-->

تعقيبــــــــا على مقال د.عبد الحميد صيام: حوار الطرشان في مسألة الصحراء الغربية


مشروع بناء المغرب: دكتور عبد الحميد صيام، تسرني جدا قراءة مقالاتك، و منها المقال الذي أشرت إليه، و الذي تلاه مقال حضرتك عن بنايات مدينة الجزائر العاصمة و الحال التي هي عليه.

و لما رأيت مقالك هذا وهو يتعلق بأم مشاكل منطقة المغرب العربي سارعت لقراءته، و بتأنّ، مرورا بوعدك توخي الموضوعية في مقالك مع طرحك لموقف الطرفين، مع ذكرك لتقمص دور محامي المغرب لدى البوليساريو ومحامي هذا الأخير لدى المغرب، و هو جهد تشكر عليه و يدل على مدى نبل شعورك و رغبتك الصادقة لفض النزاع بين طرفين عربيين يتناحران.
و قد تفضلتَ بعرض وجهتي نظر الطرفين كما خبرتها و أنت الذي كان لك تواصل كبير بالطرفين بحكم عملك، و هو ما يعطي مصداقية تامة لما تفضلت به.
و عند قراءة وجهتي النظر و المقارنة بينهما نجد أن الطرح المغربي مبني على العاطفة و الاعتبارات الذاتية، كاعتماده على التاريخ الغابر الذي يصل إلى عهد المرابطين، و الذي على أساسه قام بمغامرات خطيرة مع جيرانه. فباسم الحقوق التاريخية، هجم على الغرب الجزائري سنة 1963 و جراح الشعب الجزائري كانت لا تزال تنزف من حرب تحريرية ضروس ضد الاستعمار الفرنسي.
و كان قبل ذلك، و دائما باسم الحقوق التاريخية، رفض الاعتراف باستقلال موريتانيا، و هو الموقف الذي جاراه فيه العرب و رفضوا انضمامها إلى جامعتهم إلا بعد أن اعترف بها المغرب مكرها. و كل الأدلة الأخرى المقدمة من وجهة نظر المغرب لا تصلح لأن تكون حججا يمكن أن يقنع بها المجتمع الدولي لتأييده في أطروحاته حول الصحراء الغربية.
أما وجهة نظر البوليساريو ففيها الكثير الذي يجعلها أكثر صلابة و أكثر صحة و موضوعية. فقد قدم أصحاب القضية حججهم و منها:
ــ أولا: الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، بناء على طلب الملك المغربي الراحل الحسن الثاني، و الذي فصل في الأمر بأن لا سيادة للمغرب على أراضي الصحراء الغربية. و قد تفضلت يا دكتور صيام ووضعت النص بين مزدوجتين و هذا للتنبيه بأن ما قاله محدثوك من الصحراويين هو في الأساس مقتبس من النص الحرفي لما جاء في قرار الحكمة الدولية المذكورة. فهل يوجد أكثر من هذا مصداقية و موضوعية و صلابة لتدعيم أي مطلب ؟
ــ ثانيا: اتفاقية مدريد الثلاثية التي على أساسها تم غزو الصحراء الغربية، فهي مبرمة بين أسبانيا و المغرب و موريتانيا، و التي بموجبها ستحصل المغرب على ثلثي الأرض، و موريتانيا على الثلث الباقي و يحصل جنرالات اسبانيا على حصة من مناجم الفوسفات في بوكراع. و هذا فيه كثير من علامات الاستفهام. فالمغرب قبل بثلثي الأرض و ترك الثلث الآخر لموريتانيا، مما يعني أن الصحراء كانت غنيمة فاقتسمها المغرب مع دولة أخرى. ثم إن الاتفاقية قد أبرمت في وقت كان فيه الجنرال فرانكو في مرض الموت، وهو الذي كان ينوي تسليم الصحراء للصحراويين، و لم يكن يؤمن بالمطالب المغربية، ثم إشراك الجنرالات الآخرين في أخد حصة من مداخيل الفوسفات، كرشوة على تواطئهم في إبرام الاتفاقية بتلك الطريقة المخالفة للقانون الدولي، وكذلك لتعهد قادة المغرب و موريتانيا للرئيس بومدين سنة 1972 بالدفاع عن حق تقرير مصير سكان الصحراء الغربية.
ــ ثالثا: مخطط بيكر لسنة 2003 القاضي بمنح الصحراويين فترة انتقالية من خمس سنوات من الحكم الذاتي، يلي ذلك استفتاء يعطي الصحراويين حق الاختيار بين الاندماج أو الاستقلال أو الاستمرار في الحكم الذاتي. فقبله الصحراويون و رفضه المغرب.
أما رأيي الشخصي، فأقول علينا أن نبتعد عن العاطفة و عن الاعتبارات القومية التي تكون مبنية على أساس هش و التي جعلت العرب يبتعدون عن قول كلمة حق و يقفون في وجه من تجاوز و يقولون له قف، ما هكذا تورد الإبل.
علينا أن ندفع في الإتجاه الذي يؤدي إلى حل هذا المشكل على أساس الشرعية الدولية، ثم بعد ذلك سندخل كلنا في مشروع بناء المغرب العربي، و هو مشروع ضخم، سيجلب العيش الرغد لساكنيه و يجلب الاحترام و الهيبة، إن تحلى قادته بالرجولة و الشهامة و كانوا في مستوى تطلعات شعوبهم.
و حضرتك الدكتور المحاضر في الجامعات الأمريكية، فلا يخفى عليك سياسات دول المنطقة تجاه قضايا المنطقة و قضايا العرب بصفة عامة ومن يلتزم بها ومن يفرط فيها. و أتوقف هنا، كي لا أتهم بالابتعاد عن الموضوعية.
أشكر الدكتور عبد الحميد صيام و أحييه، كما أشكر صحيفة «القدس العربي» على إتاحتها لنا هذا المنبر للإدلاء فيه بآرائنا.
صلاح رجب ـ القدس العربي

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *