-->

استمرار الازمة بين الرباط ونواقشوط على خلفية تحول المقرات الدبلوماسية المغربية الى مراكز استخبارات تهدد الامن الموريتاني


نواقشوط 27 ماي 2016 (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة)ـ مرت قرابة خمس سنوات على عدم تعيين نواكشوط سفيرا لها في الرباط، ويحدث هذا في ظل ازمة دبلوماسية صامتة سببها الرئيسي تحول السفارة المغربية في نواقشوط والقنصلية المغربية في نواذيبو الى مخابئ سرية لنشاط المخابرات المغربية التي نسجت خيوط سياسية واعلامية لصناعة الراي وتوجييهه وهو ما بات يهدد الامن القومي في موريتانيا.
ويغيب السفير الموريتاني عن الرباط منذ نهاية سنة 2011، حيث كان الرئيس محمد ولد عبد العزيز مع كل حركية تعيين للدبلوماسيين يقوم بتخفيض التمثيل الدبلوماسي لبلاده في الرباط. وهو ما يعتبر في القاموس الدبلوماسي وجود مشاكل بين الطرفين أو على الأقل تعبير عن امتعاض دبلوماسي من مواقف وتصرفات المغرب.
وفي الوقت ذاته، فهذا يعني أن الطرف الموريتاني لم يرى أي مبادرة من طرف المغرب تساعد على ما يعتبره عرقلة لتطور العلاقات بين الطرفين أو على الأقل مصدر قلقه من الرباط.
والمثير أنه أمام هذه الحالة الدبلوماسية التي تصل الى مستوى القطيعة التقنية من طرف نواكشوط، يعمل مسؤولو البلدان على المرواغة بالقول بين الحين والآخر بأن غياب السفير لا يهم وأن العلاقات بين الطرفين متطورة وتعمل على ما يرام. وكان هناك حديث قوي عن تعيين السفير خلال الزيارة التي قام بها السنة الماضية وفد مغربي مكون من وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار ومدير المخابرات العسكرية ياسين المنصوري والمفتش العام للجيش بوشعي عروب.
وقد تجلت الأزمة الدبلوماسية بين موريتانيا والمغرب في مظاهر كثيرة من ضمنها رفض المغرب تسجيل الطلاب الموريتانيين الوافدين للتسجيل في الجامعات المغربية والذين وصل عددهم إلى 800 طالب "من بينهم 80 من الحصة الرسمية التي يدخل تسجيلها في إطار التزامات التعاون بين البلدين". 
وبرزت الأزمة الدبلوماسية كذلك في تعامل السلطات الأمنية مع الأسر الموريتانية التي سافرت إلى المغرب أثناء العطل الصيفية، حيث ضايقتهم السلطات الأمنية في الحصول على أوراق الإقامة وفي إجراءات الدخول والخروج ، وظهر في تعاطي السفارات المغربية في أوربا مع المواطنين الموريتانيين الراغبين في الحصول على تآشر لاجتياز المغرب برا باتجاه موريتانيا عبر المغرب والمناطق المحتلة من الصحراء الغربية.مع صدور احتجاجات عن السائقين الموريتانيين العاملين قرب مركز نواذيبُو الحدودِي مع الصحراء الغربية، لما اعتبروها عراقيل كثيرة تعترضهم عند طلب التأشيرة المغربية، فيما لا يلقَى السائقُون المغاربة تعاملا مماثلا.
وفي مارس 2014 سحبت موريتانيا محمد ولد مكحل، القائم بأعمال سفارتها بالرباط، احتجاجا على تصريحات منسوبة للعاهل المغربي الملك محمد السادس إبّان زيارته الأخيرة إلى العاصمة المالية باماكو، دون الكشْف عن مضمون هذه التصريحات والتأكّد من صحّتها.
وبحسب محللين فأن ما يُريده الرئيس الموريتاني محمد عبد العزيز يتلخص في تعامل الرباط مع نواكشوط بندية وعلى أساس أنها ليست قابلة للإستقطاب، وتذكر هذه الأوساط بتأخر المغرب (من 1964 إلى 1969) في الإعتراف باستقلال موريتانيا، وظهور تخوفات من طموحات مغربية بها مثلما حصل لاحقا مع الصحراء الغربية.
ويمثل موقف موريتانيا من قضية الصحراء الغربية نقطة قوة في مسار العلاقات بين نواكشوط والرباط، وهو ما يعيه المغرب، حيث بادر بدعوة موريتانيا إلى فتح قنصلية لها في مدينة الداخلة المحتلة، وهو ما رفضته نواكشوط، التي تعترف بالجمهورية الصحراوية ولا تعترف للمغرب بالسيادة عليها، واعتُبر نقطة بارزة في مسار التوتر بين البلدين.
إن الموقف الموريتاني من الصحراء الغربية لا يمثل فقط تحديًا سياسيًّا بالنسبة للمغرب، لكنه يمثل أيضًا تحديًا أمنيًّا، حيث لا يمكن التفريق بين الموريتاني والصحراوي، خصوصًا إذا حمل هذا الأخير جواز السفر الموريتاني الذي يمكنه من التنقل في العالم، وفي المناطق المحتلة من الصحراء الغربية وحتى مدن المغرب.
كما يراهن المغرب على المستوى الاقتصادي إذ تمثل إفريقيا الغربية سوقًا مهمًّا للمنتوجات الزراعية المغربية التي يصدرها عبر الصحراء الغربية، ويستنزف خيرات المنطقة؛ ولذلك تبقى موريتانيا هي الشريان الوحيد لتدفق هذه المنتوجات المهمة لسوق الفلاحة .
وإلى جانب ذلك، فإن السوق الموريتانية تعتبر هي الأخرى فرصة أساسية للاقتصاد المغربي، حيث تملك شركة الاتصالات المغربية 61% من أهم شركة اتصالات موريتانية، وهي شركة موريتل.
ومن ضمن العوامل التي يرددها الطرف الموريتاني حول موقفه من المغرب ولكن لا يعلنها بل تتولى وسائل إعلام وسياسيين التعبير عنها، قراره برفض تعيين أي سفير طالما لا يقوم المغرب بتبديل السفير الحالي الذي لديه في نواكشوط، والذي يشرف على العمل الاستخبراتي المغربي الذي يستهدف امن موريتانيا، وهذا يعني أن نواكشوط تعتبر السفير بطريقة أو أخرى “شخصية غير مرغوب فيها”.
وفي تبرير آخر، هو احتضان المغرب خلال السنوات الأخيرة لمجموعة من المعارضين لنظام محمد ولد عبد العزيز، أي المعارضة غير الرسمية التي تنشط من الخارج، ويتهم هذا النظام بعض رجال الأعمال بتمويل منابر من باريس للتهجم عليه.
وفي مقابل برودة العلاقات المغربية الموريتانية شهدت العلاقات الموريتانية الصحراوية تطورا مهما في ظل التنسيق المستمر بين البلدين في العديد من القضايا خاصة الأمنية على الحدود بين البلدين، بالاضافة الى زيارة قيادات من جبهة البوليساريو الى العاصمة نواقشوط واستقبالهم من قبل الرئيس الموريتاني، بالاضافة الى الإعلان عن تأسيس "فريق برلماني للصداقة الموريتانية الصحراوية" بمشاركة الحزب الحاكم ومختلف الأحزاب، الموالاة والمعارضة.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *