-->

النشيد الوطني : لحن وفاء ، للعهد والشهداء

الصحراء الغربية (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة)ـ عندما أتأمل مفردات النشيد
الوطني ينتابني شعور مزدوج بعمق البلاغة من جهة , وبجهل البعض لتلك الرسائل من جهة ثانية , وعندما يقف الجمع لتلاوة الرمز مع افتراض استحضاره كقسم جماعي تتراء لنا أوراق المتساقطين متناثرة على جنبات طريق المجد , ولكن تتعزز الثقة بوفاء الذين لم يبدلوا تبديلا , فرابطوا واعتصموا بحبل الوحدة الوطنية , مسترخصين النفس والمال والوقت عشقا للاستقلال الوطني .
أنا الرفيق المستحل دماء خصمنا ككل
ولابد أن يضمحل أمامي ما لست أريد
وبما أننا امتشقنا السلاح ردحا من الزمن , ابتغاء هدف سام , ضخت في سبيله تضحيات جسام عير شلالات من الدماء وانهار من المعاناة واللجوء والحصار والتضييق ,وبما أننا لازلنا في خندق المواجهة , وفي كل يوم تتنوع أساليب ومراوغات الاحتلال المغربي للنيل من عزائمنا ومقومات صمودنا , حري بنا استنفار الجهد الوطني ومراجعة جاهزيتنا العسكرية والمدنية من اجل إبطال مفعول تلك الدسائس التي تروم تشتيتنا عبر العودة لمربع القبلية , وتأطير الفساد الإداري , والبحث عن بدائل للجبهة الشعبية تشغلنا بأنفسنا تمهيدا للقضاء علينا .
ولا أريد في البلاد أي تمزيق أو فساد
ولا أريد الانقياد إلا لفكر لن يحـيد
عن أي شبر في الصحراء وتلك الغاية الكبرى
إن وجودنا كشعب له مميزاته الثقافية والتاريخية هو الذي أجج فينا مشاعر الاعتزاز والافتخار بقدرتنا على خوض المعركة بعد تقدير دقيق لفاتورة التضحية , وفسح المجال أمام الجبهة الشعبية لتتبوأ الصدارة في التأطير والقيادة استجابة لنداء الجماهير التواقة للحرية والاستقلال .
أمامنا وبالأحرى فنحن لازلنا عبيد
ولا مكان للإسبان في أرضنا ولا مكان
لغيرهم من أي كان لا في القريب والبعيد
وباعتبار أن الدولة مقيدة بشروط من قبيل, شعب متميز اجتماعيا وثقافيا وتاريخيا وحضاريا , ووطن بحيز جغرافي معترف به دوليا ,فان الرعيل الأول من شباب الثورة الصحراوية قد استحضر الظروف المادية والمعنوية قبل الإعلان عن التنظيم السياسي الذي بدوره تبنى ميلاد الدولة الصحراوية كإطار لكل الصحراويين فصاغ مفردات النشيد الوطني كنهج نضالي في الوطنية والدفاع عن حق شعبنا في الحرية والاستقلال .
صحراؤنا هي الوطن في سرنا وفي العلن
يحيا الكفاح والوطن ويحيى شعبنا المجيد
وعندما تستوفي شروط الانتماء للشعب والوطن , تستسهل صعاب المرحلة , وتتضح رؤية الانقياد صوب التضحية بالغالي والنفيس من أجل هدف الاستقلال الوطني عبر تحرير الإنسان والوطن , وإفشال مخططات ومؤامرات العدو , والصحراويون خرجوا من بلادهم كمهاجرين حملوا معهم أكفانهم من أجل الحرية والكرامة , وخاضوا الكفاح المسلح ثم الانتفاضة ولا زال الأفق مفتوحا أمامهم لابتكار طرق أخرى , كل ذلك يتدفق من قناعة الانصهار في بوتقة التحرير وتسفيه سياسة العدو المصوبة سهامها صوب أفئدتنا .
فنحن للشعب جنود نـفنى قياماً وقعود
حتى نحطم القيود ومن يمـت منا شهيد
خلال حربنا التحريرية لم يتوان الاستعمار المغربي في البحث عن مشتتات تروم تبديد قدرتنا النضالية ,وشل مشروعنا الوطني عبر مخطط الانقضاض على مكاسبنا , لكن معطياتنا المعلنة في ميدان المعركة تظهر أن المملكة المغربية ظلت قاصرة سياسيا وعسكريا ودبلوماسيا في إيجاد وسيلة كفيلة بأن تقضي علينا كمنظمة انتهجت العنف المسلح فخرجت منتصرة , وجربت العمل الدبلوماسي وحصدت من الانجازات رصيدا زاخرا , وعرجت على جانب المفاوضات وما تتطلبه من حنكة وخبرة وبصيرة فحشرت العدو في زاوية مظلمة بعد أن سدت في وجهه كل المنافذ .
فقل لخصمنا العدو ما كنت ترجو من نمو
سينقلب عليك تو خــسارة بلا مـزيد
الغباء المغربي واستصغاره للصحراويين كاستعمار ليست حالة يتلبس بها احتلال غزا الوطن وشرد الشعب وعاث فسادا وظلما , بل هي صفة ملازمة لمنطق إستراتيجيته حافظت على اختلالها إلى الحد الذي باتت من القواعد المنطقية لتقييم سياسة الاحتلال المغربي أن الأسلم دائما هو توقع الأشياء من خارج دائرة التوقع المنطقي وكثيرا ما تصدق هذه الحالة لدرجة أنها أصبحت مفزعة للنظام القائم وللبنية الصلبة للدولة القمعية المغربية التي تعودت على مواجهة من احتقرتهم بالأمس وداست على كرامتهم , لكنهم كشفوا تصدعا كبيرا في جدار تلك الإستراتيجية
وستبدي لك الأيام ما كان عنك في الظلام
وبعد لغة الكلام لغة النار والحديد
لقد أزعج صمود واستماتة الصحراويين الاحتلال المغربي ، فكان أن انخرطت المملكة المغربية بكل أجهزتها المحترفة في مجال الإفساد بغية إعادة الثورة الصحراوية إلى مربعات الإحباط، وبعد أن ظنت بفعل الزخم الافتراضي لبعض الواقعين في الشباك أنها ضمنت النيل من تمثيل الجبهة الشعبية لكل الصحراويين قدمت الانتفاضة السلمية بالأرض المحتلة وجنوب المغرب وبالمواقع الجامعية المغربية صفعة قوية للمستخفين بعدالة قضيتنا الوطنية ،وأكدت بذلك أنها فعل نضالي راق يملك زمام المبادرة حقا وأصالة، ويرسم ملامح المستقبل الصحراوي فعلا لاسطوا.
إن لم تكن عرفتني أنا الـذي مزقتني
و قد مراراً تنثني أمام ضغطي الشديد .
بقلم: عالي احبابي ـ مدير اسبوعية الصحراء الحرة

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *