-->

ماهي طبيعة المعادلة الامنية الجديدة ؟ وهل حماس قادرة على مواجهة التحدي الأمني الجديد ؟


بقلم : مبــارك الفهيمي 
بعدما كانت حماس وأجهزتها الامنية تسهر على السير العادي للإنتخابات , ومحاولة إيجاد مجموعة حلول لإشكالات داخل الحركة , بالاضافة لتصاعد التوترات داخل القطاع في ظل تنامي الفكر الوهابي الجهادي المساند لتنظيم داعش , والذي دائما ما يهدد الهدنة العسكرية بين حماس و إسرائيل , مما اضطر بالحركة للقيام بمجموعة عمليات اعتقال للمحسوبين على تنظيم داعش داخل القطاع , بالاضافة لحرصها الشديد على الاحتفاظ بأورقها الرابحة في حربها الأمنية ضد دولة الكيان , خصوصا ملف الجنود الاسرائيليين الرهائن لدى حماس منذ الحرب الأخيرة على القطاع وما خلفته هذه الحرب من تدمير للبنى التحتية وقتل للمدنيين العزل . والأكيد أن الحرب الأخيرة كلفت حركة حماس الكثير خصوصا بعد اغتيال توأم الجهاز الأمني للحركة وأحد أذرعة قائد كتاب القسام محمد الضيف وهما أبو شمالة و العطار , فبعد اغتيال هذا الثنائي خسر الجهاز الأمني للحركة دماغين لا يستهان بقدراتهما التي راكماها في سنوات طويلة بسجون السلطة وكذلك قيادتهم لمعارك أمنية معقدة خصوصا صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط أو ما يعرف ب "صفقة وفاء الأحرار " , ولعل ما يثبت هذا الضعف الأمني هو العملية النوعية التي قام بها جهاز الشاباك الإسرائيلي داخل القطاع قبل أيام وبأسلحة نارية ــ كاتم الصوت ــ واغتيال القيادي و الأسير المحرر مازن فقها . فماهي أبعاد هذا الإغتيال ؟ وما الرسائل التي تريد إسرائيل توجيهها للقيادة الجديد للحركة في القطاع بقيادة يحي السنوار ؟ .الصراع بين إسرائيل و حركة حماس لطالما تميز بطبيعته الأمنية , فكل جهة تحاول اختراق الطرف الاخر وإحداث خسائر امنية في صفوفه أو تحقيق اختراقات معينة سواء لمؤسسات أو الوصول لأماكن يصعب التواجد فيها أو التأثير عليها أمنيا , فعودتنا إسرائيل بعد كل حرب على القيام بعمليات اغتيال لقيادات أو أفراد يسهرون على تنفيذ عمليات معينة داخل الأراضي المحتلة أو توصلت بمعلومات عن تأثيرهم في حروب شهدها القطاع فتبادر بتتبع معلومات عنهم وطبيعة تحركاتهم ليعطي نتنياهو الضوء الأخضر لطائرات جيش الدفاع الإسرائيلي للقيام بعملية قصف على هدف معين داخل القطاع وتحقيق نتيجة اغتيال كاملة , فترد حماس بعملية داخل الكيان أو استهداف تكتلات عسكرية على الحدود أو تكتفي بالتهديد و الوعيد , وهو نفس الأسلوب الذي يتبعه حزب الله في لبنان . ولكن دخول مسدسات كاتمة الصوت لداخل القطاع , وإعطاء الضوء الأخضر لاغتيال القيادي في الحركة مازن فقها و المنفذين لم يتم التعرف على هويتهم حتى الان ,فهذا يعتبر فشل أمني كبير للحركة التي ركزت على ترتيب البيت الداخلي في وقت كان جهاز الشاباك يصول ويجول في القطاع , رغم أن السلطات الاسرائيلية التزمت الصمت بعد تنفيذ عملية الاغتيال ولكن هذا لا يلغي بصمات أجهزتها الأمنية في العملية لأن ردة الفعل الاسرائيلية هي نفسها التي اتبعتها بعد اغتيال القائد العسكري لحزب الله عماد مغنية بدمشق في السنوات الماضية ,و لانها ببساطة تعلم أن المعني برسالة الاغتيال ستصله ويفهمها , و المعني بهذا الاغتيال هو القائد الجديد للحركة داخل القطاع يحي السنوار . فلماذا هذا التوقيت ؟ ومن التالي في قائمة الاغتيالات الإسرائلية ؟ .الأجهزة الأمنية الاسرائيلية تهدف من خلال هذا النوع من عمليات الإغتيال أو كما وصفه بيان حركة حماس الأخير ــ الإغتيال الهادئ أو الناعم ــ إلى مسألتين أساسيتن اولهما أن توجه رسالة للقيادة الجديدة أن المعركة الامنية أصبحت تنبني على قواعد جديدة , وأن العملاء في غزة لم يصبح دورهم يقتصر على تقديم معلومات عن تحركات القيادات ومعرفة طبيعة البيئة الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية داخل القطاع , بل تجاوزوا هذا إلى تنفيذ عمليات اغتيال مباشرة ومن مسافة الصفر . و الرسالة الثانية أنه مادامت حركة حماس لها تنظيمتها السرية في الضفة الغربية التي تقوم بعمليات في فترات زمنية متباعدة والتي كان يديرها مازن فقها الذي اغتيل مؤخرا , كما أن صديقه الذي يتواجد حاليا في القطاع عبد الرحمان غنيمات الذي لربما هو الثاني في اللائحة و الدور القادم عليه ,فإن إسرائيل عبر أجهزتها الأمنية قادرة على الوصول لهم و القيام بعمليات نوعية فوق أرض القطاع الذي تديره حركة حماس بقبضة أمنية معقدة التركيب و العمل , مما يعني أن الرسالة الجوهرية موجهة للقيادة العسكرية التي أصبحت تسيطر داخل الحركة , وفرضت شروطها على أجنحة أخرى داخل الحركة . كل هذا لا يلغي أن لدى حماس أوراق رابحة ستوظفها في هذه المعركة الامنية خصوصا أنها أكدت على لسان قياداتها أن عملية الكيان نوعية وسيتم الرد عليها بعملية نوعية مماثلة , مما يؤكد أن المعركة الامنية و الإستخباراتية بين الطرفين ستعرف في الأيام القادمة تطورات مهمة قد تجر القطاع لحرب جديدة ليس للشعب الفلسطيني قدرة على تحملها خصوصا بعد الحرب الاخيرة وما خلفته من ازمة مواد غذائية و طبية , بالاضافة لازمة الكهرباء التي نتج عنها مظاهرات حاشدة واجهتها السلطة بالقمع . كما أن إسرائيل لن تكون الحرب القادمة في مصلحتها لأن لها جبهة الجولان التي تعرف توترات متصاعدة وطائرات الجيش الاسرائيلي لم تعد قادرة كما الماضي على التحليق في الجواء السورية بالاضافة لقلقها الدائم و المستمر من الاسلحة التي يتوصل بها حزب الله في لبنان من طرف حلفائه في إيران و سوريا , بالاضافة للقدرات العسكرية المتطورة التي يمتلكها الجناح العسكري لحركة حماس , وهشاشة المجتمع الإسرائيلي الذي لم يعد يثق في الخطاب السياسي الموجه له من طرف الحكومة .

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *