-->

بالنسبة للسويد، قضية الصحراء الغربية مشابهة للقضية الفلسطينية

محير أمر الدبلوماسية المغربية المريضة بعقدة المناورة والهرولة إلى الأمام في
المنزلق. يبدو أن هذه الدبلوماسية لم يعد لديها ما تقوله للمغاربة ما عدا أن عليهم أن يمضغوا الماء، ويفسرون لهم أن معنى الماء هو الماء.. لم يعد لديها أيضا ما تقوله للعالم. فبعد سنوات من التأجيل والمماطلة، وأنتظار نتيجة القضاء على البوليساريو واندحارها ومن بعد ذلك انتظار الاستفتاء وبعد ذلك انتظار المفاوضات ثم انتظار نتائج الحكم الذاتي لم يعد عند المغاربة ما يقنعون به أحد داخليا ولا خارجيا ما عدا أنفسهم.. الشيء الوحيد الذين يستطيعون به إقناع الناس الآن هي أنهم يقولون لهم لننتظر القاضاء والقدر.. انقشع غبار الصحراء عن لا شيء ما عدا وعود السراب والغبار، وأتضح للعالم أن المغرب انتهى ما رصيده من صكوك الكذب الدبلوماسي.. الآن بماذا سيقنع المغرب السويد بأن لا تعترف بالجمهورية الصحراوية؟ هل سيقول القضاء على البوليساريو؟ هل سيقول الاستفتاء؟ هل سيقول المفاوضات؟ هل سيقول الحكم الذاتي؟ كل هذا اندحر أمام صمود الشعب الصحراوي..
في الأيام الأخيرة بعث المغرب وفدا حزبيا ونقابيا أشتراكيا ليقنع السويد بأن تعدل عن أعترافها بالجمهورية الصحراوية.. لكن كيف سيستطيع وفد من الأحزاب إقناع السويد التي لم يقنعها لا وفد الحكومة ولا وفد البرلمان ولا لقاء وزير الخارجية مزوار مع وزيرة الخارجية السويدية. مضحك هذا التصرف الدبلوماسي البائس.. بالنسبة لسؤال السويد للوفد المغربي هو: ماذا يوجد عندكم مما ستقنعوننا به.؟ ما هو الحل في نظركهم بعد فشل كل ما كنتم توعدوننا به؟
في الحقيقة تعاملُ السويد مع القضية الصحراوية كان\لازال ذكيا دبلوماسيا.. ففي سنة 2012م، حركت السويد قضية الصحراء في داخلها وخاصة في غرف البرلمان، وتم ذِكر أن البرلمان هو بصدد الأعتراف بالدولة الصحراوية.. ورغم أن المغرب بعث وفدا حينها برئاسة غلاب إلى السويد إلا أن النتيجة كانت هي صد الأبواب في وجه ذلك الوفد وتم تجميد الحديث عن القضية الصحراوية مؤقتا، وظن المغرب أنها نسته..
بالنسبة للسويد المتعاطفة مع الشعوب المضطهدة تاريخيا كانت جادة في دراسة- دراسة فقط- قضية الأعتراف بالدولة الصحراوية، لكن واجهتها بعض العراقيل في البداية.. فتقديم شكاية ضغط قدَّمها المغرب للعالم العربي مفادها أن السويد تريد الأعتراف بالجمهورية الصحراوية وتقفز على الأعتراف بالدولة الفلسطينية، دولة كل العرب. بدأت الضغوطات والاحتجاجات تصل إلى السويد. النتيجة، أن السويد جمدت قضية دراسة قضية الصحراء، وبدأت تدرس قضية فلسطين، فتوصلت إلى نتيجة أنه عليها أن تعلن الأعتراف بالدولة الفلسطينة وهو ما فعلته في اكتوبر 2014م.. ذلك الأعتراف كان بمثابة وضع حجر في فم الدبلوماسية المغربية وفي فم الدبلوماسية العربية.. الآن السويد هي بصدد دراسة الأعتراف بالدولة الصحراوية، مجددا، وهذا الأعتراف لن يكون لا عاطفيا ولا مبنيا على مصالح، إنما سيخضع لدراسة. الدراسة التي بدأتها السويد بخصوص قضية الأعتراف بالدولة الصحراوية تتضمن دراسة الملف على مستوى القانون الدولي، وعلى مستوى حقوق الإنسان، وعلى مستوى استغلال الثروات وعلى مستوى هل يستطيع الصحراويون حماية دولتهم في المستقبل؟
الدراسة بدأت فعلا وتكلف بها الدبلوماسي السويدي المعروف فرديريك فلورين، وسيعد دراسة شاملة للموضوع ويقدمها للحكومة.. فالحكومة السويدية لا تعتمد على الأرتجال في قراراتها السياسية وتقوم بدراسة لكل موضوع تريد أتخاذ قرار بشأنه.
على مستوى القانونيين السويدين والدبلوماسيين الجميع يعتبر أن القضية الصحراوية هي مشابهة تماما للقضية الفلسطينية، وأن التقرير الذي سيعده السفير فيردريك فلورين سيتعمد على التقرير الذي تم بموجبه الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وعلى دراسة وقرار الدبلوماسي ورجل القانون السويدي كارول هانز صاحب الاستشارة القانونية التي صدرت في سنة 2002م والتي تقول أن الإدارة الأسبانية هي التي لازالت مسئولة عن الصحراء، وان المغرب لا يتمتع بالسيادة على الصحراء الغربية، وليس من حقه التصرف في الثروات.. إذا طبقت السويد القاعدة التي أعترفت بموجبها بالدولة الفلسطينية على الدولة الصحراوية سيتم الأعتراف بشكل سلسل ودون عراقيل..
فالسبب الوحيد الذي قد يجعل السويد تؤرشف قضية الصحراء الغربية هو ليس، طبعا، لا دبلوماسية المغرب ولا الخوف من النتائج، لكن الأتحاد الأوروبي. فالأتحاد الأوروبي يريد أن يظهر سياسيا متجانسا في كل القضايا ويعزف معزوفة واحدة، وأعتراف السويد بالدولة الصحراوية، رغم قانونيته، قد يجعلها تبدو غير منسجمة مع الأتحاد الأوروبي، الذي يفضل أن يكون الأعتراف بالدولة الصحراوية بعد إيجاد حل نهائي تتبناه الأمم المتحدة.
www.blog-sahara.blogspot.com.es

السيد حمدي يحظيه

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *