-->

من هم “الصفاكة”


بات من المشهور ان الصراعات المصيرية الطويلة الامد التي يعتمد حلها على فرض ارادة احد اطرافها على الاخر، تستخدم فيها كل وسائل التأثير على الخصم، عبر حرب في شتى الميادين يضيق فيها مجال الحياد و تشمل المجتمع و تقسمه الى :
1 – موالين لطرف – أ
2 – موالين لطرف – ب
3 – صفاكة” منتفعين باللعب على الاوتار (اصحاب المصلحة الذاتية ) الذين تتجاذبهم امواج الحرب الدائرة بين طرفيها فيصفقون للطرف الذي يوفر منفعة اكبر دون اغلاق باب التصفيق للطرف الاخر في وقت مناسب، اذ انهم اناس ذوو مواقف ليينة يميلون حيث يميل ميزان القوة و ينأون بانفسهم عن المواقف المبدئية المتشددة، لانهم لا يدرون مع اي طرف يستميتون.
وعادة ما تشتمل هذه الفيئة على اشباه مثقفين غير متشبعين بمفاهيم السياسة مهتمين بانفسهم قبل غيرهم (ديار اجمل خالت الى جبر يغني و الى ما جبر يغني) يسبحون في سراب المراهقة السياسية، الى جانب بائعي الضمير و من ينعق بما لا يعي، و نظرا لطبيعة الحرب و قذارتها وتفنن كل طرف في استخدام شتى الطرق و الاساليب لتدمير مقدورات خصمه تأخذ هذه الفيئة بعض الاهتمام لدى اطراف النزاع، مما يجعلها مسرحا لما يشبه الحرب الباردة بين اطراف التأثير في مجالات شتى، منها مجال القناعات و التأثير على وحدة التصور، حين تحاول كل كتلة اللعب على نفسية الاخرى بنعت هرمها من رأسه الى اسفله بمختلف النعوت السييئة و زرع اليأس و القنوط في نفوس قاعدته الشعبية و ضعضعة ولائها , لتخرجها عن طاعتها، و ان لم تستطع استقطابها فعلى الاقل تحاول تحييد الجزء الممكن منها و استخدامه للتأثير على البقية من خلال نعتها بنعوت تأثر على العلاقة، و خلق ثقافة التحرر من الالتزام السياسي و عادة ما تشكل فيئة “الصفاكة” احد الانابيب لتمرير ذلك، لانها تتلون و تتقن إلصاق صفتها بغيرها.( “ما تعرف في نفسك يدلك على الناس” ) و بذلك تحاول اضفاء صبغتها “الصفاكة” على المجتع، مستفيدة هي الاخرى من ذات الخدمة من خلال :
– محاولة التخلص مما يؤخذ عليها في التقاعس عن تأدية دورها في الصراع بتعميم صفتها حتى تكون في وضع اكثر طبيعية.
– وبذلك تسهل عليها مهمة اللعب على الوترين.
– وتحصل بذلك على قيمة اضافية تعطيها امتيازات مستقبلية…الخ.
علما بان حصول ذلك يكون بدون وعي و لا تخطيط قاعدي، و انما تتغذى هذه الشريحة من التساقطات التي تحصل من اطراف النزاع كنتيجة طبيعية لاحتكاك بعضها بالبعض في اغلب الاحيان.
اذن “الصفاكة” هي الشريحة التي لا ترتبط باحد اطراف النزاع بصورة دائمة و تعيش على هامشه تتحين الفرص لتتبوء مكانتها فيه , في الوقت المناسب مع الطرف المناسب.
هذا بصورة عامة، اما بالنسبة لنا و رغم الاختلاف الناتج عن خصائص مجتمعنا إلا ان القاعدة العامة لها تأثيرها على كل حال ، فلو تلافينا الاقرار بوجود الشريحة بذاتها في مجتمعنا ، فإن إرهاصات وجودها تطفو على سطح الحياة السياسية في واقعنا اليومي من حين لاخر، و لو بعفوية، فحين يتجرأ بعض الذين تنطبق عليهم بعض صفات “الصفاكة” على نعت الملتزمين في الميدان ظلما وبهتانا بانهم “صفاكة”، انما هو دليل فيه كفاية على اننا لسنا استثناء مطلقا من القاعدة . لكن “أَلي اشْهُود مِيئَة ما ذَمُّوهْ أَثْنَينْ”. و المقام لا يتسع للخوض في ذلك، و نوكلهم لضمائرهم و نطلب لهم التوفيق من اللّٰه، لعل اللّٰه يهديهم للصواب .
فجميعنا نعرف ان الشعب الصحراوي شعب متسامح، نبيل، بطل وصبور و غيور على وطنه ويترفع جل افراده عن صغائر الامور، يعرف كيف ينزل البلاء على عدوه، متماسك في وقت الشدة، رحيم بالرحماء و شديد البأس على الطغاة، ذكي و يتعلم بسرعة و يتكيف مع احلك الظروف و ادقها، تواق للحرية و الانعتاق، ضمن فضائل اخرى كثيرة، الا اننا ايضا نعلم ان عدوه ماكر و متثعلب و حقود ومنحط و يتقن فنون الخديعة ويسخر كل شيئ للقضاء على مشروعنا الوطني، كما نعلم ايضا ان شعبنا لا تزال ترافقه بعض المخلفات والرواسب الذهنية التي يتسرب عبرها سمَّ العدو و تشكل مَخْتلا لنا يتسلل منه للنيل منقضيتنا. 
و عليه فإننا مطالبون في هذا الظرف الدقيق بجهد جهيد لحماية جسمنا الوطني و زيادة تماسكه بفعالية على اساس تمتين الولاء للوطن الواحد و الشعب الواحد و الهدف الواحد و التنظيم الواحد مما يستلزم وحدة التفكير و التصور في اطار تنظيم الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب و الاعتزاز به و الانحياز له بجذرية و نبذ كل الالفاظ و التصرفات و النظريات الدخيلة والنعوت السلبية التي تفضي الى تشتيت الجهود، كما يتطلب منا الظرف الراهن الترفع عن كل ما لا يليق بالوفاء لعهد شهدائنا الابرار الذين نحن “صفاكة” لهم و متفانون في خدمة الطريق الذي عبدوه بدمائهم الزكية من اجل تحرير كامل الوطن و رفع راية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية على ربوع وطننا الحبيب لينعم شعبنا بتبوء المكانة التي تليق به بين الشعوب و الامم . 
محمد فاضل محمد اسماعيل
Obrero

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *