-->

عشرون ماي, هل يعيد التاريخ نفسه


في مثل هذا اليوم العظيم من ماي سنة 1973 انتفض الشعب الصحراوي بقيادة الجبهة الشعبية التي لم يمضي على تاسيسها سوى عشرة ايام فقط, متخذة من الكفاح المسلح و العنف الثوري التحريري الاسلوب الانسب و الوحيد لانتزاع حق الشعب الصحراوي في نيل الحرية و الاستقلال ابان حقبة الاستعمار الاسباني آنذاك فقد اثبتت جدية القرار و الموقف في هذه السرعة الوجيزة رغم حداثتها و ضعف معداتها المادية و نقص التجربة القيادية لمنتسبيها الى جانب صعوبة كسب التعاطف على المستوى الداخلي و الخارجي كل هذا و اكثر لم يحز دون اعلان الكفاح قولا و فعلا امام قوة استعمارية تقليدية مثل اسبانية, فاستطاعت ان توجه لها ضربات قوية كبدت المستعمر خسائر فادحة جعلتها تدفع الثمن و تجلس معها على نفس الطاولة تحت اصوات رصاص الثوار رغم محاولة اسبانيا المسارعة لتهدئة الوضع و الابقاء على سيطرتها للاقليم بادخال فكرة الحكم الذاتي لخمسة سنوات و اجراء الاستفتاء الشعبي الا ان قيادة المقاومة الشعبية رفضتها, لتضطر بعدها للرحيل و لم تشأ ان تذهب خاوية الوفاض من خلال توقيع اتفاقية مدريد المشؤمة بين مملكة الجياع و نظام المختار ولد دداه التسلطي.
هكذا تكون قد قطعت الجبهة الشعبية شوطا اوليا ممتازا اثبتت من خلاله جدارتها بسيادة الموقف في المنطقة مما اعطاها سمعة قوية بين الاوساط الشعبية من جهة و مع الدول الداعمة لحركات التحرر من جهة اخرى و يكون قد اثمر مؤتمرها الاول الذي كان شعاره بالبندقية ننال الحرية و اعطى نتائج ملموسة و مكاسب سيخلدها التاريخ, ليتلوها الغزو الهمجي المشترك بين المغرب من الشمال و موريتانيا من الجنوب و يشتد الصراع من اجل معركة البقاء و الحفاظ على السيادة, فكانت نهاية هاته الحرب بتوقيع اتفاقية سلام مع الغزو الجنوبي فكان اشبه بالنجاح ستة 1984 و الاعتراف رسميا بالدولة الصحراوية و بعدها توقيف اطلاق النار مع الجار الشمالي بدل الانسحاب مباشرة و الذي كان خطأ فادح و خسارة موجعة للشعب الصحراوي بالرغم من تشابه هذا الموقف مع ثورة الحليف الجزائري مع الاستعمار الفرنسي لكن و للاسف لم نستفد منها بما يكفي. اليوم ونحن نعيد تخليد ذكرى اعلان الكفاح المسلح توجب علينا ان نقف وقفة تقييم لذواتنا و لمسارنا النضالي لفترة اربعة عقود من الزمن بين حالة الا سلم و الا حرب التي خيمت على الموقف منذ خيبة وقف اطلاق النار سنة 1991 و الدخول في اكاذيب الملك الحسن الثاني و مناورته بهدف استنزاف قوة الشعب الصحراوي و ربح الوقت لنهب اكبر نسبة من ثروات الصحراء الغربية, فلم تكن اتفاقية السلام من البداية سوى خدعة ماكرة ادهشت القائمين عليها, ليدخل الطرفان لسلسلة من المفاوضات العقيمة في ظل تعصب المغرب على افكاره الامبريالية في غياب وسيلة ضغط يمكنها اجباره على الانصياع للدخول في مفاوضات جدية و بدون شروط مسبقة تتيح للشعب الصحراوي حقه في تقرير المصير و في ظل تزايد وتيرة التوترات مع العدو المغربي مع احساسه في كل مرة بخسارته للرهان يقوم باستعراضات لقوته العسكرية و التهديد باجتياح الجدار الرملي لضم الاراضي المحررة التي تستحوذ عليها الجبهة الشعبية توجب علينا رص الصفوف و تهيئة جيشنا الشعبي قبل أي وقت و اعادة الاعتبار له و سد أي فراغ من شانه المس سمعته في الاسواط الشعبية و اعطائه الاولوية في المراتب و تفعيل دوره في عملية البناء المؤسساتي و جعله خط احمر بكل ما تعني الكلمة من معنى.
ان الحديث عن المؤسسة العسكرية يجب ان يتصدر كل الاهتمامات لانه المرجعية الاولى و الاخيرة للشعب الصحراوي و ثورته المجيدة فهو من اجبر العدو على القبول بالاستفتاء كخيار وحيد لا ثاني له و هو من ستكون له الكلمة الاخيرة في هذا المشوار, كما لا يفوتنا ان ننوه بضرورة الاهتمام بضحايا الحرب الذين دفعوا حياتهم فداء العهد من خلال توثيق اسمائهم و ارشفة انجازاتهم و اهم المعارك التي خاضوها و ادراجهم في المناهج الدراسية بالنسباء للشهداء البررة اما جرحى الحرب الذين على قيد الحياة فيجب ضمان حياة كريمة لهم و لذويهم فهم مثال حي لمصير أي مجاهد قد يخوض الحرب في المستقبل و فوق كل ذلك العطاء بدون مقابل لكن ليس في ظل التفاوت الحاصل بين شرائح الثورة.
فهل نحن مستعدين بالفعل لخوض حرب حاسمة لاستكمال المشروع الوطني الذي بدء به الشهداء و استرجاع السيادة و نيل الحرية تنهي مأساة الشعب الصحراوي بالرغم من انها خيار جد صعب و اتخاذه يتطلب التريث و الحرث له في وقت مبكر الرجوع لمعطيات صحيحة لجاهزية الهيكلة العسكرية, فبالرغم من ان الحرب لا رابح فيها بين الطرفين الا انها تبقى ضرورة ملحة فمن بدأها بسبعة عشر رجل قادر على شنها مجددا بنصف المليون و بمعطيات جديدة داخل الساحة و تعدد الجبهات التي نمتلكها اضافة الى ان الشعب الصحراوي لا يوجد لديه ما يخسره في وجه العدو فلا شك بان النصر سيكون حليفنا بلا شك, فقط علينا بمزيد من الجدية في اتخاذ القرار كإعلان 20 ماي المجيد كما لا يجب ان تمضي تهديداتنا بالعودة للكفاح المسلح مهب الريح و من وجهة نظر شخصي لا ارى وسيلة اكثر فاعلية للضغط على المحتل للجلوس مع اسياده على طاولة مفاوضات مباشرة سوى العودة للكفاح المسلح رغم اختلاف وجهات النظر حولها بين مؤيد و معارض تبقى حقيقة يدرك الكل و يجمع حولها كما تجدر الاشادة بالخطوة التي قامت بها الجبهة الشعبية فيما يتعلق بتجهيز الوحدات الاحتياطية قوية من المدينيين قادرة على الذود عن الوطن و الدفاع عن اعراض الشعب الصحراوي و هي في الحقيقة خطوة في مستوى الاهمية و تدل على جدية تهديدات الجبهة للعودة للكفاح المسلح لكن لا يمكنها ان تحل محل التجنيد الاجباري بوجوب اداء الخدمة العسكرية لكل الذكور البالغين. و في الاخير يمكن تسجيل اريحية في صواب القرار الذي سيحدد مصير كافة الصحراويين بفضل الاحادية الحزبية الشاملة لكل اطياف المجتمع الصحراوي والثورة متواصلة و لا يمكن ان تزول ابدا بزوال الاشخاص.
بقلم: البشير مصطفى مفتاح

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *