإقليمية وخاصة من إيران. ورغم الاختلافات الكبيرة فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية "وخاصة المشكل الاسرائيلي الفلسطيني" وحقوق الانسان تبقى الروابط الاقتصادية و الاستراتيجية العميقة متينة.
كان ليبمان مراسلا سابقا في الشرق الأوسط لجريدة واشنطن بوست وهو الآن أستاذ مساعد بمعهد واشنطن للشرق الأوسط. وقد زار السعودية مرات كثيرة منذ السبعينات ولذلك يعرف البلاد جيدا ولاحظ تطور البلد خلال الأربعين سنة الماضية.
ويحاول في كتابه هذا تبيان كيف تسعى السعودية إلى ايجاد توازن بين تقاليد دينية شديدة المحافظة وحاجتها للحداثة وتطوير اصلاحات سياسية والاقتصادية والاجتماعية تمكنها من البقاء والاستمرار في القرن الواحد والعشرين.
ويرى الكاتب أن السعوديين خلال العشرية الأخيرة اعترفوا بمشاكلهم وشجعوا مناقشتها وسخّروا الموارد لمجابهتها، غير أنه يؤكد أن السعودية عليها أن تتغير بشكل أسرع إذا ما أرادت أن تحافظ على استقرارها الداخلي ورخائها.
ويحتوي الكتاب، الذي حمل عنوان "”Saudi Arabia on the Edge: The Uncertain Future of an American Ally، على 11 فصلا يحلل فيها الكاتب ليبمان التطورات في سياسية الحكومة، وقضايا النفط والموارد الطبيعية والعمل والتعليم ومنزلة المرأة ودور الإسلام في المجتمع والقضايا الاجتماعية والسياسة الخارجية بما في ذلك العلاقات مع الولايات المتحدة.
وفي الفصل الأول بعنوان "الملك والبلاد" ينظر ليبمان في الأسباب وراء تفادي المملكة للانتفاضات التي شهدتها بلدان عربية أخرى، ويرى أن أهم سبب يتمثل في أن حكم آل سعود ما زال مقبولا بشكل واسع من قبل الرعية.
وقد استفاد آل سعود ليس فقط من الطابع الشديد للمحافظة للمجتمع بل من قدرة النظام على استخدام الثروة النفطية الهائلة من أجل توفير العمل والخدمات العامة للناس، فظلا عن ذلك وعلى امتداد التاريخ السعودي المعاصر كان الحكام هم من أدخلوا التغيرات التحررية والحداثية المحدودة إلى المملكة مثل التعليم للنساء والتلفاز والتكنولوجيا والخبرات الغربية وفي الكثير من الأحيان متعرضين لمواجهة معارضة المحافظين.في فصل "الاسلام والمجتمع والدولة" يفحص الكاتب تأثير الدين والزعامات الدينية على سياسات الدولة وأعمالها. ويعلق الكاتب بقوله إنه بسبب عدم سماح النظام بأي عمل سياسي علماني "يمثل الدين والأقوال حول الدين محددات أساسية للحياة الاجتماعية والفكرية..." "ص 183" فالدولة تحتاج إلى الزعماء الدينيين لتأكيد سلطانها والقضاء على ما يهدده حتى ولو تطلب الأمر التعاون السياسي والعسكري مع كيانات غير مسلمة مثل الولايات المتحدة، وفي المقابل تسمح الحكومة للمؤسسة الدينية بإملاء وفرض ممارسات دينية متشددة. ويناقش الكاتب جهود الملك عبد الله الأخيرة لكبح جماح الشرطة الدينية أو ما يسمون المطوعين، لكنه يلاحظ أنه "ليس من مصلحة الملك أن ينفّرهم بتحركات اجتماعية أو سياسية جذرية لا يمكنهم التسامح معها" "ص 194".
وفي كافة أجزاء الكتاب ينظر الكاتب في المشاكل التي تواجه النظام الناتجة عن سكان يتزايد عددهم بسرعة ويطمحون لخدمات وسلع توفرها الحكومة. يقول الكاتب إن السعودية لا تخشى نفاذ احتياطيها النفطي على مدى عدة عقود قادمة، لكن السعوديين يخشون أن يؤدي الافراط في العرض وقلة الطلب إلى تخفيضات كبيرة في المداخيل التي تمول العائلة الحاكمة والمصارف الأمنية والخدمات المدعمة التي تمثل ركيزة المساندة الشعبية للحكومة.
ونظرا لعدم ضمان المداخيل النفطية في المستقبل بدأت القيادة السعودية في البحث عن طرق لتحويل المملكة إلى قوة صناعية تعتمد على تحويل المواد البتروكيميائية ومعادن أخرى إلى سلع موجهة للسوق المحلية أو إلى التصدير.
ويورد الكاتب آراء المشككين في نجاح التصنيع على نطاق واسع نظرا لقلة المقاولين السعوديين وعدم كفاية عدد السكان لدعم هذا الاتجاه. كما يمثل ضعف الانتاجية للعمالة السعودية مشكلا آخر فالبلاد تشكو من قلة عدد العمال الأكفاء والمتمكنين من التكنولوجيا. تتراوح أعداد البطالين من 400.000 إلى 500.000 مواطن وهذا العدد تضاف إليه أعداد جديدة كل سنة، وقلة من الشباب السعودي مستعدون للاشتغال في الأعمال اليدوية وقلة أيضا لهم مهارات تمكنهم من تعويض العمالة الأجنبية التي تتقاضى أجورا لا يرضى بها المواطنون. وفي فصل عن التعليم يناقش ليبمان المشاكل التي تعيق تطور التعليم في المملكة. أما في خصوص مكانة المرأة يقول ليبمان إنه من المؤكد أن تلين القواعد المتحكمة في سلوك المرأة في العقود القليلة القادمة وستجد المرأة فرصا جديدة في سوق العمل والحياة المدنية. ويقول إن هذه التغيرات آتية "لأن القوى الاقتصادية والديمغرافية وراءها لا تقاوم" "ص 150".
وفي آخر فصل يقول ليبمان إن العلاقة مع الولايات المتحدة ستستمر ما استمر آل سعود في الحكم، بينما قد يعتقد نظام جديد وخاصة نظام اسلامي متطرف أن شرعيته ستعزز بالابتعاد عن أميركا. غير أن الكاتب يعتبر أن مثل هذا التغير غير محتمل وأن أي حكومة سيكون عليها بيع النفط للسوق العالمية لشراء الغذاء والسلع المستوردة الأخرى للمحافظة على الدعم الشعبي.
هذا الكتاب يكتسب أهمية كبيرة بالنسبة إلى الدبلوماسيين الأميركيين وخبراء وأساتذة السياسية الخارجية، إذ احتوت هذه الدراسة التي قام بها ليبمان على مدى سنوات من البحث الميداني في تقارير ووثائق مهمة إلى جانب عدد كبير من المحاورات مع سعوديين وغيرهم داخل المملكة.
ويرى توماس ليبمان أن المملكة العربية السعودية هي أقل بلد فهمه الأميركيون من بين البلدان الكثيرة الحيوية للمصالح الأميركية الاستراتيجية والاقتصادية، فهي في أذهان الكثير من الأميركيين ملكية قروسطية ذات حكم نفطي على سكان قبليين وتتمسك بقراءة متصلبة وغير متسامحة للإسلام تحجّب النساء وتعزلهم كما أنها موطن الارهابيين المعارضين لأميركا وخاصة أسامة بن لادن.
ورغم ذلك يذكرنا ليبمان أن التحالف بين الولايات المتحدة والسعودية الذي بدأ خلال الحرب العالمية الثانية برهن على دوامه رغم غرابة تكونه.
وحتى أحداث الحادي عشر من سبتمبر لم تؤد إلى انقطاع العلاقة، فكلا الطرفين لا يستطيعان الاستغناء عن علاقة تحتاج فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى امدادات النفط، وتحتاج المملكة العربية السعودية إلى التكنولوجيا والأسلحة والدعم من أميركا لمجابهة التهديدات الإقليمية وخاصة من إيران. ورغم الاختلافات الكبيرة فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية "وخاصة المشكل الاسرائيلي الفلسطيني" وحقوق الانسان تبقى الروابط الاقتصادية و الاستراتيجية العميقة متينة.
كان ليبمان مراسلا سابقا في الشرق الأوسط لجريدة واشنطن بوست وهو الآن أستاذ مساعد بمعهد واشنطن للشرق الأوسط. وقد زار السعودية مرات كثيرة منذ السبعينات ولذلك يعرف البلاد جيدا ولاحظ تطور البلد خلال الأربعين سنة الماضية.
ويحاول في كتابه هذا تبيان كيف تسعى السعودية إلى ايجاد توازن بين تقاليد دينية شديدة المحافظة وحاجتها للحداثة وتطوير اصلاحات سياسية والاقتصادية والاجتماعية تمكنها من البقاء والاستمرار في القرن الواحد والعشرين.
ويرى الكاتب أن السعوديين خلال العشرية الأخيرة اعترفوا بمشاكلهم وشجعوا مناقشتها وسخّروا الموارد لمجابهتها، غير أنه يؤكد أن السعودية عليها أن تتغير بشكل أسرع إذا ما أرادت أن تحافظ على استقرارها الداخلي ورخائها.
ويحتوي الكتاب، الذي حمل عنوان "”Saudi Arabia on the Edge: The Uncertain Future of an American Ally، على 11 فصلا يحلل فيها الكاتب ليبمان التطورات في سياسية الحكومة، وقضايا النفط والموارد الطبيعية والعمل والتعليم ومنزلة المرأة ودور الإسلام في المجتمع والقضايا الاجتماعية والسياسة الخارجية بما في ذلك العلاقات مع الولايات المتحدة.
وفي الفصل الأول بعنوان "الملك والبلاد" ينظر ليبمان في الأسباب وراء تفادي المملكة للانتفاضات التي شهدتها بلدان عربية أخرى، ويرى أن أهم سبب يتمثل في أن حكم آل سعود ما زال مقبولا بشكل واسع من قبل الرعية.
وقد استفاد آل سعود ليس فقط من الطابع الشديد للمحافظة للمجتمع بل من قدرة النظام على استخدام الثروة النفطية الهائلة من أجل توفير العمل والخدمات العامة للناس، فظلا عن ذلك وعلى امتداد التاريخ السعودي المعاصر كان الحكام هم من أدخلوا التغيرات التحررية والحداثية المحدودة إلى المملكة مثل التعليم للنساء والتلفاز والتكنولوجيا والخبرات الغربية وفي الكثير من الأحيان متعرضين لمواجهة معارضة المحافظين.في فصل "الاسلام والمجتمع والدولة" يفحص الكاتب تأثير الدين والزعامات الدينية على سياسات الدولة وأعمالها. ويعلق الكاتب بقوله إنه بسبب عدم سماح النظام بأي عمل سياسي علماني "يمثل الدين والأقوال حول الدين محددات أساسية للحياة الاجتماعية والفكرية..." "ص 183" فالدولة تحتاج إلى الزعماء الدينيين لتأكيد سلطانها والقضاء على ما يهدده حتى ولو تطلب الأمر التعاون السياسي والعسكري مع كيانات غير مسلمة مثل الولايات المتحدة، وفي المقابل تسمح الحكومة للمؤسسة الدينية بإملاء وفرض ممارسات دينية متشددة. ويناقش الكاتب جهود الملك عبد الله الأخيرة لكبح جماح الشرطة الدينية أو ما يسمون المطوعين، لكنه يلاحظ أنه "ليس من مصلحة الملك أن ينفّرهم بتحركات اجتماعية أو سياسية جذرية لا يمكنهم التسامح معها" "ص 194".
وفي كافة أجزاء الكتاب ينظر الكاتب في المشاكل التي تواجه النظام الناتجة عن سكان يتزايد عددهم بسرعة ويطمحون لخدمات وسلع توفرها الحكومة. يقول الكاتب إن السعودية لا تخشى نفاذ احتياطيها النفطي على مدى عدة عقود قادمة، لكن السعوديين يخشون أن يؤدي الافراط في العرض وقلة الطلب إلى تخفيضات كبيرة في المداخيل التي تمول العائلة الحاكمة والمصارف الأمنية والخدمات المدعمة التي تمثل ركيزة المساندة الشعبية للحكومة.
ونظرا لعدم ضمان المداخيل النفطية في المستقبل بدأت القيادة السعودية في البحث عن طرق لتحويل المملكة إلى قوة صناعية تعتمد على تحويل المواد البتروكيميائية ومعادن أخرى إلى سلع موجهة للسوق المحلية أو إلى التصدير.
ويورد الكاتب آراء المشككين في نجاح التصنيع على نطاق واسع نظرا لقلة المقاولين السعوديين وعدم كفاية عدد السكان لدعم هذا الاتجاه. كما يمثل ضعف الانتاجية للعمالة السعودية مشكلا آخر فالبلاد تشكو من قلة عدد العمال الأكفاء والمتمكنين من التكنولوجيا. تتراوح أعداد البطالين من 400.000 إلى 500.000 مواطن وهذا العدد تضاف إليه أعداد جديدة كل سنة، وقلة من الشباب السعودي مستعدون للاشتغال في الأعمال اليدوية وقلة أيضا لهم مهارات تمكنهم من تعويض العمالة الأجنبية التي تتقاضى أجورا لا يرضى بها المواطنون. وفي فصل عن التعليم يناقش ليبمان المشاكل التي تعيق تطور التعليم في المملكة. أما في خصوص مكانة المرأة يقول ليبمان إنه من المؤكد أن تلين القواعد المتحكمة في سلوك المرأة في العقود القليلة القادمة وستجد المرأة فرصا جديدة في سوق العمل والحياة المدنية. ويقول إن هذه التغيرات آتية "لأن القوى الاقتصادية والديمغرافية وراءها لا تقاوم" "ص 150".
وفي آخر فصل يقول ليبمان إن العلاقة مع الولايات المتحدة ستستمر ما استمر آل سعود في الحكم، بينما قد يعتقد نظام جديد وخاصة نظام اسلامي متطرف أن شرعيته ستعزز بالابتعاد عن أميركا. غير أن الكاتب يعتبر أن مثل هذا التغير غير محتمل وأن أي حكومة سيكون عليها بيع النفط للسوق العالمية لشراء الغذاء والسلع المستوردة الأخرى للمحافظة على الدعم الشعبي.
هذا الكتاب يكتسب أهمية كبيرة بالنسبة إلى الدبلوماسيين الأميركيين وخبراء وأساتذة السياسية الخارجية، إذ احتوت هذه الدراسة التي قام بها ليبمان على مدى سنوات من البحث الميداني في تقارير ووثائق مهمة إلى جانب عدد كبير من المحاورات مع سعوديين وغيرهم داخل المملكة.