أبو الوليد الصحراوي كما عرفته. الجزء الرابع
خلال مدة انتظار تغيير الاختصاص التي جمعتني بأبي الوليد الصحراوي والتي دامت سنتين ،تعرفت خلالها على جوانب اخرى من شخصيته،فقد لاحظت بأنه يتعاطى السجائر ،ولم أسأله عن بدايات عهده بهذه العادة السيئة، ولو أني أكاد أجزم بأن الإحباط الذي أصابه نتيجة سوء التوجيه هو الذي دفعه الى هذا السلوك الذي انتهجه عددا من الطلبة في تلك الحقبة كنوع من الهروب من ضغوطات الحياة اليومية،فتناول سجارة من نسيم أو ريم او ليجاند في أفضل الأحوال تنسيك همومك ومتاعبك ولو للحظات عابرة.
وبعد ان جمعتنا الاقدار كمولعين بكرة القدم وبعد ذلك كمصدومين في توجيهنا الجامعي،هاهي تجمعنا أيضا كمدخنين نشترك في السيجارة الواحدة عند ضيق الحال وفي الخرتوشة عند الفرج،فقد كنا نجد متنفسا حقيقيا من واقعنا المر من خلال خيوط الدخان المنبعثة من كل سجارة رغم درياتنا بالمخاطر الصحية والمادية المترتبة عن تعاطي التبغ،فالضرورة لها أحكام.
لاحظت أيضا أن أبو الوليد كان يهتم بأناقته إهتماما كبيرا،فلا يخرج من الحي الجامعي المعروف بالفيرمة إلا وهو في أبهى حلة،شارب وذقن محلوقان على الآخر،ملابس تتماشى والذوق العام، فقد كانت سراويل الدجينز هي المفضلة له بالإضافة الى الأزياء التي كانت تنتشر في الجامعة،فقد كان لكل سنة موضة معينة من السراويل أو الأقمصة أو المعاطف،وكان هو من السباقين في شراء الموضة الجديدة رغم ضيق الحال وضعف المردود المادي للمنحة الدراسة،فقد كان قنوعا صبورا ويفضل المبيت على الطوى ويظله على أن يسأل أحدا يمده أو يمنعه.
اما الجانب الرومانسي في حياة أبو الوليد رغم غزارته وتشويقه إلا أنه يبقى مجرد أسرار غير قابلة للنش،ر وليس لي الحق في سردها حتى لا اكون قد اعتديت من حيث لا ادري على حقوق انسانية وفكرية قد تكلفني ما لا تحمد عقباه.
كل هذه الامور التي عرفتها في أبو الوليد الصحراوي لازالت تدفعني الى التساؤل عن الأسباب التي جعلته ينقلب رأسا على عقب، من إنسان محب للحياة بكل تجلياتها الى إنسان زاهد في الدين ،فبالرغم من ان هذا الامر طبيعي وعادة مايحدث في حياة البشر إلا أني أؤمن أشد الإيمان بأن الاكراهات التي واجهها في محطات تواجود بين ظهراننا بدءا من التوجيه البيداغوجي السيئ له بإعتباره شابا ملتحقا بصفوف الثورة هاربا من القمع والتنكيل المغربي والناجح الوحيد في أول وأخر باكالوريا وطنية بإمكانيات وأدوات صحراوية صرفة،بالاضافة الى عوامل اخرى ذات علاقة بهذه الاكراهات هي التي دفعته وبمحض إرادته الى تبني الفكر الاصولي كنوع من التعبير عن رفض الواقع الذي أصبح أسودا ببن عينيه وهو الذي علق عليه أمالا كبيرة في حياة أفضل.
بقلم الاستاذ:التاقي مولاي أبراهيم