-->

"أبو الوليد الصحراوي" كما عرفته (الجزء الثالث)


تطورت علاقتي بأبو الوليد الصحراوي من علاقة معلم بطالب الى علاقة صديق بصديق، فوجدت فيه نعم الصديق بأخلاقه العالية وتواضعه وبساطته وروحه المرحة ،وقد إستطاع من خلال شخصيته الجذابة بأن يكون صديقا لجميع الطلبة،والكل يرغب في مجالسته ومرافقته في التجوال عبر احياء وأزقة قسنطينة العتيقة،فهو قادر على أن يصنع جوا من الألفة والمرح لكل من يصاحبه من خلال احاديثه الشيقة الممزوجة بروح الدعابة الملازمة له والتي من شأنها ان تنسي كل من يصطحبه الى وسط المدينة او غيره من جنبات مدينة الجسور المعلقة مصاعب صعود وهبوط مرتفعات ومنخفضات قسنطينة المرهقة.
لم يبقى أبو الوليد الصحراوي مكتوف الايدي أمام هذا الواقع،فأعطى عناية بالغة لإكتساب اللغات الحية وبطريقة عصامية،خاصة وأنه كان يتمتع بذاكرة قوية جعلته يستوعب هذه اللغات إستعابا جيدا وبطريقة مثالية الى درجة تجعلك تتصور بأنه درس هذه اللغات في معاهد عليا متخصصة،فتعلم الانجليزية والفرنسية والاسبانية بعزيمته وإرادته وصنع النموذج في قوة التصميم والعزيمة.
وكان أبو الوليد يقظا وحذرا في حياته اليومية،فقد كان يروي لنا في كل صباح جميع الاحداث التي تحدث في غرفة النوم ليلا،فيقول لنا مثلا بأن فلان خرج البارحة من الغرفة على الساعة كذا وكذا وعاد في الساعة كذا وكذا،وفلان شرب من قارورة المياه المعدنية في الساعة كذا وكذا،وفلان بات في كوابس وتنطق بكذا وكذا....الخ،وكنا نستغرب أيما إستغراب من قدراته على الدراية بكل الاحداث التي تحدث في الغرفة ليلا،فقد كان نومه الاغفاء،بمعنى انه لا ينام النوم الثقيل المضر بالصحة والوقت في أن واحد.
وتجددت خيبتنا المشتركة حين ماخاب مسعانا في تغيير الاختصاص،وهكذا قضينا سنة اخرى من المعاناة في جامعة قسنطينة في انتظار امل قد يتحقق أو لا يتحقق في العام المقبل في ظل واقع بيداغوجي وطني لا بقاء فيه الا لمن وراءه أكتاف كما يقال.
بقلم الأستاذة: التاقي مولاي إبراهيم.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *