-->

عندما يطحن الإنسان في مملكة أمير المؤمنين ...


بقلم : سلامة اباعلي 
عاش الشعب المغربي الأيام الماضية على صفيح ساخن ووسط سخط إجتماعي على إثر الأحداث الأخيرة بينما كان " ملك الفقراء " يتباهى بدندنت الطبول ورقص "سوحلى " التنزاني الصاخب ويلتقط صور الموضة الفاضحة على جسده غير المتناسق كما أعتدنا عليه بالنسبة للمراهقين و أصحاب الشوارع، و في محاولة إستعراضية من شأنها أن تلتهم ذوي البشرة السوداء بمغرب الديمقراطية و الحداثة التي تنم عن عبقرية و بنوغ " أمير المؤمنين " في مملكة القانون و العدالة الإجتماعية، كيف لا و كلنا يتذكر أحداث 1958 حين قام الحسن الثاني بقنبلة منطقة الريف، كما أن الذاكرة الجماعية لا زالت تستحضر إنقلاب 1971 و 1977 و إنتفاضة الخبز 1984، ذلك الحدث الذي لا يزال يذكره كل الريفيين، حتى من لم يعيشه من الساكنة يعرفون تفاصيله الدقيقة و كذلك لقب "إنتفاضة الكرامة " الذي التصق بهذه الأحداث، ومن مسبباتها الإحتقان و الصراع السياسي الناجم عن مجموعة من الإعتقالات التي طالت معارضين و محتجين على التضييق و القمع، أما إقتصاديا فقد تسبب في الإنتفاضة غلاء الأسعار و تفشي الفقر الذي أذكاه غلق الحدود مع مليلية بشكل حرم عائلات من مورد وزقهم المستند على التهريب .
و في 2004 وقع زلزال الحسيمة الذي راح ضحيته المئات و أصيب عدد كبير من المواطنين كما سقطت منازل و تضررت البنى التحتية بالمنطقة، ومن المعروف أن لأصحاب الريف نزعتهم الخاصة و معركتهم من أجل الكرامة أليس شعارهم " الكرامة أولا الكرامة دائما" . 
هذا فقط غيض فيض مما عانى منه و لا زال يعاني الشعب المغربي عامة و أبناء الريف على وجه التحديد .
ـ طحن مو ! ... 
وفي سلسلة الأحداث هذه تأتي نازلة وفاة الشاب محسن فكري وخلفياتها السياسية بدءا من طحن شاحنة القمامة لجسد الشاب و عظامه في مشهد أقرب لأفلام الرعب، مرورا بوقوع ذلك في الحسيمة منطقة محمد عبد الكريم الخطابي ...
فاجعة بائع السمك جاءت كالصاعقة لتعكر صفوا جو جلالة الملك في منتجع زنجبار السياحي وفي نفس الوقت أماطت اللثام عن وجه المخزن القبيح وعن ذلك الحقد الدفين، فمن كان يتصور أن يطحن إنسان حي مع الأزبال مثله مثل الذبابة تماما ؟...
و الأخطر بل و الأدهى من هذا وذاك عندما كان الجميع تحت هول الصدمة ينتظر إنزال العقوبة المستحقة على الجناة إنصافا للضحية و إتخاذ العدالة لمجراها ( كما روجت لذلك وسائل إعلام القصر ) ، وقع العكس تمام وكانت الواقعة كالطامة الكبرى أين أحال وكيل الملك المتهمين على القضاء بتهمة القتل غير العمدي في سخرية و إستهزاء تام بأرواح وعواطف المواطن المغربي البسيط .
هكذا إذا يطحن الإنسان مثل الذباب مع الأزبال في مملكة الحداثة و الديمقراطية و القانون والعدالة الإجتماعية وحقوق الإنسان ‼ وهي التي طالما تغنت بالشعارات الرنانة دون أن يكون لها أي أثر على أرض الواقع، ليطرح السؤال الجوهري نفسه و بإلحاح هل هذا عبق تاريخ الريف يفوح من جديد في بلاد الخطابي ؟ ... 
في الختام يبقى عزاؤنا إعتبار الضحية ك "شهيد الحگرة " أليس من قتل دون ماله شهيد ؟ ...

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *