-->

المناعة ضد صدمات ابريل.. وانفراد الاتحاد الأوروبي بالقضية الصحراوية


المناعة ضد الصدمات
سنبدأ من جديد، منذ نهاية ابريل، في الجري في الدائرة المغلقة التي جرينا فيها ولهثنا 26 سنة ماضية، لكن على ما يبدو سيكون دوراننا، هذه المرة، بأكثر أريحية وأكثر هدوء، فبسبب كثرة دوراننا في السنوات الماضية في هذه الدائرة تولدت لدينا مناعة خاصة قوية ضد صدماتها، وأصبحنا نتعامل معها على أساس أنها جزء من حياتنا، وأصبحنا ننتظر يوم 31 من أبريل من كل سنة لنخلده مثلما ننتظر يوم 20 مايو كي نخلد ذكرى الثورة، وبدل أن نتحدث عن ماذا سيحدث يوم 31 ابريل أصبحنا نتحدث عن ثمن المسمار وثمن الاجور وثمن الاسمنت كي نبني بيوتا بالاسمنت في الملجأ.. لم نعد نغضب ولا نتكلم ولم نعد نُستفز ولا نسأل عن هذه المهزلة التي تتكرر منذ 26 سنة، وتآلفنا معها حتى أصبحت جزءا من قدرنا المحتوم. لم يعد يحركنا ولا يهزنا رحيل أمين عام جديد ولا مجئ مبعوث شخصي جديد، وووصلنا إلى مرحلة الاستسلام لهذا القدر المحتوم الذي لا مفر منه.
سيبدأ الدوران من جديد في نفس الدائرة، لكن هذه المرة بأقل انفعال، وبأقل توتر وبأقل نرفزة وبأقل سؤال وببرودة أعصاب أقل بكثير من ذي قبل. كنا ننتظر ونتوقع ونتحمس ونحبس أنفسنا اياما نستمع للإذاعات، ننتظر التقرير وننتظر من يكون الممثل الخاص الجديد ونخمن ونحلل، لكن بعد أن كان كل شيء ينتهي إلى نفس النتيجة، أنتهى كل ذلك الحماس وذلك التوقع. 25 سنة ونحن نجرب نفس العملية مع الأمم المتحدة ومع كل أمين عام جديد ونصل دائما، في النهاية، إلى نفس النتيجة 100% دون أدنى تغيير. فتجريب العلمية ذاتها أكثر من مرة على أمل الحصول على نتيجة مغايرة يجعلنا نصل إلى نتيجة وهي أن الخلل هو فينا نحن وفي أسلوبنا وليس في العملية ذاتها..
الآن، وهذا ما يتفق عليه الصحراويون كلهم، لا مفر من طلب من الأمم المتحدة أن تضع أجندة زمينة محددة بتاريخ معلوم لتواجدها في الإقليم ولتنظيم الاستفتاء وإلا فإن مجاراتها في هذا العبث سيكون مجرد غباء لا نهاية له. 
هل ستنفرد أوروبا الآن بالقضية؟
بما أنه حان الموعد السنوي التقليدي لنهاية أبريل، نكاد نجزم أننا سنبدأ ندور في الدائرة ميكانيكيا مثلما كنا نفعل منذ البداية دون طلب من الأمم المتحدة وأمينها العام وضع أجندة لهذا العبث المحتوم. فلا توجد مؤشرات ولا تصريحات ولا حملة إعلامية مسبقة توحي أننا سنطلب من الأمم المتحدة أن تضع جدولا أو أجندة لتواجدها في الإقليم.
جَزْمُنا المسبق أننا سنكرر العلمية من جديد وندور في نفس الدائرة، رغم معرفتنا المسبقة أننا سنصل إلى نفس النتيجة السابقة، هو ناتج عن قناعتنا أن أوروبا- الاتحاد الأوروبي- ستنفرد الآن بالقضية لوحدها في الأمم المتحدة. فكما نعلم كلنا أن المغرب رفض هذه المرة أن يكون المبعوث الشخصي أمريكياً بسبب المشاكل التي عانى منها مع بيكر ومع روس، ونعلم أيضا أن البوليساريو تطالب دائما أن يكون المبعوث الشخصي من بلد قوي محايد. النتجية أنه في غياب أهتمام ترامب وإدارته بالقضية الصحراوية، وعدم وضعها في أجندته، فإن هذا شجع الأمين العام الجديد أن يجمع بين طلب المغرب الرافض لمبعوث أمريكي، وبين الموقف الصحراوي المطالب أن يكون المبعوث الشخصي من بلد قوي يقف إلى جانبه، ويعين مبعوثا من المانيا- إذا صحت الأخبار-.
إذن، نحن أمام أمين عام من الاتحاد الأوروبي ومبعوث شخصي من الاتحاد الاوروبي، وهذا يعني أن هذا الثنائي سيعزف نشيدا واحدا موحدا في التعامل مع القضية، وهو النشيد الذي سيلحنه الاتحاد الاوروبي. حين نقول أن الاتحاد الاوروبي سينفرد بالقضية في السنوات القادمة فهذا يعني، بدقة، أن المانيا وفرنسا هما الدولتان اللتان ستنفردان بهذه القضية اليتيمة. ففرنسا لن نتحدث عن موقفها لإنه معروف وتقليدي، وهو موالي للمغرب، أما موقف المانيا فهو غامض كثيرا بالنسبة للصحراويين، لكنه، في كل الحالات، لا يمكن أن يخرج عن التالي: المانيا تفضل أن يبقى المغرب "مستقرا" واقفا في وجه الهجرة نحو الاتحاد الاوروبي ومحتفظا بالصحراء الغربية من أن تستقل الصحراء الغربية ويفقد المغرب استقراره. 
السيد حمدي يحظيه

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *