-->

إضاءات على حقوق الإنسان في الصحراء الغربية


الصحراء الغربية (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة) أراضي الصحراء الغربية
المحتلة من قبل المغرب هي واحدة من تلك الأماكن التي يعتبر دخول الصحافة الحرة، والمراقبين الدوليين لحقوق الإنسان، والممثلين السياسيين الدوليين، إليها شبه ممنوع. ومع ذلك، يشهد ذلك التوجه انتقادا في السنوات الأخيرة، بفضل الأعمال الهامة المنجزة من قبل منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان وهيئات التضامن مع الشعب الصحراوي. حيث تقوم جهات فاعلة بمهام المراقبة الميدانية، من خلال التحقيق في الانتهاكات التي يتعرض هؤلاء السكان وتقديمها للجمهور والمجتمع الدولي.
وهذا ما جعل من أنه لحل هذا النزاع الذي يتجاوز الأربعين عاما من الجمود، بات الوضع الذي يعيشه السكان الصحراويون في الداخل، حاسما بالنسبة لمختلف الفاعلين الدوليين المنخرطين فيه. وعليه، فإن نشر التقارير والبحوث حول وضع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، بالاعتماد على الصرامة التجريبية وتوفير بيانات موثوقة على قدر من الأهمية بمكان، لتسليط الضوء على الحالة التي يتواجد فيها النزاع وحول الطرق الواجب اتباعها لحله حلا يمر مما تمليه الشرعية الدولية، من اجل احترام حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
واحد من تلك التقارير التي تتيح جرعة صغيرة من التفاؤل، ضمن الظلام الدامس والوضع المخزي للمسألة، هو الذي نشر مؤخرا من قبل مؤسسة الندوة من أجل بحوث السلام في سرقسطة (ZARAGOZA)، من إعداد الباحث سانتي خيمينو بعنوان حالة الحقوق المدنية والسياسية في الصحراء الغربية: من 1999 إلى الوقت الحاضر. وهو يلخص التجاوزات وانتهاكات حقوق الإنسان التي عاني منها السكان الصحراويون في السنوات الأربعة عشرة الأخيرة واضعا هذه الممارسات في سياقها الصحيح في كل مرحلة من مراحل النزاع في جميع الأوقات، وكذا الوضع السياسي في المغرب والمبادرات التي تقوم بها الأمم المتحدة أو الحركات التي تشكلت بين السكان الصحراويين في الأراضي المحتلة. وتجدر الإشارة إلى أن البحث قد تم استقاؤه من مصادر مباشرة، ومقارنتها مع شهادات مباشرة لصحراويين ومع الكتابات المنشورة حول هذا الموضوع.
وهكذا، بين التقرير، أولا، وبعد أن أوضح أن الدولة الإسبانية قبل عام 1975 تبنت سياسات قمعية أيضا، قدم تحليلا موجزا لممارسات ضد الصحراويين خلال مرحلة الملك المغربي الراحل الحسن الثاني. وتنقسم هذه الفترة إلى مرحلتين: سنوات الرصاص، أو السنوات ما بين عام 1975 وأواخر الثمانينات، ثم المرحلة الإصلاحية، سنوات التسعينات. حول المرحلة الأولى، تؤكد التقارير وجود كل أنواع الانتهاكات الواسعة النطاق ضد المدنيين، بما في ذلك القصف بالطائرات، والاختفاء القسري، والنهب، حيث كانت النساء الصحراويات في كثير من الحالات ضحايا للعنف الجنسي، إضافة إلى أولئك الذين يشتبه في تعاطفهم مع جبهة البوليساريو أي القطاعات الأكثر تعرضا للعنف. والجدير بالذكر أن عددا كبيرا من الحالات التي حدثت خلال تلك الفترة لم تتم معالجتها بعد.
بينما شهد عقد التسعينات ممارسات أكثر انتقائية، حيث نفذت عمليات الخطف ضد المثقفين والناشطين من أجل تقرير المصير، وكثيرا ما كانت مددها أقصر.
شهد عام 1999 جلوس محمد السادس على العرش بعد جنازة تكريم والده التي تمت في 25 يوليو. وأعرب زعماء العالم عن تأييدهم للملك الجديد، بينما جابت صور دموع العاهل الإسباني، خوان كارلوس الأول، أرجاء المعمورة تأثرا بوفاة الحسن الثاني.
عهد محمد السادس
يحدد التقرير ستة مراحل في تعامل الحكومات المغربية مع حقوق الشعب الصحراوي في عهد محمد السادس:
منذ 1999 إلى2003، يصف الأحداث المتعلقة بالانتفاضة، والجهود من أجل جبر ضرر الضحايا وعائلاتهم من نفس المرحلة السابقة، وخطط الحل المقدمة من قبل المبعوث الخاص للأمم المتحدة، جيمس بيكر.
خلال عامي 2004 و 2005 يسلط الضوء على عمل هيئة الإنصاف والمصالحة وهي مبادرة همشت القضية الصحراوية.
من عام 2005 إلى 2009، كان أهم حدث هو الانتفاضة من أجل تقرير المصير في عام 2005، التي أدت إلى القمع اللاحق وإلى زيادة اهتمام المجتمع الدولي بما كان يحدث في الصحراء الغربية.
في السنوات 2009 و2010 تمت مهاجمة وتقييد التنقلات الحرة للنشطاء الصحراويين، الذين كانوا يجذبون انتباه العالم لقضيتهم. أهمية خاصة حظي بها إضراب أمينتو حيدار عن الطعام في مطار لانثاروتي، بعد طردها من مطار العيون من قبل السلطات المغربية بمباركة من الحكومة الإسبانية التي يرأسها رودريغيث ثاباتيرو.
في العام 2010، مخيم اكديم إزيك وتفكيكه اللاحق والقمع الناتج عن ذلك شكل فارقا ذا أبعاد كبيرة في تاريخ الحركة الصحراوية في الداخل.
وبالمثل، وفر انتشار شبكة الإنترنت والتكنولوجيات الجديدة للسكان الصحراويين فرصة أكبر لتعريف بالقضية على المستوى الدولي.
يتأثر الوضع الحالي بشكل كبير بتزايد وجود اللاعبين الدوليين في الأراضي الصحراوية. كالزيارات التي يقوم بها كريستوفر روس، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، وغيره من المقررين ذوو الصلة بهذه المؤسسة، أو مؤسسة روبرت كينيدي ذات النفوذ الكبير، فتحت آفاقا جديدة لمراقبة النزاع. ومع ذلك، فإن البعثة الدولية للأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) لم تجدد مهمتها بإضافة رصد حقوق الإنسان، كما سعت إلى ذلك حكومة الولايات المتحدة بسبب الضغوط التي مارسها كل من المغرب وفرنسا وإسبانيا في النقاشات التي جرت في الأمم المتحدة.
وأخيرا، يقترح التقرير بعض الاتجاهات الممكنة التي من شأنها أن تظهر في تطور الصراع على المدى القصير. الوضع غير المستقر في المنطقة بسبب النزاع في مالي، تنامي اهتمام المنظمات الدولية بالانتهاكات المغربية، تعاظم وتطور الجمعيات الصحراوية وبروزها في الخارج كشركاء أو لتطوير الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للصحراويين، كلها عوامل يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار لأنها قد تسبب في زعزعة توازن النزاع في المستقبل القريب.
التقرير هو في نهاية المطاف وثيقة ذات أهمية كبيرة لمعرفة ما هي حالة حقوق الإنسان في أراضي الصحراء الغربية المحتلة من قبل المغرب. قراءته تساعد على فهم ظاهرة كتب حولها القليل حتى الآن، رغم أنه في السنوات الأخيرة تم افتتاح خطوط جديدة من العمل حول هذا الموضوع. أغتنم هذه الفرصة لأذكر هنا تقرير واحة الذاكرة: الذاكرة التاريخية وانتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية لصاحبه كارلوس مارتين بيريستاين، الذي نشر العام الماضي، باتباع منهجية لجان أخرى لتقصي الحقائق، يقوم بتحليل منهجي للانتهاكات المرتكبة منذ عام 1975 من خلال شهادة أكثر من 250 ضحية.
حل النزاع الصحراوي يرنبط أكثر فأكثر بكيفية دمج وضعية حقوق الإنسان ضمن المفاوضات والتطورات السياسية التي يعرفها الموضوع. ولذلك، من المهم جدا أن تنشر تحاليل من هذا النوع أمام الرأي العام الدولي، وخاصة الرأي العام الإسباني. يجب أن لا ننسى أن الدولة الإسبانية لا تزال هي الدولة القائمة على الإدارة في الصحراء الغربية، وأن موقفها مهم لإنهاء حالة النسيان التي تعرض لها هذا الشعب خلال الكثير من الأعوام. 

المصدر: 
موقع جريدة إل دياريو (EL Diari.es) الإسبانية
27/08/2013
ساتو دياث (Sato Díaz)
ترجمة: مصطفى الكتّاب
يمكن مشاهدة النص الأصلي بالإسبانية على الرابط التالي:
http://www.eldiario.es/desalambre/conflicto/derechos_humanos-Sahara_Occidental-refugiados_0_168683282.html

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *