-->

من ابريل الى ابريل

المتتبع لجولات المفاوضات بين طرفي النزاع الصحراوي والمغربي لابد وأن يصيبه  دوار شديد إذا ما حاول أن يربط ظروفها ومعطياتها بعضها ببعض، وأن يعطيها تفسيرا منطقيا على أساس أنها يمكن أن تساعد في تحديد بوصلة الحل , لكنها تظل عاجزة عن تقدير الوقت الكافي لذلك , فتجربة المفاوضات لم تخضع يوما لجدول زمني الا في مراحلها الاخيرة عندما تنقشع عتمة المراوغات , وتوضع النقاط على حروف الحل.

ورغم أن عهد السيد كريستوفر روس ارتبط بالكثير من التطورات , وطغى عليه التكتم , وانخفاض منسوب التصريحات التي لا تعدو كونها عبارات لا تشفي الغليل , ولا تفك طلاسم تلك اللقاءات التي تتم خلف ابواب مغلقة , فقد شكل ذلك لغزا كبيرا لم يكشف مفتاحه من بين حزمة مفاتيح ومشاريع حلول لا تزال حبيسة رفوف الامم المتحدة ,أضف الى ذلك أن تصريحات الرجل حول القضية الوطنية تكاد تنعدم , وان جاءت فهي للهروب من قبضة الصحافة ولا تحمل في مضمونها أي جديد.
ما بين ابريل وابريل
ومع اقتراب شهر ابريل من كل سنة يحتدم العمل الدبلوماسي , ويطوف سفراء الاطراف المعنية عواصم صنع القرار الدولي لجس نبض مواقفها , وفي مثل هذا الموعد تبرر الامم المتحدة سعيها للبحث عن الحل , عبر تقرير يستنبط منه مدى اهتمام المجتمع الدولي بالنزاع وتأثير قضايا إقليمية ودولية ساخنة, ثم يخرج مجلس الامن بتمديد جديد من سلسلة تمديدات دأبت استطالة معاناة الشعب الصحراوي , ويحدد أبريلا اخر للقاء وللتمديد والاستطالة , وما بين ابريل وابريل يستأسد النظام القمعي في المغرب على جماهير شعبنا بالأرض المحتلة وترتكب جرائم غاية في البشاعة , ولا تتعدى المنظمات والهيئات عتبة التنديد , والاستنكار والشجب.
نفاد مخزون حل يرضي الطرفين
لقد سقطت كل المعايير التي كان من المفترض أن تساعد في ايجاد حل للقضية دون اللجوء لآخر الدواء , وتقف الامم المتحدة ومن ورائها المجتمع الدولي على تهشيم ذلك الجدار من طرف واحد , وتهديد منتوج وقف اطلاق النار بما لا يخدم الامن والاستقرار في المنطقة, ونفد مخزون حل عادل ونزيه يرضي طرفي النزاع , وصارت جدية المنتظم الدولي على محك امتحان المصداقية , وسئم الصحراويون تلك الحزمة من القرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي , والتي لا تعدو كونها توفير استراحة للصحراويين الذين ينزعجون من وعث الانتظار, ويرفضون استراحة مؤقتة وعلى حساب وقتهم.
الحل ممكن، لكن الثمن غال
باتباع سبيل الحكمة و التبصر، واستقراء كنه المشكل , وباستفزاز الرغبة الدولية , يكون الجميع قد وضع حدا لقوة مدفوعة بعقدة النقص , دون أن يسمح لها بإلقاء نظرة مواساة على أرض تحن اليها تحت طائلة الاطماع ورغبة التوسع في زمن لم يعد فيه ذلك مستخدما ، بلى إنها المملكة المغربية دون سواها على وجه كوكب الأرض هي التي لا تزال تتمسك بأهداب الاستعمار على خلفية ضعف موقعها الذي هزه احتلال الصحراء الغربية , فلم تجد من بد سوى امتطاء صهوة جواد التعنت واستصغار المجتمع الدولي .
ولعل الحل العادل والنزيه محكوم بإرادة تروم دفع فاتورة السلام , ووضع جدولة لأحكام التاريخ بغض النظر عن العواقب , والا فان المساعي الاممية تظل بلا نتائج ولا عائدات , ولم تستطع ايجاد صوغ معادلة ناجحة تمحو آثار سنوات عجاف قضاها رسل الامم المتحدة بين سندان التعنت المغربي ومطرقة العدالة الدولية ,وقضاها مجلس الامن بين أبريل وأبريل.
بقلم عالي احبابي

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *