-->

منظمات المجتمع المدني و دورها في إدارة/تسوية النزاع في الصحراء الغربية

لم يكن وقف اطلاق النار في النزاع القائم بين جبهة البوليساريو و المغرب 1991 وليد
صدفة أو وليد قرارات خارجة عن المنظومة الدولية و الساحة السياسية العالمية بشكل عام بل لان نهاية الحرب الباردة رسمت طريقا أخر في مجال العلاقات الدولية ليس في النزاع و حسب بل وحتى في مجالات التعاون والتكامل تلك التي ترسخت مع ظهور "العولمة" كغطاء يمكن أن يكون نظام يسود العالم و يحكم طبيعة العلاقة بين فواعله . و بما أن العولمة فرضت نوع من السياسات و الديناميكيات للتعامل مع الظاهرة الدولية بما فيها النزاع من خلال فتح المجال أمام مزيدا من الفواعل تحت و فوق الدولة مجادلة بذلك ادعاء الواقعيين القائل بوحدوية الدولة ... لكي يدخل النزاع بعد هذا التاريخ (1991) مرحلة أخرى و جبهة أخرى من جبهات القتال وهو ما يعرف بالنضال الدبلوماسي الذي يعتمد بشكل أساسي على دور المجتمع المدني و منظماته المحلية حتى ذات التأثير المحدود. والدارس لهذا الموضوع يجد أن التأثير متفاوت بشكل كبير بين الطرفين ( المغرب- البوليساريو ) حيث أن المنظمات المجتمعية في المغرب أكثر بكثير في العدد و التأثير من تلك الموجودة في صف الشعب الصحراوي سواء في مخيمات اللاجئين في تندوف أو تلك التي تعاني القمع و القهر في الجزء المحتل من الصحراء الغربية ، لكن ما يعاب على هذه المنظمات من كلا الجانبين هو افتقارها لطابع الاستقلالية الأمر الذي يجعل تأثيرها محدودا و أحيانا فاقد للشرعية المجتمعية ، فالحكومة المغربية تعمل على سياسة الترويج للديمقراطية من خلال تصنيع مثل هذه المنظمات تماما كما تصنع المعارضة الأمر الذي يجعل هذه المنظمات المجتمعية تابعة للحكومة في القرار و التمويل ، أما الحكومة الصحراوية ومن خلالها جبهة البوليساريو لم تولي اهتماما لهذا الجانب على الرغم من أهميته وبالتالي لا يمكن الحديث عن أي منظمة من هذا الطابع باستثناء ما يعرف بجمعية المهندسين الصحراوين (التي تهتم بالتعليم في المخيم) و جمعية اوليا المعتقلين و المفقودين الصحراوين التي اصبحت مؤخرا ذا تأثير لابأس به ، كما أنه تجدر الإشارة الى أن دور هذه المنظمات الصحراوية لا تتعدى الحدود الاسبانية مما يجعل دورها ذا تأثير هش و ضعيف أمام المنظمات المجتمعية للمغرب تلك التي غزت العالم خاصة تواجدها الكثيف في أمريكا ( المجمع الامريكي المغربي لتدارس الازمة الصحراوية ) وهو الأمر الذي كثيرا ما كان له دور في ترجيح كفة على اخرى ... احيانا فاقدة لتلك الشرعية التي تصوغ لها .
و في الأخير وجب علينا كباحثين و كمناضلين أن نراعي الأهمية البارزة لهذا الجانب الدبلوماسي و أن نعطي له حقه من خلال إنشاء/تفعيل المنظمات الجماهرية و تطوير أدائها و تحسين علاقاتها مع نظيراتها من مختلف أنحاء العالم و محاولة إعطاء هذه المنظمات نوع من الاستقلالية التي تكسبها الشرعية ، وعلى سلطة الصحراوية مراجعة السياسات المتعلقة بهذا الجانب و فتح المجال أمام كل مبادرة تصب في هذا الاطار دون الخروج عن مبادئ الجبهة في اطار مواصلة النضال بشتى الطرق المتاحة ، و لتبيان أهمية هذا الدور الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني نأتي بمثال مفاده أن المغرب يرفض الاستفتاء لان نتائجه ستكون لصالح الاستقلال ليس فقط للصحراوين وحدهم بل حتى المستوطنون المغاربة أصبحوا يملون لهذا الطرح لتأثير هذه المنظمات عليهم من جهة و للسياسات المغربية الغبية من جهة أخرى ...
 بقلم : الناجم حيمد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *