-->

وفاة الرئيس الصحراوي: أحرار العالم يفقدون أحد رموز السلم وداعية قيم التحرر


فقد أحرار العالم ، بوفاة الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز، يوم أمس الثلاثاء، أحد رموز السلم وواحدا ممن امتشق الكلمة سلاحا لخدمة الحرية والديمقراطية فرهن حياته كلها في سبيل أن يستعيد وطنه وشعبه حقوقهم المشروعة على رأسها حق تقرير المصير والإستقلال.
لقد تبنى الرئيس الفقيد القضية الصحراوية منذ ربيع شبابه، فكانت "القوة، الإصرار والعزيمة" أهم المبادئ التي رافقت دربه ومكنته من تحمل كل المصاعب وتجاوز مختلف العراقيل التي وضعها الإحتلال المغربي في طريقه ورفض مرارا وتكرارا "التخلي أو المتاجرة بقضية" شعبه الذي ما إنفك يجدد ثقته فيه كرئيس وقائد.
-- الكفاح السلمي السبيل الوحيد لبلوغ الهدف المنشود -- 
و يلمس كل متتبع لمسيرة الرئيس الفقيد مدى "حرصه" على سلك كل الطرق السلمية فلم يدع بابا إلا طرقه ولا منبرا في المحافل الدولية إلا إعتلاه مفاوضا ومكافحا من أجل أن يحظى مواطنوه بعدالة دولية تعيد لهم الكرامة، وتسترجع حقهم في تقرير المصير، و ما انفك يدعو الشعب المغربي و حكومته للعمل معا من أجل الإسراع في تنظيم إستفتاء لتقرير المصير "حر نزيه وشفاف للشعب الصحراوي". 
وكان في كل مرة يشدد على ضرورة أن تضطلع المينورسو (بعثة الامم المتحدة لتنظيم استفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي) بالمهام الموكلة لها وتمكينها من آلية تمكنها من "حماية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية ومراقبتها والتقرير عنها".
ولقد شكل هذا المسعى مسيرة النضال الذي تمسك به الرئيس عبد العزيز ، طيلة 40 سنة من الكفاح، حيث تمكن ببراعة السياسي المحنك ونزاهة المناضل الوطني، من إجهاض كل المؤامرات وأفشال كل الدسائس التي حاكها المغرب لضرب وحدة الشعب الصحراوي. 
وأمام لغة السلاح والترهيب والوعيد التي اعتادها الإحتلال المغربي في تعامله مع الشعب الصحراوي فضل الفقيد ، أن يعيش مجاهدا يقود رفاقه إلى سبل الكفاح المشروع، داعيا خصومه لتوحيد كلمتهم "حقنا لدم القربى والأخوة"، فقد كانت خطاباته لا تخلوا من عبارات التسامح والأخوة بين الشعبين ، مطمئنا في إحدى خطاباته المغرب "بأنه سيجد في الدولة الصحراوية ذلك الجار الطيب الصادق المتسامح البعيد عن نزعة الثأر والإنتقام المستعد لتقاسم كل ما يملك مع جيرانه".
كما تميز الرئيس الصحراوي الراحل بقوة شخصيته، حيث استطاع في أوقات الحرب كما السلم الحفاظ على وحدة جبهة البوليزاريو والجيش الصحراوي أمام تماطل المغرب في الالتزام باتفاق تقرير مصير الشعب الصحراوي طيلة 25 سنة من وقف إطلاق النار.
-- العديد من المكاسب الدبلوماسية والسياسية حققها الفقيد محمد عبد العزيز--
إستطاع الرئيس الصحراوي الراحل المكنى بإبن الصحاري، طيلة فترة حكمه رفقة باقي أعضاء جبهة البوليزاريو والمناضلين في صفوفها التعريف بعدالة القضية الصحراوية في مختلف المحافل الدولية حيث تمكنت جبهة البوليزاريو من افتكاك عدة إعترافات هامة بشرعيتها وبكونها الممثل الوحيد للشعب الصحراوي في كفاحه ضد المحتل المغربي لاسترجاع أرضه المغتصبة.
و في خطابه بمناسبة الذكرى الاربعين لتأسيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية قال الرئيس الراحل "بعد أربعين عاما ..ها هي الدولة الصحراوية تستوفي اليوم كل شروط العضوية في الهيئات والمنظمات الدولية" داعيا كل دول العالم "للمسارعة إلى الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ودعم عضويتها في الأمم المتحدة إحقاقا للحق ودعما للسلام واستكمالا لتصفية الاستعمار من القارة الإفريقية".
وقد صمد ومضى المناضل ،سائرا نحو الهدف المنشود، يحشد التأييد لقضيته، ويوسع الاعتراف بها بخطى ثابتة، تركت أثرها بارزا في كل القارات، وفي المحافل الدولية وخاصة الإتحاد الإفريقي وكله إيمانا بأن الدولة الصحراوية المستقلة الكاملة السيادة على ترابها الوطني تشكل "عامل إعتدال وتوازن وإستقرار في المنطقة".
والملفت في شخصية الرئيس الراحل هو النفس الطويل الذي اتسم به ، حيث لم يطرق اليأس يوما بابه وهو ينتظر ساعة الفرج ، داعيا "للسلم كمبدأ استراتيجي وكقناعة نضالية لا بديل عنها". وأكد في العديد من المناسبات قائلا "اننا أكدنا لشعبنا أننا بدأنا حربا طويلة الأمد فكفاحات شعوب مثل فلسطين وجنوب افريقيا ...والجزائر استمرت عقودا من الزمن ... ونحن ككل مرة مصممون ومقتنعون ان النصر قادم ".
فقد رحل الرئيس الصحراوي بعد معاناة طويلة من مرض عضال ، تاركا وراءه سجلا حافلا لا يمكن للشعب الصحراوي ولا للمجتمع الدولي وكل المستضعفين في الأرض أن ينسوا داعية قيم التحرر والتعايش السلمي الذي كسب من قبل تعاطف شعوب العالم والمجتمع المدني والحقوقي لمؤازرة قضية شعبه المشروعة.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *