-->

لجوء السادس للخليج تأكيد على عزلته الدولية الخانقة.


عندما اعلن الملك المغربي الراحل الحسن الثاني سنة 1981 في قمة منظمة الوحدة الافريقية الثامنة عشرة بنيروبي قبوله لاستفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي، وبعد ذلك توقيعه على مخطط التسوية الاممي- الافريقي لسنة 1991، كان يدرك جيدا فشل مسعاه التوسعي وحجم الخسارة التي لحقت به رغم انه كان يستقبل دعما لامشروطا ووافرا من جهة من طرف حلف الناتو ومن جهة اخرى من دول الخليج العربي خاصة السعودية. ربما ان فطنة الرجل وذكائه هما اللذان جعلاه يفهم ان ما كان يطمح له قد تجاوزه الزمن بفعل قوة الحق الذي يمتلكونه الصحراويون وبفعل المتغيرات الجوهرية الدولية المتلاحقة التي تدفع نحو دخول الالفية الجديدة بشكل مغاير لما طبع القرون الماضية، وان قراره هذا هو افضل حل لتجنب السقوط النهائي لنظامه الذي كان قاب قوسين او ادنى. من هذا المنطق كان يتوجب على الملك الابن اتباع ما توصل له الملك الاب، وتثمين فرصة تنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي لارساء السلام وبناء صرح المنطقة المنهكة بالازمات.
عكس هذا، واثناء اعتلائه للعرش راح الملك الابن يروج لشعارات قد تكون ايحاء من الاليزي لأجل الاستهلاك، لكن غرور الشباب اوصله الى درجة الاعتقاد انه بامكانه تحقيق ما عجز عنه اسلافه، وها هو الان يحصد نتيجة ما جال له به خاطره من افكار او بالاحرى ما اقنعه به مستشاريه الذين يحرصون على ديمومه نظام المخزن لضمان مصالحهم. فإستمرار نظام المغرب في الاحتلاله غير الشرعي للصحراء الغربية وعدم انصياعه للشرعية الدولية برفضه تنظيم استفتاء تقرير المصير، الحل المشرف، جعله في عزلة دولية تعصف بكل علاقاته بما في ذلك الاقتصادية، وحتى انه اصبح يحرج حلفائه المقربين من جراء سياساته المتبعة. ان السياسة الدولية اليوم لاتحكمها العواطف ولا العلاقات التاريخية بقدرما تحكمها المصالح والشرعية، وبذلك فان اهم العوامل التي تقود الى نجاح خطط واهداف اليوم هو الاستقرار والسلم، وهذا من الاشياء التي يعمل صناع القرار الدولي على التوصل له في شمال افريقيا الغني بالموارد الطبيعية والذي لن يتأتى الا بتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره واستقلاله.

لقد بخل الملك الابن على بلده التنعم بالسكينة، وخيب آمال شعبه بل وشعوب المنطقة، وبدلا ان يقود اصلاحات عميقة ترقى الى مستوى تطلعات الشعب المغربي المغلوب على امره، اتبع سياسة القهر وتضييق مجال الحريات واستغلال الثروة العمومية وتهريبها. كان اول من طلب من الملك الشاب طي صفحات الماضي السوداء بما في ذلك حل قضية الصحراء الغربية على اساس الشرعية الدولية، هم حلفاءه وواعدوه بمستقبل زاهر، حتى ان الاوروبيين منحوه وضعا متقدما، لكن النظام المغربي لم يف بالوعود التي قطعها على نفسه وبالمقابل اصبح مصدر ازعجاج من خلال الركود وراء الارباح الخيالية لعائدات المخدرات، التي كشفت تقارير ودراسات دولية علاقتها بتمويل الارهاب الدولي خاصة وان اغلبية منفذي عمليات الارهاب والمنتمين للجماعات الارهابية هم مغاربة.
لقد جنى النظام المغربي على بلده، ولم يدخل التاريخ الا بالتي هي اسوأ، وظل شغله الشاغل هو تخريب بلده وخلق الازمات لجيرانه. فالمغرب اليوم ضمن قائمة البلدان الاقل نمو والاكثر انتهاكا لحقوق الانسان ولعل اقرب دليل على ذلك هو تقرير كتابة الدولة الامريكية لسنة 2015، كما ان النظام المغربي متورط في كل المصائب التي حلت بالجزائر، تونس، ليبيا، موريتانيا ومالي وهو الذي وراء اغراق المنطقة بالمخدرات بالتنسيق مع الجماعات الارهابية التي تنشط في الساحل والصحراء وحتى انه من وراء انشاء بعض هذه الجماعات لاستهداف استقرار مخيمات اللاجئين الصحراويين والاراضي الصحراوية المحررة.
ان المغرب معزولا على الصعيد الافريقي، فافريقيا التي احتضنت القضية الصحراوية منذ الوهلة الاولى واسست لخطة الحل الذي اتفق عليه الطرفان، قلقة جدا لعدم انهاء الاستعمار من الصحراء الغربية ومستاءة من تصرفات المغرب الهادفة الى زعزعة استقرار المنطقة، ولذلك اعلنت اصرارها على ان تصبح شريكا فعليا في عملية السلام في الصحراء الغربية الى جانب الامم المتحدة للتسريع بالحل الذي سيسهل مواجهة التحديات القائمة خاصة في في الامن والسلم.
ولقد عمقت الزيارة الاخيرة للامين العام للامم المتحدة، السيد بان كي مون، عزلة نظام الرباط وكشفت النقاب بشكل نهائي عن امتعاض المجتمع الدولي من تصرفاته بسبب عدم توفر ارادة سياسة لديه لحل مشكل الصحراء الغربية على اساس الشرعية الدولية. فالكل اليوم مجمع، بعد التقرير الاخير لبان كي مون، ان مصداقية الامم المتحدة على المحك اذا ما وقف مجلس الامن بالمرصاد امام التعنت المغربي واتخذ خطوات جريئة نحو حل ينهي معاناة الشعب الصحراوي ويضمن الاستقرار في المنطقة.
ان هذه العزلة الدولية الخانقة هي التي دفعت محمد السادس للجوء الى مجلس التعاون الخليجي التي تحكمه السعودية لعل آجاله يكتب لها التاريخ ان تأتي مع من يتقاسمون معه نفس الاهداف في التخريب والقهر والاستبداد. فاسرتي آل سعود الحاكمة في السعودية والعلوية في المغرب هما نتاج الاستعمار، وظلتا على نفس نهجه المرفوض اليوم، وغاب عنهم للاسف الشديد، وهي التي ستكون مصيبتهم في الاخير، ان الشعوب هي التي تصنع الدول، وان الامس ليس هو اليوم، واليوم ليس هو الغد.
بقلم: الديش محمد الصالح

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *