-->

خدوا اقلامكم وانصرفوا

أدى التطور التكنولوجي الى ظهور وسائل اعلامية متطورة تلبي حاجات الناس . فقد
كانت الصحافة اول هذه الوسائل الاعلامية . وتطورت الصحافة عبر اكتشاف الة الطباعة عن طريق كوتن بيرغ. وكما ظهرت السينما في اواخر القرن التاسع عشر لتبصم بصمة خاصة في عالم وسائل الاعلام, و يكتشف بعد ذلك الراديو في اوائل العشرينات من القرن الماضي ليتيح لناس امكانية معرفة الاخبار والتسلي, وقد ظهرت التلفزيون لتكون مكملة للراديو مع اضافة مميزات أخرى مثل المزج بين الصوت والصورة,ثم ظهر الانترنيت ليكون أخر صيحات التقدم التكنولوجي في عالم وسائل الاعلام, حيث جاء بمميزات جديدة أهمها التفاعلية ,أي المشاركة الاجتماعية من طرف المتعرض له.ثم ظهرت الفضائيات البث المباشر ليحول العالم الى قرية صغيرة, ويهد الحدود بين الدول. وينقص سيادة الدول على اراضيها.
لكننا نلاحظ في عصرنا الاني ان وسائل الاعلام تستخدم لتحقيق مارب شخصية و الوصول الى مناصب معينة.فاغلب الفضائيات لا تقول الحقيقة وتصنع الحدث كما يراه مالكيها. والصحف تكتب ماتشاء وتحول المجرم ملاك والضحية شيطان, وتنشر الاشاعات وتكون الرأي العام, وبالتالي أصبحنا في فوضى اعلامية منظمة. تخدم ملاك هذه الوسائل واصحاب الاسهم فيها. فهي بورصة للمضاربات.ودجاجة تبيض ذهب . واصبحنا نرى الصحفيين أنصاف رجال يسبحون بحمد أشخاص , ويقولون شعر الفرزدق فيهم ويتغنون باشعار هوميروس والقباني لكسب ودهم. ويحللون الاحداث كتحليل انشتاين لسرعة الضوء, ويشكون شك ديكارت ويجادلون جدل هيكل ويحللون الشخصيات تحليل فرويد ولاكان, كل ذلك للتحصل على نصيبهم من الكعكة الحلوة و الوجبة الدسمة, لكن ذلك على أنقاض الناس لانهم موضوعهم وهدفهم من كل ذلك , فهم ضحية من ضحايا الاعلام المتعفن الذي أدي الي تسطيح الثقافة , ونشر الجهل بين اوساط الناس , وصدق القباني حين قال:
"للصحفيين عندنا نقابة رسمية
تشبه في شكلها نقابة الأقنان
إن رضي الكاتب أن يكون مرة دجاجة
تعاشر الديوك أو تبيض أو تنام
فاقرأ على الصحافة السلام
فكاتب مدجن وكاتب مستأجر
وكاتب يباع في المزاد
هذا له زاوية يومية
هذا له عمود
والفارق الوحيد فيما بينهم
طريقة الركوع والسجود
و ساقول للصحفيين كما قال محمود درويش للمارون:
احملوا أسماءكم وانصرفوا
واسحبوا ساعاتكم من وقتنا ،و انصرفوا
وخذوا ما شئتم من زرقة البحر و رمل الذاكرة
و خذوا ما شئتم من صور، كي تعرفوا
انكم لن تعرفوا
كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء.
بقلم: الشيخ لحبيب حمادي

Contact Form

Name

Email *

Message *