-->

الكركرات: تكريس لسيادة الدولة الصحراوية


بقلم: الديش محمد الصالح
يحتفل الشعب الصحراوي هذه الأيام بالذكرى الواحدة والأربعين لإعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية الذي يصادف يوم 27 فبراير من كل عام، والإحدى والأربعون سنة هي كذلك عمر الاحتلال المغربي للصحراء الغربية الذي كان طعنة في ظهر الشعب الصحراوي من جار وشقيق له عشية فرحته بالانتصار الذي انتظره طويلا بعد انسحاب الاستعمار الإسباني.
يخلد الشعب الصحراوي هذه الذكرى في ظل تكريس للحقيقة الصحراوية وطنيا، جهويا ودوليا، حيث تضاعفت قوة الشعب الصحراوي وازدادت صلابة وصمودا وعزيمة من أجل تحقيق النصر الذي بات قريبا.
وتتزامن هذه الاحتفالات كذلك مع توترات على الميدان كان سببها هو تمرد المملكة المغربية العلني على الشرعية الدولية بدأته العام الماضي بمواجهة مع الأمين العام تلاه طرد المكون المدني من بعثة الأمم المتحدة من أجل الاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) وعرقلة جهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي الهادفة إلى استئناف المفاوضات بين طرفي النزاع ووصولا للخرق السافر للاتفاق العسكري رقم 01 حول وقف إطلاق النار من خلال قيام الجيش المغربي بتعبيد طريق في منطقة الكركرات في الجنوب الغربي يربط الصحراء الغربية المحتلة مع موريتانيا. يحدث هذا في ظل صمت تام للأمم المتحدة المتواجدة على الأرض وعدم تحريك مجلس الأمن لأي ساكن باتجاه القطرسة المغربية، وهو الأمر الذي فرض على جبهة البوليوزاريو أن تتخذ قرارها السيادي في التواجد في عين المكان والتصدي للقوات المغربية والتحكم في الحركة غير المشروعة في تلك المنطقة. 
كل ما في الأمر، هو أن منطقة الصحراء الغربية كانت خاضعة لمسار تصفية استعمار لم يكتمل بسبب رفض المملكة المغربية تنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي وفي تواطؤ واضح من بعض الأطراف الفاعلة في مجلس الأمن. وفي ظل ضبابية أفق التعاطي مع هذا المسار، فقد قرر أهل الأرض الذين يعود لهم الحق في تقرير مصيرهم أن يتصدون بأنفسهم للعدو لكسر جماح قطرسته وليؤكدون أن للارض من يحميها ولايغمض عينيه عنها لحظة واحدة.
كان النظام الملكي في المغرب انجر وراء المعطيات الظرفية في احتلاله للصحراء الغربية وتجاهل ما قد يقوده غباءه في اتخاذه لهذا القرار من خسارة ، وكلما اتيحت له فرصة للخروج من المأزق الذي حشر فيه بلده وشعبه، الا وتغلبت أطماع هذا النظام التوسعية وجشعه على لغة العقل والصواب، وضرب كل التزاماته عرض الحائط. ووصل به الحال إلى أن غابت عنه تلك السنوات ال16 من الكفاح المسلح التي كانت أشد ما واجه المغرب لِما تكبد فيها من خسائر في الأرواح والمعدات، وبحيث انها استنزفت خزينة الدولة المغربية من جراء شراء الأسلحة وتأجير العقول الإسرائيلية، الأمريكية، الفرنسية والبريطانية لتجنب هزيمة كانت محتومة على أيدي أبطال شجعان جعلهم حبهم لوطنهم والتضحية من أجله أن يسجلوا أروع الملاحم البطولية في التاريخ بحروف من ذهب، وهذا بشهادة أمريكية من خلال كتاب " الحرب والعصيان في الصحراء الغربية " الذي نشره معهد الدراسات الإستراتيجية للجيش الأمريكي ماي 2013، والوثائق التي أعلنتها مؤخرا وكالة الاستخبارات الأمريكية والتي تؤكد كلها بأن الجيش الصحراوي تفوق على الجيش المغربي واربك كل الخطط والاستراتيجيات التي كان يُراهَن عليها.
الكركرات، التي يحاول النظام المغربي الغازي من خلالها اليوم فك عزلته الجغرافية عن افريقيا، هي جزء من أراضي الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، ولهذه الأخيرة كامل الحق في اتخاذ أي قرار تراه مناسبا بشأنها طبقا للشرعية الدولية، والمملكة المغربية مطالبة بتنفيذ التزامها بشان احترام حدود الدول الأعضاء الواردة في القانون التأسيسي للاتحاد الافريقي الذي صادقت عليه باعتبار ان الجمهورية الصحراوية عضوا ومؤسسا لهذا الاتحاد.
إن النظام المغربي، ومن وراءه فرنسا، يحاولا ن أستغلال هذا الوضع للفت الانتباه عن ما قام به المغرب منذ مارس من السنة الماضية من تحد لمجلس الأمن وقراراته لعلهما يجدان ما يسوغانه في أفق اجتماع مجلس الأمن القادم والضغط على الأمين العام الجديد لتركيز الجهد كله في نقطة جزئية واحدة وإهمال كل العملية السياسية التي اصبحت مصداقية الامم المتحدة على المحك إذا لم تحقق أهدافها من تواجدها في الإقليم والذي هو تنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي.
إذا كانت الأمم المتحدة عاجزة عن تطبيق مخطط التسوية الاممي- الأفريقي لسنة 1991 والقاضي بتنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي، فهذا يعني لا مناص من القبول بخيار الصحراويين سنة 1976 وتجسيد الدولة الصحراوية التي كان أعلنوها غداة انسحاب الاستعمار الإسباني والتي حققت خطوات كبيرة على طريق البناء المؤسساتي والمجتمعي لا رجعة فيها. هذه الدولة التي يحق لها استعمال كل الوسائل الممكنة لطرد الاحتلال المغربي وبسط سيادتها على أراضيها.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *