-->

أزمة صدام


الأزمان تتغير وتتبدل والإنسان مكبل بالتغيير فهو متغير بطبعه من حال إلى أخرى، قد تكون أحسن من الأولى وقد تكون أسوء منها.
بيئته المحيطة به الأسرة المدرسة الشارع المحيط الضيق والأوسع ،هذه هي المناهل المتغيرة التي يتشرب منها كل ماهو متاح ،وهي التي تفرض عليه طابع معين أو نمط معين أو ذوق معين ،ولها دور كبير في توجيه سلوكه وتحديد رغباته وغاياته.
ومجتمعنا بطبعه مجتمع متدين والأخلاق هي الصبغة البارز فيه، مقارنة بمن حولنا، وهذا ليس تحيز بحكم الثقافة، أو الانتماء، إنما هو واقع معاش وملاحظ بحكم عيشنا واختلاطنا بعدة ثقافات، نتيجة عوامل خارجية قاهرة.
نحن كشعب بدوي بطبيعته والبداوة كما قال ابن خلدون اقرب إلى المحافظة والتدين من الحضر، المتمثل في من شاركناهم ثقافتهم، الذين سبقونا إلى الحضر.
وهنا قد نختلف مع ابن خلدون قليلا ونفرق بين الحضر والتمدن فليس كل ماهو حضري متمدن وليس كل ماهو متمدن حضري ، فمن ناحية الحضر فالسبق لهم ، ومن ناحية التمدن والمدنية فالعصر الراهن والقرن الواحد والعشرين يشهد على تجذرها فينا.
فالتدني الخلقي وألا سوية القيم والمعايير والسلوك والقول هي قيم دخيلة علينا شربناها بيد من حولنا عبر الحدود وأثناء الهجر الاضطراري الغير اختياري، بقصد كان أم من غير قصد ،والواقع هو الذي يحدد النية. المشكل المطروح ليس في الأخذ إنما المشكل في نوع الأخذ، والسؤال يطرح نفسه ماذا أخذنا منها ؟ والواقع ولسان الحال يجيب سوء الأخلاق وبذاءة اللسان وذهاب الوقار والحشمة ، وانعدام الاحترام وسوء المعاملة ، والأدهى والأمر من ذلك ظهور الآفات الاجتماعية، إلا أن صوتها المرتفع المزعج مزال لم يدوي بعد ولله الحمد، وهذا ما يعطي أمل في مقدرة المجتمع الصحراوي على استئصالها من جذورها قبل أن تستتب بين أفراده .
بالإضافة إلى تراجع كرم الضيافة الذي كان من أوتار الخصوصية المجتمعية الصحراوية الذي تتغنى به ،ومربط الفرس في المقال أننا أثناء أخذنا لما هو غريب ودخيل علينا لم نراعي الخصوصية التي هي ميزة التنافس الحضاري ،بل كرعنا منها من دون تمحيص ولا غربلة ولا تريث ولا تمييز بين الغث والسمين ، وهذا ما جعل وللأسف الكثير من شبابنا ينصهر ويذوب في هذه الثقافات المجاورة .
هذا الطرح ليس تشاؤما أو تذمرا بقدر ماهو ألم يختلج في نفس أي شاب طموح غيور يرى حال كثير من الشباب قد تلون وبأي لون بعد أن طال به الأمد ،في لج المتغيرات المختلفة .هذه الأدواء والأدوية قادمة فيما سيطرح قادما إنشاء الله.
يا أيها المتحلي غير شيمته
ارجع إلى الحــق إما كنـت فاعـله
ومن خلائقه الإقصــار والملـق
إن التخلق يأتي دونه الخلق
والإنعتاق من تأثير هذه البيئة التي جفلت العامة عن خطئ الخصوصية الثقافية هو المطلب الراقي وهو الذي عليه المعول في نهاية المطاف.
سيدي محمود مولاي أمحمد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *