-->

من الصحراء الغربية إلى مؤسسات الاتحاد الإفريقي, الجزائر المغرب.. تعويم الصراع.


تأبى العلاقات الجزائرية المغربية الجنوح إلى الاستقرار.. فبمجرد بروز إشارات تنزع نحو تهدئة التوتر الذي أصبح مزمنا، تنفجر بؤر جديدة تعيد الأمور إلى سابق عهدها، في مسلسل باتت حلقاته محفوظة عن ظهر قلب لدى المتابعين.
وباتت العلاقات بين الجزائر والرباط مثالا للتوتر، فرغم رسائل التهنئة والمجاملات الدبلوماسية التي عادة ما تتكرر عند مناسبات بعينها، إلا أن عمليات الضرب تحت الحزام تتم معها بالتوازي، ويؤكد هذا ما حدث خلال القمة العربية الإفريقية التي احتضنتها عاصمة غينيا الاستوائية، مالابو.
الخلاف الجزائري المغربي لم يتوقف عند تأزيم العلاقات الثنائية فحسب، بل امتد إلى شلّ مؤسسات إقليمية مثل اتحاد المغرب العربي، الذي لم يحقق أي إنجاز منذ تأسيسه في عام 1989، بل امتد حتى إلى الصف العربي، الذي شهد انقساما في قمة مالابو وقبلها ما حدث في قمة البرلمان العربي الإفريقي بالقاهرة، بسبب واحدة من القضايا التي تعتبر من بين أعراض الأزمة، ألا وهي القضية الصحراوية.
وعلى الرغم من مساعي الجزائر المتكررة الرامية إلى إبقاء المسائل التي تنغص العلاقات الثنائية بعيدا، مثل القضية الصحراوية، إلا أن المغرب تصر على إقحام هذه المسألة عند حصول أي تقارب، وهو ما كان وراء عودة الأمور إلى مربع البداية في كل مرة.
فخلال الأسابيع القليلة الماضية، بعثت السلطات الجزائرية بثلاث إشارات إلى نظام المخزن، الأولى جاءت عبر الوزير الأول، عبد المالك سلال، الذي أكد أن “الجزائر مستعدة لحل خلافاتها مع المغرب وفق مقاربة شاملة، تطرح فيها القضايا في حوار مباشر كي يتمكن البلدان من التفرغ لبناء اتحاد المغرب العربي”.
الإشارة الثانية جسدتها رسالة التهنئة التي وجهها الرئيس بوتفليقة إلى العاهل المغربي بمناسبة عيد الاستقلال، التي أكد فيها حرصه على “توطيد العلاقات الثنائية وعلى تمتين علاقات الأخوة والتضامن، بما يستجيب لطموحات الشعبين الشقيقين”.
فيما تمثلت الإشارة الثالثة في اختيار الرئيس بوتفليقة، رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، الذي يعتبر الرجل الثاني في الدولة، لتمثيل بلاده في مؤتمر قمة المناخ الذي احتضنته مدينة مراكش المغربية، وهي رسالة فيها الكثير من الدلالات.
وبينما كانت الجزائر تنتظر إشارات إيجابية من جارتها الغربية تثمن توجهّها نحو التهدئة، تلقت رسالة صادمة من الوزير المنتدب بوزارة الخارجية المغربية، ناصر بوريطة، الذي لم يدخر جهدا في اتهام السلطات الجزائرية بالقيام بمساع لعرقلة انضمام بلاده إلى الاتحاد الإفريقي، الذي غادرت المغرب مؤسساته في عام 1984 عندما كان يسمى منظمة الوحدة الإفريقية، بسبب قبول انضمام جبهة البوليزاريو.
وبعدما ظل الموقف المغربي متجمدا عند اتهام الجزائر بدعم القضية الصحراوية على مدار سنين طويلة، وجد أخيرا منفذا آخر لتبرير استمرار توتير علاقاته مع الجزائر، ألا وهو عرقلة انضمامه إلى مؤسسات الاتحاد الإفريقي، ما يعني أن تأكيد المخزن في كل مرة أن سبب خلافه مع الجزائر هو دعم الأخيرة لجبهة البوليزاريو، ما هو إلا مبرر واه، لأنه ومن هذا المنطلق، حتى ولو حُلت القضية الصحراوية وانضمت المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، فإن الرباط ستجد مشاكل أخرى تدفع بها إلى الواجهة لتبرير اختلاقها المشاكل مع الجزائر.
ما يخفيه المغرب تجاه الجزائر يبدو أنه أبعد مما يثار على لسان مسؤوليه الرسميين، وقد يصل الأمر إلى ما تردد على لسان بعض الوجوه السياسية غير الرسمية، التي سبق لها أن طالبت بأجزاء ترابية حررها الجزائريون بدمائهم أثناء الثورة التحريرية، وهو مطلب برز غداة الاستقلال فيما عرف بـ “حرب الرمال”، عندما حاول الجيش المغربي احتلال مناطق في الحدود الجنوبية الغربية، زعم أنها أرض مغربية.
نقلا عن موقع الشروق اليومي الجزائري.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *