-->

الروس "يبهدلون" جلالته


في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات الديبلوماسية خفض الاتحاد الروسي من مراسيم استقبال ملك المغرب إلى الحد الأدنى حيث لم يجد في استقباله على مدرجات مطار "شيرميتيفا 2" سوى نائب وزير الخارجية السيد "ميخائيل بغدانوف" مصحوبا ببعض موظفي الدرجة الثالثة في وزارة الخارجية الروسية .
السيد بغدانوف المكلف بالشرق الاوسط وشمال افريقيا في الخارجية الروسية سبق له أن استقبل الوفد الصحراوي الذي زار موسكو في السنة الماضية برئاسة عضو الأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو الاخ محمد خداد وهذه إشارة جلية على أن موسكو المتابعة يقظة لتطورات الصراع في الصحراء الغربية تتعامل مع طرفي النزاع على قدم المساواة.
مستوى الإستقبال الروسي لملك المغرب الذي لايمكن أن يكون اعتباطيا يعطي رسالة بينة عن عدم رضى روسيا عن ارتماء المغرب في الحضن السعودي وانخراط "جلالته" في الحروب الإقليمية التي تقودها السعودية خاصة في سوريا واليمن وهو مايتعارض مع المصالح والرؤية الروسية التي تعلن روسيا دون مواربة عن استعدادها لحمايتها بأي ثمن حتى لو تطلب ذلك قصف وتدمير مصادر تهديد تلك المصالح.
تأجيل ملك المغرب لزيارته لروسيا عدة مرات هو الآخر لا يمكن أن يمر على موسكو مرور الكرام ذلك أن روسيا تقرأ جيدا وبحاسة استخباراتية زمن الزيارة الملكية وخلفيات تأجيلها المتكرر في ضؤ المتغيرات التي شهدت الفترة الماضية سوى في منطقة البلقان أو في المنطقة العربية على حد سواء.
المغرب بديبلوماسية "الفعفعة" يعيش اوقاتا صعبة في علاقاته بالعالم .. فهو مطرود من الاتحاد الافريقي منذ عقود وقد بدأ صعود الدور الافريقي في البحث عن حل للنزاع الصحراوي المغربي يخلق للمغرب صداع مخيف.. وعلاقاته مقطوعة بالاتحاد الأوروبي بعد أن دعت المحكمة الأوروبية إلى وقف اتفاقية الصادرات الفلاحية المنتجة في المناطق الصحراوية المحتلة أسوة بفلسطين، وهو غاضب من الأمم المتحدة بعد اقرار امينها العام بواقع الاحتلال المغربي لجزء من التراب الصحراوي والدعوة إلى الأسراع الى انهائه في اقرب الآجال، والمغرب نفسه محاضر من طرف منظمات حقوق الإنسان الدولية بجملة من الأحكام والتقارير التي تجعله في موضع اتهام صريح بأنه سجن كبير يتم فيه التضييق بصورة شاملة على الحريات الفردية والجماعية سيما في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية.
الايام القادمة ستتكشف عن حقيقة تتجاهلها الرباط دون جدوى مفادها أن موسكو ليس بمقدورها وليس من مصلحتها إنقاذ "جلالته" من ورطة احتلال الصحراء الغربية سوى بأن تنصحه بالانصياع لمقتضيات الشرعية الدولية وحينها سيجد ملك المغرب أن غيوم الأزمات الديبلوماسية التي تلاحق المغرب ستنقشع دون الحاجة إلى التمرغ في غبراء السعودية أو الارتعاش فوق ثلوج موسكو.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *